التعينات الحزبية وتأثيرها السلبي على النسق الإداري لقطاع الثقافة
نص دستور المملكة لسنة 2011 على مجموعة من المقتضيات التي تكرس مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة والنزاهة، وصدرت نصوص تتعلق بالتعيين في المناصب العليا ومناصب المسؤولية، تم بموجبها تخويل الحكومة سلطة واسعة في التعيين في هذه المناصب، بما يمكنها من اختيار الأطر و الكفاءات القادرة على تحمل المسؤولية التدبيرية للمرافق العمومية.
ويتعلق الأمر بالقانون رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.20 بتاريخ 17 يوليو 2012، إضافة إلى المرسوم رقم 2.12.412 صادر في 11 أكتوبر 2012 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 في ما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة، إضافة الى دعوات ملك البلاد محمد السادس نصره الله المتكررة للحكومة إلى القيام بمُراجعة عَميقة لمعايير ومساطر التعيين في المناصب العليا، بما يُحفز الكفاءات الوطنية على الانخراط في الوظيفة العمومية ويجعلها أكثر جاذبية وكما قال صاحب الجلالة ايضا بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الخامسة أن ” انجاح خطة الإنعاش الاقتصادي والتأسيس لعقد اجتماعي جديد يقتضي تغيرا حقيقيا في العقليات وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية..
إلا أن بعض الوزراء يلجؤون إلى الالتفاف على مرسوم التعيين في المناصب العليا , من خلال عدم اقتراح لجان الانتقاء التي يشكلونها أي اسم لشغل المنصب’ حتى تتاح لهم الفرصة بموجب القانون, لاقتراح الاسم الذي يريدونه على المقاس للمنصب المعني، حيث أصبحت هذه الوسيلة الفضلى لبعض الوزراء لتعيين مقربين من أحزابهم’ بحيث يتم تشكيل لجان انتقاء على المقاس، وتقوم هذه اللجان برفض ملفات الترشيح المعروضة عليها’ لكي تمنح الفرصة للوزير لتعيين المرشح الذي يرغب فيه الوزير للمنصب المذكور دون الاكتراث إلى ان القيادة الإدارية الضعيفة تعطل نشاط المؤسسة العمومية, كما ان المعين بالمنطق الحزبي غالبا ما لا يتوفر على مشروع لتنمية القطاع، مخافة ان يضيع منصبه لأنه لم يصل إليه عبر الكفاءة. وتجلت هذه الظاهرة الحزبية في قطاع الثقافي على صعيديها الافقي والعمودي خلال تداخل الصلاحيات المخولة للمسؤولين المركزيين والجهويين مخلفة ارتباكا دائما في الاداء , وغياب النجاعة, والمسوغات في القرارات, سواء التنظيمية والتنفيذية وكذا مساراتها.
لذا فإن الوزير مطالب اليوم قبل الغد، بتفعيل دور مؤسسة كتابته العامة المؤطرة بالمرسوم رقم 2.93.44 المؤرخ في 07 ذي العقدة (29 أبريل 1993) والمتعلق بوضعية الكتاب العامين للوزارات, التي جاءت المواد: الأولى, والثانية, والثالثة , والرابعة, والخامسة, والسادسة لتنظم عملها
خاصة في ظل ما يشهده القطاع اليوم من تدبير إداري طبعته الارتجالية (وطغت عليه كلمة الوزير صاحبي) تمخضت عنه عدت قرارات و تنقلات عشوائية تستدعي من القيمين التدخل السريع لضبط آليات التسيير الإداري لهذا القطاع وضمان نجاعته عبر تفعيل مؤسسة الكتابة العامة وفق ما تنص عليه القوانيين المنظمة، وحث المسؤولين على احترام التراتبية الإدارية. وبالتالي وضوح الرؤية الثقافية واستراتيجياتها, علما أن مواكبه مؤسسة الكتابة العامة بشكل دقيق وواضح مع المسؤولين المركزيين والجهويين، وكذلك الشركاء لتجويد العمل وتبسيط الإجراءات الإدارية وضبطها لتضع القطاع على سكته الصحيحة.