وجّهت سمية نعمان جسوس، الباحثة السوسيولوجية والمتخصصة في سوسيولوجيا النوع الاجتماعي “الجندر”، رسالة مفتوحة إلى وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، حول الحكم الصادر في قضية اغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها 11 سنة من طرف ثلاثة رجال.
وأوضحت سمية جسوس في رسالتها باللغة الفرنسية، الموجهة إلى وزير العدل، أن الأمر يتعلق بحكم فاضح في حق مغتصبي فتاة عمرها 11 سنة!وهي طفلة حملت في عامها الـ12 نتيجة اغتصابها من طرف رجال أعمارهم 25 و32 و37 سنة. فحكمت عليهم المحكمة بسنتين فقط في السجن!

واشتكت جسوس الوزير الوصي على القطاع من هذا الظلم غير المقبول، مشيرة إلى (س) البالغة من العمر 11 سنة، تسكن في دوار قريب من مدينة تيفلت، وطالما رفض أبوها تسجيلها في المدرسة، التي تتواجد خلف غابة وتبعد عن منزلها بـ6 كيلومترات، خوفا عليها من الاغتصاب. لا أن ذلك لم يحميها من التعرض في إحدى أيام سوق الأربعاء، للاغتصاب من طرف 3 رجال من الحي، أحدهم أب متزوج له 3 أطفال، والآخر ابن أخيه/أخته، أما الثالث فهو أحد جيرانهم، بحيث اعتدوا عليها بثلاثتهم وهددوها بقتل عائلتها لصدها عن الإفشاء بجريمتهم.فاغتصبوها بشكل متكرر.

وتابعت : “وطالما قام المغتصب الأب بأمر ابنة أخيه/أخته بجلب الضحية إليه، مما يجعلها مساهمة في عمليات الاغتصاب هذه، مع العلم أنها في نفس عمر الضحية!وخوفا من تهديدات معذبيها، التزمت الضحية بالصمت. ولكن، في إحدى الأيام، لاحظ أحد المجرمين حمل الفتاة أثناء خلعه لملابسها، فانتشرت الإشاعة في الدوار حتى قام أحد الجيران بإخبار الأب، فقامت جدتها بأخذ الفتاة إلى الطبيب، فكُشف بأنها كانت حامل في شهرها الثامن. فحافظت الضحية على صمتها، مما دفع الأب إلى التوجه نحو الدرك الذين اكتشفوا الحقيقة البشعة بعد تأمين حماية الابنة. فتم اعتقال المعتدين، ثم توجه الأب بعد ذلك إلى وكيل الملك بتيفلت الذي قام بتوجيهه إلى محكمة الرباط وبعد 15 يوم، أنجبت الطفلة صبيا.

فتوجهت الفتاة وهي حاملة ابنها بين يديها إلى المحكمة برفقة أبيها وجدتها، بحيث التقت بمحسنة اسمها سهام، والتي وصفت اللقاء كالتالي: “لقد كنت في المحكمة من أجل إحدى القضايا عندما التقت عيناي بعيني طفلة حاملة لرضيع وذات نظرة تتسم بالإرهاق والرعب، إضافة إلى حزن هائل، وكان ظهرها منحنيا من شدة وزن الرضيع، فاقتربت منها ثم اكتشفت قصة مأساتها الرهيبة”.

فأخذت هذه المحسنة على عاتقها التكفل بحالة الفتاة.

وأخبرتني مريم عثماني، رئيسة جمعية إنصاف (INSAF) التي تتكفل بدعم النساء العازبات: “لقد عرفنا هذه الحالة انطلاقا من وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث قامت امرأة تأثرت بالمأساة بنشر الخبر مع إدراج رقم هاتفها وهاتف أب الضحية، فقمنا بإرسال أخصائيتين اجتماعيتين إلى منزل عائلة الضحية لرعاية الفتاة وابنها”.

فقامت سهام، التي تقطن بالرباط، بالذهاب إلى دوار الفتاة وجلبتها عدة مرات إلى مقر جمعية إنصاف بالدار البيضاء، بحيث قامت الجمعية بالتكفل برعاية الفتاة وابنها من حيث توفيرها بطبيب، إضافة إلى أخصائي نفسي وطبيب أطفال وملابس وحليب للرضيع… إلخ، كما تم تسجيل الابن في الحالة المدنية. وسيبقى الدعم مستمرا إلى حدود استقلالها التام.

وأضافت مريم عثماني: “بما أنها لم تتلقى أي تعليم من قبل، فقد قمنا بتفعيل قناة للتضامن بفضل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين التي أدرجتها في مدرسة الفرصة الثانية”.

وبعد مرور قرابة سنة، لا زالت الضحية البالغة من العمر 13 سنة تتابع دراستها، بحيث تعود إلى بيت أسرتها في كل نهاية أسبوع للاعتناء بابنها.

فهي الآن مضطرة إلى عيش حياتها بأكملها حاملة لجرح مفتوح، وهي مجبرة على محبة صبي وُلد نتيجة عنف دنس، كما يجب عليها أن تواجه نظرة المجتمع، والتي لا تكون دائما نظرة متسامحة.

أما ابنها البريء الذي لم يختر أن يولد، فسيعتبر دائما كمواطن غير شرعي. بل أسوء من ذلك! فقد تعرفت الخبرة الطبية عن طريق الحمض النووي على أبيه كأحد من المغتصبين، ومع ذلك، فبعد محاكمته ووضعه في السجن بسبب انتهاكه للفتاة وإصابتها بالحمل، فلا يوجد أي قانون يقوم بإجباره على الاعتراف بابنه أو إعطائه اسمه أو الاعتناء به: أمر فظيع!

وما هو أفظع من ذلك هو الحكم بسنتين في السجن في حق هؤلاء المغتصبين، مع دفع اثنان منهم 20,000 درهم والآخر 30,000 درهم للضحية، لا أكثر من ذلك.

سيدي وزير العدل، فأنا لست دارسة للقانون، فأنا مجرد مواطنة مصدومة، منذهلة وغاضبة؛ وأنا على يقين بأن كل قارئ لهذه الرسالة سيشاركني هذه المشاعر، بما فيهم أنتم سيادة الوزير، ولكنني غير قادرة على استيعاب منطق هذا الحكم. فعلى حد علمي، القانون المغربي يعاقب بشدة جريمة الاغتصاب.

الفصل 486 من القانون الجنائي يُعَرّف جريمة الاغتصاب: “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها”، فهل، يا ترى، اعتبر القضاة هذه الانتهاكات المتكررة من طرف عصابة منظمة مكونة من 3 رجال راشدين لفتاة قاصرة عمرها 11 سنة كمواقعة رضائية الأطراف؟

ووفق الفصل ذاته، إذا كان عمر الضحية أقل من 18 سنة، يعاقب الجاني بالسجن من 10 إلى 20 سنة، أما في حالة افتضاض المجنى عليها، فيعاقب وفق الفصل 488 من نفس القانون بالسجن من 20 إلى 30 سنة؛ وهو أمر بعيد كل البعد عن حكم السنتين الذي أصدرته المحكمة.

علاوة عن ذلك، فقد وقعت هذه الانتهاكات من طرف عصابة منظمة وبشكل متكرر، مما يستوجب الرفع من حدة الأحكام الصادرة في حقهم.

وفضلا عن ذلك، فقد أكدت الضحية مساهمة ابنة أخ/أخت أحد المغتصبين القاصرة في الاغتصاب، فلماذا لم يتم الإقرار باتهامهم بهتك قاصر؟ فعلى حسب علمي، فإن قيام عم/خال ورفيقيه باغتصاب فتاة مع حضور ابنة أخته/أخيه القاصرة يعتبر هتك لقاصر، والذي يعاقب عليه الفصل 484 من القانون الجنائي بسنتين إلى 5 سنوات في السجن. بل أنا أشك في عدم تعرض هذه الابنة الأخ/الأخت بدورها للعنف الجنسي. لقد صدمت الفتاة إلى جانب محسنيها من هذا الحكم غير العادل.

فقد أدى ما تبقى لها من الحظ في مصيبتها هذه إلى الالتقاء بسهام، والتي ثمنتها مريم عثماني قائلة: “لا تدخر هذه السيدة أي جهد من أجل تقديم (س) وعائلتها بعض من المساعدة، فلو ذهبنا جميعا على نهجها لقل الشر بعض الشيء في هذه الأرض”.وقام محام معروف بنضاله من أجل حقوق الإنسان بالتطوع للطعن في الحكم. وأنا آمل، معالي الوزير، أن تتمكن هذه الفتاة وعائلتها من أخذ نصيبهم من العدل.