فيصل العرايشي، المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة المغربية، كان قد اعلن، بعد رمضان الماضي مباشرة، عن الحذف النهائي للسيتكومات الكوميدية من البرمجة الرمضانية في القنوات التلفزية العمومية. التصريح الذي أدلى به خلال اجتماع أمام ممثلي الامة في البرلمان خلال اجتماع للجنة التعليم و الثقافة و الإتصال بتاريخ 25 ماي 2021.
العرايشي قال بالحرف: “قررتُ العام المقبل التخلي عن السيتكوم وسنبرمج المسلسلات. لأنه وصلت لخلاصة أنه بالنسبة لشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة  لن يستمر السيتكوم بهذه الطريقة”. و أكّد: “يا إما صناع السيتكوم يقدموا لينا نصوص جيدة من حيث الكتابة يا إما بلاش”.
و الظاهر أن هذا الكلام الذي تناقلته العديد من وسائل الإعلام لم يكن إلاّ تصريحا من أجل امتصاص ظرفي لحالة السخط الشعبي الذي يتكرّر كل سنة . وذلك بسبب المستوى الهزيل للسيتكومات التي تنتجها الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة المغربية. فضلا عن التساؤلات التي تُطرح بخصوص دفاتر التّحملات وطلبات العروض و طريقة توزيعها على الشركات المنفّذة للإنتاج. وكذا وسائل مراقبة  لاطوهات التصوير و منهجية كتابة النصوص.

رأي “الهاكا”

و كانت الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري ”الهاكا” قد  أصدرت بتاريخ 04 يونيو 2020  بيانا ترد فيه على شكايات المواطنين بخصوص الإنتاجات الرمضانية وخصوصا السيتكومات منها. تقول فيه: “شدّد المجلس الأعلى على أهمية وضرورة التفعيل المناسب والأمثل للآليات الداخلية المنصوص عليها في دفاتر تحملات متعهدي الاتصال السمعي البصري خصوصا العموميين المرصودة لدعم التفاعل مع الجمهور.  واستطلاع انتظاراته وتقوية الإنصات لتطلعاته إزاء العرض السمعي البصري” .
“الهاكا” بهذا ىالبيان تعطي لاستطلاع انتظارات المواطنين و الانصات لتطلعاته أهميّة قصوى تضاهي التشديد على ضرورة التفعيل المناسب و التطبيق الأمثل لكلّ ماهو منصوص عليه في دفاتر التحملات و طلبات العروض.
و رغم تأكيدات السيّد فيصل العرايشي، المسؤول الأول عمّا يُبث على القنوات المغربية العمومية، تُطالعنا القناة الثانية بسيتكوم “زنقة السعادة” الذي تمّت برمجته في وقت الذروة.  و هو ما شكّل مفاجأة للعديد من المتتبعين للبرمجة الرمضانية لهذه السنة. السيتكوم الذي لم يخرج عمّا ألفه المغاربة من وجوه و ارتجالية في النصوص و طريقة أداء أغلب الممثلين المفتعلة و المواضيع “الكوميدية” المصطنعة.
و لم يتوقّف الأمر عند تكرار نفس التصوّر الفنّي للديكورات و كيفية التناول الدرامي للمواقف و الاحداث. فقد لاحظ متخصصون في الكرافيزم استعمال طاقم ما بعد الإنتاج Post-production للسيتكوم لأحد النماذج المجانية على logiciel after effect الخاص بعمليات المونطاج و الكرافيزم. و هو ما يعد بالنسبة لمصممي الكرافيزم المحترفين استسهالا و “فضيحة” تعكس اللامبالاة التي يتعامل بها المنتجون الفنيون لمثل هذه الأعمال. و ما على المشكّكين إلا مشاهدة المشهد الأوّل من الحلقة الاولى من السلسلة للتأكّد من ذلك.
رمضان,الهاكا,العرايشي

فما هو “الجديد” الذي أقنع فيصل العرايشي بالعدول عن تصريحاته العام الماضي؟

من المعلوم أن الجهات المنتجة تعتمد بشكل أساسي على الإشهارات التجارية لمختلف المنتوجات للترويج للسيتكومات . و هي بذلك تختار ممثلين من “الصف الأول” têtes d’affiche” لبطولة مثل هذه الأعمال لتبثها للمتفرجين/المواطنين في أوقات الذروة. و عليه فإنّ اختيار الممثلين لا يخضع بالضرورة لمقاييس فنيّة واضحة. و هو السبب الذي لا يتوانى المسؤولون في سرده كلّما علّق أحد المتابعين للموضوع.
الكفاءة الفنيّة لعدد من الممثلين في السيتكوم  مثل جميلة الهوني، حسناء مومني و عبدالصمد مفتاح الخير لا تناقش. فقد أظهروا علو كعبهم في أعمال درامية أخرى تجعلنا نفتخر بهم.  لكن الارتجال و الاستسهال الذي يميّز مثل هذه الانتاجات يؤثّر بالضرورة على المستوى الفنّي العام. و هو ما يعطي للمنتقدين مبررات للهجوم عليها.
سيتكوم “زنقة السعادة من بطولة الممثل محمد الخياري الذي تعوّد على النّهل من ريبيرتواره التشخيصي المعتمد على تحويرات كلامية و تعبيرات جسدية صارت “ماركة مسجّلة” بإسمه. طريقة أداء نمطيّة تجرّ معها الهويّة الفنيّة و الدرامية للأعمال التي يشارك فيها. كما تزيد ارتجالاته الواضحة من ترهّل النصوص و المواقف و الحوارات.
 لكن في هذا السيتكوم، حمل لنا الخياري “جديدا” فنيّا” لعلّه أراد من ورائه مفاجأة المشاهدين. فشخصية “سي عبد القادر المومتي” تتميّز بتسريحة شعر/غرّة (الڭ‍صّة كما يناديها المغاربة). تسريحة شعر غرائبية” ليس لها أي دور درامي و لا جمالي في العمل.
رمضان,الهاكا,العرايشي رمضان,الهاكا,العرايشي رمضان,الهاكا,العرايشي رمضان,الهاكا,العرايشي
فهل بهذا “التجديد” الفنّي سنرفع من المستوى الفنّي للسيتكومات في المغرب؟
و هل تسريحة شعر/ ” ڭ‍صّة ” الخياري هي التي أقنعت فيصل العرايشي للتراجع عن قراره ؟