قال أحمد لحليمي العلمي، المندوب السامي للتخطيط، إن النموذج التنموي للفلاحة في المغرب يجب أن يتغير لاستيعاب عدد أكبر من اليد العاملة. ودعا إلى دعم بروز صناعة تحويلية متوسطة تقودها المقاولات المتوسطة والصغيرة بهدف خلق فرص الشغل والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام.

وأشار لحليمي في لقاء حول التشغيل، أمس الثلاثاء في العاصمة الرباط، إلى أن “ضعف الإنتاج للقطاع الفلاحي يؤثر على الوضعية الاقتصادية ككل”. لافتا إلى أن القطاع الفلاحي يُشغل 40 في المائة من اليد العاملة في المجمل لكنه يساهم فقط بـ12 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي.

وذكر المندوب السامي للتخطيط أن إنتاج هذا القطاع يتسم بالضعف. وهو ما ينتج فائضاً في اليد العاملة التي تضطر للعمل في أنشطة ذات إنتاجية أضعف،. الأمر الذي يساهم في تضخم وتوسيع دائرة الأنشطة غير المهيكلة، نسبة منها في التجارة الصغيرة مثل الباعة الجائلين، وهي مظاهر تكبر في مواسم الجفاف الذي أصبح اليوم مستداماً.

لحليمي شرح أن وضعية الفائض في اليد العاملة الناتجة عن القطاع الفلاحي، بسبب عدم قدرته على الاستيعاب، تسبب انخفاضا في إنتاجية الاقتصاد وانخفاضاً في الأجور. وقال إن القطاعات التي عرفت ارتفاعا في الإنتاجية، مثل الصناعة والتجارة ذات القيمة المضافة، لم تسجل ارتفاعا في الأجور.

صناعة تحويلية

لمواجهة معضلة الفائض في القطاع الفلاحي، دعا لحليمي إلى تشجيع بروز صناعة تحويلية تقودها المقاولات المتوسطة والصغرى. لتفادي توسع دائرة الأنشطة غير المنظمة التي عبر عن رفضه تسميتها “القطاع غير المهيكل”؛ لأن “مصطلح القطاع يعطيها مشروعية”. بحسب تعبيره.

وأورد المسؤول الأول عن الإحصائيات في المملكة أن الأنشطة غير المنظمة ظاهرة أفقية تشمل جميع القطاعات. مثل الصناعة والفلاحة والتجارة، وتتميز بساعات عمل أكثر وأجور أقل. و قال: “العمل في هذه الأنشطة مفروض على الناس ولم يكن ذلك باختيارهم. وعلى كل قطاع أن يعمل على إدماج هذه الأنشطة”.

المندوب السامي للتخطيط تحدث عن مفارقة لافتة تميز بعض القطاعات، مثل الصيد البحري، الذي قال عنه إن إنتاجيته ترتفع بنسبة 4.4 في المائة سنوياً. لكن الأجور فيه تنخفض بـ1.7 في المائة. وفسر ذلك بأن صاحب رأس المال لديه قدرة تفاوضية أكبر في ظل وجود فائض من اليد العاملة، وبالتالي لا يضطر لرفع الأجور بل يخفضها.

وحذر لحليمي من تداعيات عدم ارتفاع الأجور مع ارتفاع معدل التضخم. كاشفا أن هذا الأمر يتسبب في انخفاض الاستهلاك، وبالتالي التأثير على النمو الاقتصادي، لأن الاستهلاك يعتبر من المحركات الرئيسية للنمو، ودعا إلى تآزر بين الصناعة الكبرى والقطاع الفلاحي لدعم الصناعة التحويلية وخلق فرص شغل أكثر.

وأكد أن “النموذج التنموي الفلاحي الحالي يجب أن يتغير ليستقطب أكبر قدر ممكن من اليد العاملة. لأن القطاع غير المهيكل يضم 67 في المائة من اليد العاملة في البلاد. أكثر من نصفها في القطاع الفلاحي، و80 في المائة من النساء”.

الهبة الديموغرافية

المندوب السامي للتخطيط اعتبر أن مسار النمو السكاني، الذي يصطلح عليه بالهبة الديموغرافية (Aubaine démographique)، لم يتم استغلاله بما يكفي، وحذر من أن دائرته ستغلق في سنة 2038، وهو ما يعني أن المغرب يتوفر على وقت قصير للقيام بالإصلاحات الضرورية للاستمرار على الأقل في استغلال هذه النعمة. المتمثلة في وصول عدد كبير من الأشخاص البالغين سن العمل إلى سوق الشغل.

المعطيات التي كشفت عنها المندوبية بخصوص الشغل في المغرب “مفيدة جداً لأي حكومة”، يقول لحليمي. مضيفا: “لا يجب على أي حكومة أن تتجاهل هذه المعطيات. لأنها تتيح إعداد سياسات للنمو والتشغيل وإدماج اليد العاملة الفائضة عن القطاع الفلاحي في أنشطة ذات قيمة مضافة عالية”.

وأكد المندوب السامي أن المغرب يتوفر على يد عاملة وكفاءات وعقول وعاطلين عن العمل بشهادات عليا، وهي فرصة مهمة جداً وجب استغلالها لتحقيق النمو الاقتصادي. خصوصا مع توفر شروط عدة. منها الاستقرار والموقع الجغرافي على مقربة من أهم الأسواق الإفريقية والأوروبية والأميركية,

 

عن هسبريس