توقعت أجهزة المخابرات الغربية وخبراء عسكريون أن يستنفد الجيش الروسي قدراته القتالية قريبا ويضطر إلى وقف هجومه في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا.

وقال مسؤول غربي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لصحيفة واشنطن بوست: “سيأتي وقت تصبح فيه التطورات الصغيرة التي تحققها روسيا غير مستدامة في ضوء ما تتكبده، وستحتاج إلى وقفة كبيرة لاستعادة قدرتها”.

وتأتي التقييمات رغم التقدم الروسي المستمر ضد القوات الأوكرانية. بما في ذلك الاستيلاء، الجمعة، على مدينة سيفيرودونتسك، أكبر مركز حضري تسيطر عليه روسيا في الشرق.  منذ شن هجوم دونباس الأخير قبل نحو ثلاثة أشهر.

ويعد سقوط سيفيرودونيتسك، التي كان يقطنها ما يربو على 100 ألف نسمة. لكنها صارت الآن مدينة أشباح. أكبر انتصار لروسيا منذ سيطرتها على ميناء ماريوبول الشهر الماضي.

ويمثل ذلك تحولا في ساحة المعركة بشرق أوكرانيا بعد أسابيع لم يسفر خلالها تفوق العتاد الروسي سوى عن مكاسب محدودة.

تقدّم روسي نسبي في أرض المعركة

ومن المرجح أن تنظر روسيا إلى سيطرتها على سيفيرودونيتسك على أنه تبرير لتحولها من محاولتها المبكرة الفاشلة في “حرب خاطفة” إلى هجوم شرس لا هوادة فيه. باستخدام مدفعية ضخمة في الشرق. ويقترب الروس الآن من مدينة ليسيتشانسك المجاورة، على الضفة المقابلة لنهر سيفرسكي دونيتس. ويمنح الاستيلاء عليها سيطرة كاملة تقريبا على إقليم لوغانسك. ومنذ فشل هجوم القوات الروسية على العاصمة كييف في مارس، فيما وصفته بأنه “عملية عسكرية خاصة”. ركزت موسكو ووكلاؤها على الجنوب ومنطقة دونباس. وهي منطقة شرقية مكونة من لوغانسك وجارتها دونيتسك.

وتقول موسكو إن لوغانسك ودونيتسك، حيث دعمت الانتفاضات بهما منذ عام 2014، دولتان مستقلتان، وطالبت أوكرانيا بالتنازل عن كامل أراضي المنطقتين للإدارات الانفصالية. ويمثل الاستيلاء على ليسيتشانسك تحديا لأنها تقع على أرض مرتفعة فيما يعيق نهر سيفرسكي دونتس التقدم الروسي من الشرق. وعوضا عن ذلك، يبدو أن القوات الروسية عازمة على تطويق المدينة من الغرب، والضغط على الجنوب الشرقي من بلدة إيزيوم والشمال الشرقي من بوباسنا على الضفة الغربية للنهر.

ووفقا لما تتحدث عنه قنوات روسية على تطبيق تلغرام ونائبة وزير الدفاع الأوكراني، آنا ماليار، يتعرض الجيش الروسي لضغوط للسيطرة الكاملة على لوغانسك بحلول يوم الأحد، وربما يفسر ذلك الزخم المتزايد في الأسبوع الماضي.

ويقول المسؤول الغربي الكبير إن هذا التقدم “الزاحف” يعتمد كليا تقريبا على إنفاق كميات هائلة من الذخيرة، لا سيما قذائف المدفعية التي يتم إطلاقها بمعدل لن يتمكن أي جيش في العالم تقريبا من تحمله لفترة طويلة.

خسائر روسية واضحة

غير أن روسيا لا تزال تعاني خسائر فادحة في المعدات والجنود. مما يثير تساؤلات حول المدة التي يمكن أن تستغرفها في الهجوم. حسبما قال المسؤول. ويرفض المسؤولون تقديم إطار زمني. إلا أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أشار، هذا الأسبوع، نقلا عن تقييمات استخباراتية، إلى أن روسيا ستكون قادرة على مواصلة القتال فقط “للأشهر القليلة المقبلة”. ثم قال في مقابلة مع صحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية: “يمكن لروسيا أن تصل إلى نقطة لم يعد فيها هناك أي زخم للأمام. لأنها استنفدت مواردها”. ورغم الانتكاسات في ساحة المعركة، حصلت كييف على دعم الغرب الذي فرض عقوبات على روسيا ويرسل أسلحة إلى أوكرانيا.

وكان للحرب تأثير هائل على الاقتصاد العالمي والترتيبات الأمنية الأوروبية. إذ أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز والنفط والغذاء، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تقليل اعتماده الشديد على الطاقة الروسية. كما دفع فنلندا والسويد إلى السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

ومن المتوقع أن يقدم قادة دول مجموعة السبع دعما طويل المدى لأوكرانيا ويبحثون كيفية تضييق الخناق على روسيا في قمة تبدأ الأحد وتستمر ثلاثة أيام.