من قال إن هناك أزمة وأن المغاربة يعانون من تبعات الفيروس..؟ السيارات المغربية الفارهة في الكوستا ديل سول الإسبانية وماربيا ونواحيها تتزاحم في الطرقات وكأنه لا سياح في إسبانيا غير المغاربة.. هي في الغالب سيارات من الرباط والدار البيضاء.. العاصمة معقل كبار الموظفين والمسؤولين.. والدار البيضاء معقل رجال المال والأعمال.. ثم سيارات مرقمة بتطوان طنجة.. إنه صراع العمالقة بين لصوص المال العام وتجار المخدرات.. ثم يقولون للناس إن هناك أزمة بسبب تبعات الفيروس.

في قلب الإغلاق العام بسبب الفيروس كم سيارة رولس رويس دخلت المغرب..؟ نتمنى من مصلحة الجمارك أن تخبر المغاربة بذلك. وفي الأيام القليلة الماضية دخلت شاحنات بكاملها تحمل في جوفها سيارات فارهة عذراء.. يعني بصفر كيلومتر.. وسيريق بنزينها أصحابها من “الألبّة” الذين يعيشون بيننا لكنهم ليسوا منا ولا معنا.. إنهم مغاربة بدم أزرق.

كنا نتمنى من الجمارك أن تتوقف عن إصدار بلاغاتها الجافة حول “الارتفاع الملموس” للمداخيل، وبدل ذلك تعطينا تفاصيل أكثر حول الانخفاض الملموس للعقلاء في هذه البلاد، حيث تزداد الفوارق الطبقية بين المغاربة بشكل مخيف..

وقبل بضعة أسابيع، ومباشرة بعد نهاية الإغلاق، أقيم عرس مجنون في وزان في مصاهرة بين صاحب مقالع وبين فرعون الصفقات العمومية.. في الحفل كان سعد لمجرد الذي غنى بضع دقائق بثلاثة ملايين درهم.. ووجوه أخرى كثيرة، كل مغن لم يحصل على أقل من مليون درهم.. إنها الأزمة أيها المغاربة.

وقبل ذلك، وفي عقد القران بين الأسرتين الكريمتين جدا، كان اللبناني راغب علامة الضيف الأبرز، الذي جاء بعقد إذعان حدد فيه حتى نوع الشراب الذي يحب، وأخذ مليوني درهم ورحل.

نتمنى أن يخبرنا صاحب المقالع الذي جاء بسعد لمجرد وراغب علامة ولطيفة رأفت ونجاة عتابو وآخرون وفرّق بينهم قرابة ملياري سنتيم هل أحجار المقالع تأتي بكل هذا المال..؟ فكل ما نعرفه هو أن المقالع قتلت المواشي وأصابت البشر بالأمراض وسممت المياه الجوفية لمنطقة الزينات بضواحي تطوان.. التي يرأس جماعتها برلماني من حزب أخنوش.. حزب “تستاهلو احسن..” .

وفي مشاهد أخرى من عربدة الفوارق الطبقية بين المغاربة، تكاثرت السيارات الصيفية الغريبة الأشكال التي يركبها مراهقون ينتمون لأسر كانت بدورها تحت الإغلاق.. لكنها ظلت فوق المجتمع.. فأزمة الإغلاق أكذوبة كبيرة لتهدئة المزاليط وغسل أدمغتهم، فقد فرخ الفيروس مليارديرات جدد يلعبون بالمال.. بل يستفزون ملايين المغاربة وينفخون على النار المشتعلة في النفوس.

وحتى الكلاب “الراقية” تكاثرت في شوارع المدن المغربية.. الكلاب حظوظ.. الفقراء يقتسمون لقمة العيش مع المالينوا والبيرجي ويربونها في السطوح والكراجات.. لسبب غامض.. والأغنياء ينامون مع الكانيش في فراش واحد…
أما التبييض فهو على أشده.. المقاهي الفاخرة في كل مكان.. شيء طبيعي.. فالتقارير الرسمية الإسبانية تقول إن هناك فائضا غير مسبوق من الحشيش في الجنوب الإسباني، فترة الإغلاق عرفت فتوحات عظيمة لمهربي المخدرات وأعوانهم.. المغاربة كانوا مرعوبين داخل بيوتهم.. والمهربون كانوا يفتحون البلدان والأمصار.. وطبعا لن ننسى لصوص المال العام والذين اغتنوا من وراء إشاعة الرعب بين الناس. أخافوا المغاربة بالفيروس ونفضوا جيوبهم.

هناك ظاهرة أخرى ملفتة، وهي كل هذا العدد من النساء اللواتي يقدن “الكات كات”.. لقد أصبحن أكثر عددا من سائقي سيارات الأجرة. وراء كل امرأة تسوق الكات كات رجل خائن، أو مهرب أو لص.. يشتري واحدة لزوجته وأخرى لعشيقته.. فيحقق العدل المبتغى .

بعد الإغلاق أصبح المغرب منقسما أكثر اجتماعيا وماديا، وحتى نفسيا. أغلبية الناس يقيسون كل صباح ثقل علبة البوطاغاز وعلبة الزيت.. ومغاربة لا يعرفون ما يفعلونه بأموالهم الخرافية.. مغاربة لم يهمهم أين وصل سعر البنزين.. ومغاربة يسلكون أقصر المسافات لقضاء أغراضهم بسياراتهم بسبب هذا البنزين اللعين.

لقد دخلت البلاد مرحلة النفخ في النار.. إنهم ينفخون فيها بشدة..

بقلم عبدالله الدامون

المساء