يُواصل استمرار إغلاق الجمارك التجارية على الحدود البرية مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، توتير الأجواء بين الحكومة الإسبانية من جهة، والأحزاب السياسية من جهة ثانية، سيّما وأن المدينتين تكبدتا خسار مالية بالجملة جرّاء استمرار الخنق الاقتصادي على الرغم من إعادة فتح سلطات المغرب وإسبانيا الحدود البرية في 17 ماي 2022، بعد عامين من الإغلاق، بسبب تفشي جائحة كورونا والأزمة السياسية غير المسبوقة التي ألمّت بالعلاقات الثنائية في وقت سابق.

 

وفي هذا الإطار، أعلن حزب الكرامة والمواطنة في سبتة، الذي يدعم مشروع سوزانا دياز السياسي للترشح في الانتخابات العامة المقبلة، أمس السبت، بدء جمع توقيعات تندد بمجلس النواب الإسباني بإخلاف حكومة بيدرو سانشيز للوعود التي قطعتها بشأن إعادة الحياة للحدود الجمركية البرية بين المدينتين المحتلتين والمغرب، في ظل استمرار طوابير الدخول والخروج لساعات طوال على مستوى معبر تارخال.

 

 

 

ونقلت “أوروبا بريس”، عن الحزب الذي تقوده فاطمة حامد، تنديده بعدم وجود جمارك تجارية على مستوى معبر تارخال في كلا الاتجاهين، وذلك على الرغم من عودة العلاقات المغربية الإسبانية منذ ما يزيد عن السنة، وتبنّي الحكومتين سياسة التسويف دونما تحديد موعد واضح وصريح وقار لفتح الحدود الجمركية المنتظرة.

 

واستنكر الحزب، استمرار واقع “الطوابير الطويلة” على مستوى المعبر، معتبرا إياها إهانة خالصة لساكنة سبتة، الذين يمرون عبر الحدود، والتعليمات الصادرة عن وفد حكومة الحزب الاشتراكي فيما يتعلق بإخراج المنتجات والمواد الغذائية التي تمر عبر المعبر”، إذ لا يُسمح للأجانب، سواء كانوا من الإسبان أو من دول أوروبية أخرى، ممن يدخلون عبر الحدود البرية لمليلية وسبتة، بأخذ أي شيء معهم لاستخدامهم الشخصي أو كهدية.

 

وشدّد الحزب على أن هذا الوضع لا يجب أن يصل إلى وزارة الخارجية الإسبانية فحسب، بل يجب تعميمه لدى جميع الفاعلين من أجل التحرك في اتجاه تصويب الأمور، لهذا ستنطلق عملية جمع التوقيعات من مواطني سبتة والراغبين في حلحلة هذا الملف بشكل نهائي ومناقشته لدى مجلس الإسباني.

 

وأضاف الحزب “لطالما شدّدنا على أهمية أن يستحضر أطراف الكونغرس الوطني وبرلمانيوه مصالح أهالي سبتة وقد أظهروا في العديد من المرات التزامهم الجاد اتجاه القضايا المهمة لمواطني هذه المدينة على غرار الحدود” مضيفا: ” ولهذا نرغب في الدفاع عنها مرة أخرى من منطلق ومنظور سياسي ومحلي، فمسألة فتح الحدود الجمركية قضية ذات أهمية حيوية للحياة اليومية ولأهل سبتة ونرجو إعطاءها الأهمية اللازمة على المستوى الوطني وزيادة الوعي بأهمية فتحها في أقرب وقت ممكن “.

 

 

ويأتي جمع التوقيعات، الذي يقوده حزب الكرامة والمواطنة في سبتة، في وقت كانت مخرجات الدورة الـ12 من الاجتماع رفيع المستوى المغرب-إسبانيا، قد أكدت على قرار إعادة تنشيط المكتب التجاري لمعبر “بني أنصار”، وفتح المكتب المستحدث في معبر “تراخال”، دون أن تُحدد موعدا قارا لذلك.

“تعثر” رغم التفاهمات..

وحسب البيان المشترك الذي صدر عقب انتهاء القمة فقد اتفق البلدان بخصوص هذه النقطة على “مواصلة المضي قدماً بطريقة منظمة، مع التطبيع الكامل لحركة الأشخاص والبضائع، بما في ذلك المقتضيات الملائمة للمراقبة الجمركية ومراقبة الأشخاص على الصعيدين البري والبحري، أخذاً بعين الاعتبار خلاصات الاختبار النموذجي الذي تم القيام به في 27 يناير الماضي؛ ومواصلة هذه السلسلة من الاختبارات وفقاً للجدول الزمني المتفق عليه للتغلب على كل عراقيل محتملة”.

 

و رغم محاولة التواصل مع وزارة الخارجية المغربية، ونظيرتها الإسبانية بهذا الخصوص، وحول احتمالية إعادة فتح الحدود الجمركية بين البلدين تزامنا مع فصل الصيف المقبل وعملية “مرحبا2023″، غير أنه وإلى حدود كتابة هذه الأسطر لم تتوصل بأي رد بهذا الخصوص، ليبقى بذلك الغموض سيد الموقف بشأن هذا الملف ككل والذي أثار الكثير من التجاذبات والأخذ والرد في الجارة الشمالية.

 

وكان وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، قد أكد لرئيس حكومة الحكم الذاتي في سبتة المحتلة، فيفاس، خلال اجتماع بينهما في مقر الوزارة بالعاصمة الإسبانية منتصف شهر فبراير الماضي، أن فتح الحدود الجمركية بين هذه المدينة وباقي الأراضي المغربية “يعد قرارا لا رجعة فيه، وسيكون منظما وتدريجيا”.

 

ويريد رئيس حكومة سبتة تجارة منظمة تخضع للشروط الجمركية، بدل التهريب الذي كان سائدا من قبل، وكان يتم بشكل فوضوي. وشدد فيفاس في الوقت ذاته على ضرورة الاستمرار بفرض التأشيرة على كل المغاربة الراغبين في الدخول إلى مدينة سبتة لتكون مثل باقي إسبانيا والفضاء الأوروبي، معتبرا أن “فرض التأشيرة على المغاربة كان له آثار إيجابية على استقرار المدينة في منطقة حساسة”.

 

عن الصحيفة