في بلاغ للمرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين – باعتباره مؤسسة مدنية مختصة في قضايا المنظومة، أورد أنه يتابع  بألم شديد و اهتمام بالغ ما يروج في بعض مؤسسات التعليم العالي من حالات تحرش بطالبات، من قبل قلة قليلة من الأساتذة الباحثين بها، بلغ حد وصف هاته الحالات ب ” الجنس مقابل النقط “ أو الرشوة الجنسية “ .

وقال المرصد الوطني أن الجامعة بنيات لإنتاج  و نشر المعرفة و العلم  و تكوين الأطر و فضاءات للنقاش الحر، معبرا عن افتخاره بمستوى الأطر التي تخرجت بتأطير من هؤلاء الأساتذة في شتى العلوم و المجالات خلال كل المراحل التي قطعها التعليم العالي المغربي.

وأضاف بخصوص ما يروج داخل بعض المؤسسات الجامعية ، أن المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين يثمن دعوة وزير التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار، رؤساء الجامعات و مدراء و عمداء مؤسسات التعليم العالي، للحرص على تطبيق مقتضيات ميثاق التدبير الإداري في المؤسسات بالحكامة المطلوبة ليس فقط في مجالات بعض الانحرافات من هذا أو ذاك ، و لكن كذلك في مجال التطبيق الفعلي و الحقيقي لمقتضيات تدبير و تسيير المرفق العمومي ، و من ذلك طبعًا عدم التستر على أي انحراف وأي مظهر من مظاهر الفساد بشكل عام .

وشدد المرصد، على موقفه الراسخ والمتمثل في رفض و إدانة أي شكل من أشكال الفساد داخل الحرم الجامعي، أيا كانت الجهة الصادرة عنه ، و كيفما كانت الحالة ( الجنس أو المال مقابل النقط ، أو الجنس أو المال مقابل التسجيل في إحدى الأسلاك ، أو الجنس أو المال مقابل التوظيف …)

وجدد التأكيد على أن هذا النوع من الأحداث، والتي تقع اليوم في بعض المؤسسات في تصرفات غير محسوبة العواقب من طرف البعض القليل من الأساتذة الباحثين ” الفاقدين للتجربة ” أو  أصحاب الحالات المرضية ” يسيء لأدوار و رسائل التعليم العالي، و يضرب المنظومة في قلبها وطنيا و دوليا، مع إيماننا الراسخ بأن قرينة البراءة هي الأصل ..

ودعا المرصد الوطني للتربية والتكوين ، إلى تظافر الجهود لمحاربة والقضاء على هذا الفساد بشتى أنواعه ، وذلك في إطار ترسيخ دولة الحق والقانون في تناغم تام مع مكتسبات دستور 2011.

وبهذا الخصوص فإن المرصد الوطني وهو يدين كل انحراف أو انزلاق داخل الحرم الجامعي ، يعتبر أن النيابة العامة باعتبارها جزءا من السلطة القضائية هي المؤهلة حصريا لتلقي الشكايات والوشايات لما في ذلك من ضمانات مسطرية لكل الأطراف  ، فقانون المسطرة الجنائية و هو ينص على أن وكيل الملك أو الوكيل العام للملك يتلقى حسب الحالة الشكايات والوشايات فإنه لم ينصرف مدلوله لإسناد هذه الصلاحية لجهة إدارية حيث إنه يمنع على أي جهة أخرى ممارسة اختصاصات قضائية أصيلة من صميم وظائف النيابة العام.

و بالنظر لمبادرات بعض الجامعات بإنشاء خلايا انصات و تلقي الشكايات ، سجل المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين أنها مبادرات قد توحي بأن جامعاتنا أصبحت عاجزة عن الاجتهاد، مبرزا أنه بهذا “نجد أنفسنا نسير تدريجيا نحو منح السلطات الإدارية سلطات قضائية لا حق لها في ممارستها ما دامت لا توفر أي ضمانة للتحقق من مصداقية الشكايات والوشايات ومتابعة المتلاعبين بالقانون سواء تعلق الأمر بالطرف المدعي أو بالطرف المدعية عليه”.

واعتبر المرصد ذاته، أن هاته المبادرات ستصبح جزءا من المشاكل، وليس طرقا للحلول ما دام القائمون عليها من مكونات الجسم الجامعي، وأن هذا  النوع من المبادرات سيفقد  الجامعة المغربية أهم سماتها المميزة و المتمثلة في الاحترام المتبادل و أخلاق العلم و العلماء وتكوين الفرد على أساس المواطنة حقوق و واجبات .

وفي هذا الصدد، دعا المرصد إلى إعمال المساطر القانونية داخل كل المؤسسات الجامعية في احترام تام للصلاحيات الممنوحة لها مع المحافظة على استقلاليتها ، كما أثار الانتباه إلى أن مفهوم الرقم الأخضر يرتبط بقطاعات عديدة تقدم المعلومات اللازمة للراغبين في تقديم الشكايات  ، دون أن يمتد مجاله إلى شؤون قضائية..

و انطلاقا من كل ذلك ، فإن المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين ، طلب من  رئاسات الجامعات التي أعلنت عن وضع رقم أخضر لتلقي  شكايات المفترض أنهن ضحايا تحرش جنسي ، التراجع عن هذا الإجراء لأنه ليس من اختصاص الأساتذة الباحثين القيام بذلك ، و لا تتوفر الشروط التشريعية والمادية و البشرية و التقنية لتكفل الجامعة بالقضية، و يشجع كل متضرر أو متضررة على التوجه الى الجهات المختصة بشكاية مكتوبة معلومة الهوية قصد إعمال مقتضيات القانون ؛ و في المقابل ، و انطلاقا من كون الجامعة  فضاء حرا للتكوين و التأطير وجب على مكوناتها جعل كل حالات الفساد موضوعا لنقاش عمومي مبني على البعد الأكاديمي ، والعلمي ، و الأخلاقي ، و بذلك نجنبها  مسألة قيامها باختصاصات موكولة أصلًا للنيابة العامة ، و هذا  كفيل لوحده بتحقيق الأغراض المتعلقة بالرقم الأخضر لتلقي  الشكايات ضد كل شكل من أشكال الفساد ، سواء تعلق الأمر بفساد مجتمعي بصفة عامة أو فساد جامعي بصفة خاصة.