من ينصف ضحايا مخيم اكديم ازيك أمميا؟!
هذا السؤال بات اليوم يطرح نفسه بقوة، و بملحاحية مع التحركات التي يتم القيام بها بين الفينة و الأخرى ضد المغرب باستعمال ملف اكديم ازيك و المعتقلين منهم ممن تمت محاكمتهم في محاكمة شهدت شوطين، شوط أول تم بالمحكمة العسكرية، و الثاني جرت أطوارها داخل غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط بعد أن تم نقض الحكم و أحيل من حديد على محكمة مدنية كنتيجة طبيعية للتعديل الذي تم على قانون العدل العسكري الذي لم يعد يحاكم أمامه المدنيين، مما أدى إلى استفاد المعتقلين الذين تمت محاكمتهم على خلفية الأحداث البشعة الأليمة التي راح ضحيتها 11 فرد من أفراد القوات المساعدة و الوقاية المدنية و الدرك الملكي ممن تم قتلهم بدم بارد و التنكيل بهم و تشويه جثثهم في مشاهد لم نرى لهم مثيل إلا من خلال الممارسات الارهابية لداعش، من هذا التعديل التشريعي و أُعيد محاكمتهم بموجب ذلك.
لن أعود الآن لأطوار المحاكمة التي كنت حاضرا فيها بصفتي عضوا في هيئة الدفاع عن ضحايا المخيم ممن مازالت أسرهم تعاني نفسيا و اجتماعيا في صمت، رغم أن ما جرى بالمحاكمة يحتاج لأن يُخرج للرأي العام الوطني و الدولي بكل تفاصيله الإجرائية و المسطربة خاصة على مستوى القرارات المتخذة من طرف الهيئة القضائية التي كانت تباشر الملف، بسبب أن بعض تفاصيلها الإجرائية هي اليوم موضوع تضليل من طرف من الجهات التي تريد استغلال هذا الملف للضغط على المغرب و الذي يتم إثارته مع كل منعطف يعيش فيه خصوم المغرب حالة حصار سياسي دولي و إقليمي، إذ يتم استغلاله للتنفيس لتحريك ورقة من تم محاكمتهم في الملف على خلفية تلك الأحداث الأليمة، و لو بقلب الحقائق و تزييفها.
مناسبة هذا الحديث ليس إثارة المواجع على أسر الضحايا، و لا تأليب الرأي العام على من تم إدانتهم في المحكمة، لأننا نعتبر أن المحاكمة قد تمت و قال القضاء كلمته و انتهى الموضوع، بل للتنبيه إلى ما يجري و سيجري من محاولة تزييف الحقائق، و التلاعب بها من طرف منظمات تعتبر نفسها “حقوقية” التي عمدت إلى تقديم شكوى بالمغرب للجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة تدعي فيها تعرض بعض المعتقلين من معتقلي المخيم للتعذيب و انتزاع الاعتراف منهم بالقوة أثناء الإستماع لهم حسب البلاغ الذي أصدروه يوم الخميس 9 يونيو 2022!!
هنا لابد من تقديم التوضيحات التالية و لو بشكل مختصر على أنه سيكون لنا عودة للموضوع التفصيل فيه بشكل أكبر:
– ما جرى بالمخيم لم يكن لا ثورة و لا انتفاضة و لا عمل نضالي، و لا من قام بارتكاب تلك الأفعال مناضلين حقوقيين، بل ما حدث هو عمل إجرامي خطير انطلق بالسطو على المخيم و التحكم فيه بالسلاح الأبيض و سيارات رباعيات الدفع،و تحويل المعتصمين من المدنيين فيه لرهائن لدى هذه الميليشيات التي تسللت للمخيم.
– أفراد الدرك الملكي و الوقاية المدنية ممن قضوا حتفهم، تم الإعتداء عليهم بالسلاح الأبيض و دهسهم بسيارات رباعيات الدفع، و التبول على جثثهم و التنكيل بها في مشهد لم تمارسه حتى داعش، و لم يسلم من هذا الاعتداء حتى افراد الوقاية المدنية الذين يتمتعون بحماية القانون الدولي حتى في لحظات الحرب و يعتبر استهدافهم و ليس فقط قتلهم بالشكل الذي تعرضوا موجب للإدانة و المحاكمة، و ليس المطالبة بإطلاق سراحهم كما فعلت هذه المنظمات التي تصف نفسها بالحقوقية.
– تفكيك المخيم تم بشكل سلمي، إذ استعملت فيه العصي، و لم يسجل على أفراد القوات المساعدة و لا الدرك الملكي أنهم قاموا باستعمال الأسلحة أو تفكيكه بالعنف، بل منذ انطلاق العملية و الدولة ملتزمة بالسلمية أمام عتاة المجرمين ممن سلحوا المخيم، ليتعرض أفراد الوقاية المدنية و الدرك الملكي و القوات المساعدة لأبشع أصناف التقتيل الوحشي.
– المحاكمة حضرتها منظمات وطنية و دولية، و وفرت لهم المحكمة الترجمة الفورية مجانا رغم أن القانون لا يلزمها بتوفير المترجمين لهم،و بحضور نقباء من نقابات دولية، شكلت تقاريرهم شهادة على كون المحاكمة تمت في أجواء محترمة لمعايير المحاكمة العادلة، كما حضر المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أعد آنذاك تقريرا مفصلا حول المحاكمة يمكن اعتباره مرجعا و وثيقة شهادة على ما جرى أثناءها، أكثرمن ذلك تقارير المنظمات “الحقوقية” الانفصالية التي حضر بعض نشطاءها لأطوار المحاكمة تقاريرهم لم تحتوي على ما يمكن أن يشير بشكل جدي إلى كون المحاكمة كانت غير عادلة.
– بخصوص إدعاء التعذيب، يمكن القول و بدون مبالغة -و انا كنت حاضرا في المحاكمة- أن المتهمين عندما تشبثوا لحظتها بتقديم طلب إجراء خبرة طبية “لإثبات” واقعة تعرضهم للتعذيب أثناء مرحلة البحث و التحقيق معهم كانوا يعتقدون أن المحكمة سترفض هذا الطلب، و بُنيت حملتهم الدعائية آنذاك على ذلك، لكنهم فوجئوا بقبول الهيئة لهذا الملتمس بإصدارها أمرا تمهيديا بإجراء خبرة طبية وفقا لمعايير اسطنبول عُهدت لأطباء خبراء مشهود لهم بالكفاءة المهنية ،الاستقامة و الحيادية،و و لم يتم الاكتفاء بالتقارير بل تم استدعائهم للمحكمة و الاستماع لهم و لكل الشروحات الطبية التي تقدموا بها أمام المحكمة و أمام الجمهور الذي كان حاضرا خاصة المراقبين،و أمام وقع هذا القرار و الإجراءات المتخذة علاقة بادعاء التعذيب على من هم يتحركون اليوم في أروقة مجلس حقوق الإنسان رفض غالبية المتهمين آنذاك إجراء الخبرة و من قام بها أثبتت نتيجتها أن كل ادعاءاتهم مجرد زيف.
– المنظمات الدولية التي تحركت اليوم فهي تتحرك دائما في توقيت يكون مدروسا جدا لتحريك ورقة حقوق الإنسان بالصحراء بطرحها لموضوع ادعاء التعذيب،فهي لا تقوم بذلك إلا بعد أن تكون قد احترقت لديها أوراق أخرى كانت تتلاعب بها،لقد انهارت أمامهم ورقة توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان و احترقت ورقة “سلطانة خايا”التي لم تحصل على أي اعتراف أممي بالوضعية التي كانت تدعي أنها تعيش فيها رغم الحملة الإعلامية الكبيرة التي رافقت مسرحياتها، لذلك لحين فبركة ملف آخر يتم العودة لمثل هذه التحركات السياسية برمي ورقة “التغذيب”.
– المنظمات التي تقدمت بهذه الشكاوى، لم تكلف نفسها يوما عناء التواصل مع جمعية أصدقاء و أسر ضحايا مخيم اكديم ازيك،أو مع رئيسها،أو مع أي أسرة من أسر الضحايا تختارهم بشكل عشوائي لتستمع لروايتهم، و للحقيقة الأخرى المزعجة لخصوم المغرب من ممتهني أكل الأموال باسم حقوق الإنسان، و تستمتع لمعاناة أسر الضحايا و لما تعرض له أبناءهم أثناء تفكيك المخيم من قتل، عنف، و تبول على الجثث و تشويهها و التنكيل بها في مشهد لا آدمي!! و هو ما لم يتم و لن يتن لأن هؤلاء لا تهمهم لا المحاكمة العادلة و لا التعذيب و لا حقوق الإنسان، بل ما يهمهم هي الأجندات السياسية التي يتحركون بها داخل مجلس حقوق الإنسان.
هذه الملاحظات السريعة، و الأولية حول التحرك الأخير للجمعيات التي تقودها زوجة أحد المعتقلين ممن يعتبرون الرأس المدبر لهذه الأحداث، بتنسيق مع خصوم المغرب ممن يوفرون كل الإمكانيات المالية لهم للقيام بكل ما من شأنه أن يزعج المغرب، و يشوش عليه، هي مجرد نقط ضمن صفحات يجب أن تكتب و تنشر داخل المغرب و بمجلس حقوق الإنسان لفضح كل المتلاعبين بحقوق الإنسان و مبادئها الكونية، و لكشف حقيقة ما جرى بالمخيم، و ليعلم العالم حقيقة من ارتكب هذه الأفعال الإجرامية و خلفياتهم و المخطط الذي أرادوه من المخيم والذي كان ضمن أجندة كبيرة تهدف لزعزة السلم و الأمن بالمنطقة في محاولة لجر المغرب نحو الاشتعال جنوبا لتقسيمه و لو بسفك دماء الأبرياء،و اول خطوة هو أن تقوم أسر الضحايا َ أصدقائهم بمراسلة اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب بشكل تلقائي لتوضيح الحقيقة و لو بشكل تلقائي و أن يتم من جهة أخرى إعداد رد واضح، و شاف على كل هذه الادعاءات يتم إرساله لنفس اللجنة مع استغلال النقاشات التي تتم داخل مجلس حقوق الإنسان و الجمعية العامة التي تتيح للجمعيات التحدث فيها لمخاطبة المنتظم الدولي أن يعاد طرح موضوع ضحايا مخيم اكديم ازيك داخلها لكشف الحقيقة و تعرية من يخونها أمام المنتظم الدولي.