كما تمت الإشارة إليه سابقا، في هذا الملف الخاص، يتناول موقع (المغرب 35) الخدمات الصحية في أفق رؤية النموذج التنموي، ونقدم لكم هذا الملف على جزئين، تناول أولهما الوضعية الراهنة والانتظارات، ثم رؤية 2035
فيما يضم الثاني والأخير وهو الذي بين أيديكم اليوم، تحدي المرحلة الذي تطرحه التغطية الصحية، وأثر رؤية 2035 على البرنامج الحكومي، وكون هذا المشروع بالأساس مشروعا ملكيا
إقرأ أيضا : الخدمات الصحية، الطريق إلى رؤية 2035 / الجزء الأول
التغطية الصحية، تحدي المرحلة
بحسب الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، فقد ارتفع معدل التغطية الصحية الأساسية للساكنة من 16 في المائة سنة 2005 إلى 70.2 في المائة سنة 2020، أي ما مجموعه 25.2 مليون مستفيد من كافة الأنظمة
وأوضحت الوكالة أنه ضمن هؤلاء المستفيدين ما يفوق 11.17 مليون مستفيد من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و 11 مليون مستفيد من نظام المساعدة الطبية.
وأضافت أن الهدف يبقي هو بلوغ نسبة 100 في المائة من ساكنة المغرب، لا سيما من خلال إدماج العمال المستقلين الذين يشكلون 11 مليون مستفيد، وكذا إدراج المستفيدين حاليا من نظام المساعدة الطبية، أي ما يمثل 11 مليون مستفيد في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، (ما مجموعه 22 مليون مواطن)، وذلك متم 2022.
وأشار الوكالة الى أنه منذ إحداث نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض حتى اليوم، تم تسجيل تطور واضح ليس فقط على مستوى معايير النظام، ولكن أيضًا على مستوى التكفل بالمرضى، لا سيما خلال تفشي جائحة كوفيد -19 (كشف اختبار كوفيد – 19، الاستشفاء ، التلقيح، إلخ… ).
كما عرفت آليات الضبط و التحكم الطبي في النفقات تطورا ملموسا، حيث ارتفع عدد الأدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض من 1000 دواء خلال سنة 2006 إلى 4850 دواء خلال سنة 2020، تضم 3015 دواء جنيس (65 في المائة )، يضاف إلى ذلك عدد الأرقام الوطنية الاستدلالية الممنوحة لمهنيي الصحة والمؤسسات العلاجية بالقطاعين العام والخاص، الذي ارتفع من 5324 سنة 2007 إلى 50.000 رقم استدلالي حاليا.
وارتفع عدد الشكايات التي تمت معالجتها من طرف الوكالة، في إطار مهمتها المتعلقة بالتحكيم بين مختلف الفاعلين في النظام، من 328 شكاية سنة 2011 إلى 10255 شكاية إلى غاية اليوم.
وسجلت الوكالة أن النظام لا يزال يعاني من بعض الإكراهات المتعلقة على وجه الخصوص بتعدد الأنظمة، والفوارق بين معايير هذه الأنظمة (سلة العلاجات، معدل الاشتراكات…)، إلى جانب حجم المصاريف التي يتحملها المؤمن والتي تصل إلى 31.5 بالمائة بالقطاع العام و 37.6 بالمائة بالقطاع العام ، ونقص تمويل النظام الصحي.
وقد شرعت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي في تحيين إستراتيجيتها للفترة الممتدة ما بين 2020 و2024، وساهمت في إعداد الاستراتيجية القطاعية للحماية الاجتماعية، و هي تشارك في عضوية اللجنة التقنية المحدثة لهذا الغرض من طرف رئيس الحكومة.
وفي هذا السياق، سارعت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى تنزيل مجموعة من المشاريع المهيكلة لمواكبة الإجراءين الرئيسيين للتوسيع التدريجي لقاعدة الخضوع لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في الآجال المحددة سلفا.
ويتعلق الإجراء الأول بمشاركة الوكالة في إنجاح عملية تحويل الفئات الاجتماعية المستفيدة حاليًا من نظام المساعدة الطبية إلى نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض المدبر من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ابتداء من يوليوز 2022 بينما يتمثل الإجراء الثاني في مواكبة استكمال تغطية فئات المهنيين والمستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطًا حرا من طرف التأمين الإجباري الأساسي عن المرض المدبر من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
و ذكرت الوكالة بأن 3.2 في المائة من المؤمنين في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض هم مصابون على الاقل بمرض واحد طويل الأمد، ويستحوذون على 51.8 بالمائة من إجمالي الإنفاق. كما أن 71.6 بالمائة من مصاريف الأمراض الطويلة الأمد تخص العوز الكلوي المزمن والنهائي (26.7 بالمائة)، والأورام الخبيثة ( 23.7بالمائة) والسكري المعتمد على الأنسولين والغير المعتمد على الأنسولين ( 10.7 بالمائة) وارتفاع الضغط الدموي( 10.5 بالمائة).
أثر الرؤية في البرنامج الحكومي
هذه الرؤية، لها على البرنامج الحكومي أثر واضح، ففي أول ظهور له كرئيس حكومة أمام البرلمان، وفي عرضه للبرنامج الحكومي قبل المصادقة عليه، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش في محاولته للإقناع بأن حكومته ذات طابع اجتماعي:، بأن الحكومة ستسرع بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، لتحقيق استهداف فعال وأقل كلفة للمساعدات الاجتماعية الموجهة إلى المستفيدين. (…) وستُستكمل هذه التدابير الاجتماعية غير المسبوقة باستثمارات مهمة في القطاعات الاستراتيجية للصحة والتعليم. إذ يتطلب تعميم الحماية الاجتماعية تأهيلا حقيقيا للنظام الصحي الوطني، الذي يعتبر الركيزة الثالثة للدولة الاجتماعية للاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين في قطاع الصحة.
حين اعتبر رئيس الحكومة أن الركيزة الثالثة للدولة الاجتماعية هي تأهيل النظام الصحي، فقد تطابق تماما مع رؤية المغرب 2035 حين اعتبرت أن ضمان الولوج لخدمات صحية ذات جودة للحماية الصحية هو الخيار الاستراتيجي الثالث.
البرنامج الحكومي يزيد من درجة التجاوب مع التقرير العام للجنة صياغة النموذج التنموي ورؤية المغرب 2035 فيما يتعلق بتحقيق التوازن في العرض الصحي بين الجهات وتعزيز البنية التحتية لضمان نجاعة التغطية الصحية، حيث يضيف رئيس الحكومة “وتشمل العناصر الأساسية لإصلاح منظومة الصحة رفعَ عدد العاملين في الرعاية الصحية ومراجعة وضعيتهم وفقا لكفاءاتهم وتضحياتهم من أجل تغطية أفضل للتراب الوطني، وتلبية حاجيات المرضى على وجه أمثل، وتعميم طب الأسْرة على نحو تدريجي، وتعزيز المراكز الصحية الأولية، وإحداث شبكات مستشفيات جهوية. فضلا عن ذلك، فإن إحداث بطاقة صحية ذكية للحد من الإنفاق المباشر للمرضى على الخدمات الصحية، ومراجعة السياسة الدوائية، ومنح تحفيزات لمهنيي قطاع الصحة للحد من ظاهرة سوء التوزيع المجالي لمهنيي الصحة، وتعزيز السياسة الوقائية، كلها إجراءات من شأنها إعادة ثقة المواطن في المستشفى العمومي. ”
كلام رئيس الحكومة هنا هو انعكاس تطابقي لمحتويات التقرير العام للجنة صياغة النموذج التنموي، ما يعني أنه على المستوى السياسي هناك بالمغرب إرادة حقيقية للنهوض بهذا القطاع، شريطة ترجمته على أرض الواقع بأساليب جديدة تعتمد الحكامة، وتقطع مع النموذج الحالي في التدبير.
ورش ملكي
التغطية الاجتماعية بشكل عام، تشكل ورشا ملكيا مهما، وقد كان الملك محمد السادس، قد ترأس يوم الأربعاء 14 أبريل 2021 ، حفل إطلاق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية وتوقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به.
وسيستفيد من هذا الورش الملكي، في مرحلة أولى، الفلاحون وحرفيو ومهنيو الصناعة التقليدية والتجار، والمهنيون ومقدمو الخدمات المستقلون، الخاضعون لنظام المساهمة المهنية الموحدة ولنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة، ليشمل في مرحلة ثانية فئات أخرى، في أفق التعميم الفعلي للحماية الاجتماعية لفائدة كل المغاربة.
وبالفعل، في إطار البدء في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس، شرع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في عملية تسجيل العمال من غير الأجراء حيث. أعطيت، يوم الأربعاء 1 دجنبر 2021، انطلاقة المشروع الذي يهدف إلى إدماج فئات جديدة غير الأجراء في انتظار تعميمه على شرائح أخرى،
ويتم بالفعل العمل على وضع وكالات جديدة بمناطق مختلفة لتقريب الخدمات من الزبناء، حيث أكد مسؤولو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن 47 وكالة جديدة قيد التجهيز لاستقبال المواطنين، وأن تاريخ افتتاح أول وكالة سيكون في أواخر شهر دجنبر الجاري على أبعد تقدير، ليصبح بذلك مجموع الوكالات 170 وكالة، كما سيتم إحداث 45 وكالة متنقلة لتنضاف إلى عشر وكالات موجودة حاليا، بالإضافة إلى مجموعة من مكاتب القرب المعتمدة حاليا، بغاية تقريب الخدمات من الفئات الجديدة المنخرطة في المشروع.