تتطلب التحولات الهيكلية التي يوصي بها النموذج التنموي الجديد إمكانات تقنية وبشرية ومالية هامة لاسيما في مرحلة إطلاقها.

وتعتبر لجنة النموذج التنموي التي عينها الملك برئاسة شكيب بنموسى سنة 2019 ، من خلال تقريرها، أنه من الضروري التركيز على 5 رافعات أساسية لإطلاق النموذج لتنموي ومواكبة تفعيله.

وهذه الرافعات تعتمد أولا على الرقميات كرافعة للتحول السريع. وثانيا جهاز إداري مؤهل وفعال، وثالثا تأمين المواد الضرورية لتمويل مشاريع التحول، ورابعا إشراك مغاربة العالم للاستفادة من معارفهم وشبكاتهم وخبراتهم، وخامسا تعبئة علاقات التعاون مع الشركاء الأجانب للمملكة اعتمادا على مقاربة رابح- رابح.

الرقميات

وفق تقرير النموذج التنموي الجديد، تمثل الرقميات رافعة حقيقية للتغيير والتنمية. لذا يتعين إيلاؤها اهتماما خاصة على أعلى المستويات في هرم الدولة.

ومن شأن الرقميات، وفق المصدر ذاته، أن ترفع منسوب الثقة بين المواطن والمقاولات والدولة. من خلال مساهمتها في جعل العلاقة بين الدولة والمواطن وبين الدولة والمقاولة أكثر انسيابية وشفافية. وذلك باعتماد مساطر وإجراءات مبسطة وواضحة وتقديم خدمات بجودة عالية.

كما يمكن للرقميات أن تساهم في تحول جذري فيما يخص جودة الخدمات العمومية وطرق الولوج إليها خصوصا في المناطق النائية. ويشكل الأداء عن بعد من خلال تسهيل العمليات التجارية والخدماتية فرصة للإدماج الاقتصادي والاجتماعي والترابي.

الجهاز الإداري

يمثل الجهاز الإداري رافعة جوهرية أخرى للشروع في التغيير وقيادته. ومن شأن هذا الجهاز أن يكون حاملا ومحركا أساسيا لتنفيذ جزء مهم من أوراش التنمية بتعاون مع الفاعلين الآخرين.

وأورد تقرير خبراء اللجنة الملكية، أنه قصد الرفع من فعاليته يجب أن يظل الجهاز الإداري بعيدا عن منطق الانتماء الحزبي. وأن يتم توضيح اختصاصاته بشكل دقيق بحيث يتم الفصل من جهة بين المستوى الاستراتيجي. ومستوى وضع السياسات العمومية الذي يدخل في نطاق المجال السياسي. ومن جهة أخرى بين مستوى التقنين الذي هو من اختصاص الإدارة. والمستوى العملي المكلف بالتنفيذ والتتبع الذي يعهد به إلى المتدخلين العموميين أو الخواص على المستوى الترابي.

وأكدت لجنة النموذج التنموي، ضمن تقريرها دائما، أنه على وجه الخصوص يظل التجديد المنتظم لمسؤولي الوظيفة العمومية العليا على المستويين الوطني والمحلي أحد أهم رهانات الذي يجب أن تحظى بالاهتمام البالغ.

تمويل النموذج التنموي

يتطلب النموذج التنموي الجديد تعبئة موارد مالية ضرورية لإطلاقه وتفعيله كما يستدعي وضع استراتيجية تمويل أو ملائمة، وذلك حسب تقرير لجنة شكيب بنموسى.

وبحسب التقيييمات الأولية، لخبراء اللجنة، تتطلب الإصلاحات والمشاريع المقترحة في هذا النموذج تمويلات عمومية تقدر ب4 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنويا في مرحلة الانطلاق 2022-2025. وبحوالي 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام في مرحلة السرعة القصوى في أفق 2030.

وتتركز استراتيجية تمويل النموذج التنموي على سياسة مالية تتماشى مع أهداف النموذج وسياسة ميزانياتية مرنة. تندرج في إطار الدينامية المتوسطة والبعيدة المدى التي يتطلبها كل نموذج تنموي. إضافة إلى سياسة جبائية أكثر فعالية من شأنها تعبئة موارد إضافية تقدر بنسبة تتراوح بن 2 في المائة و3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

مغاربة العالم و النموذج التنموي

يؤكد تقرير النموذج التنموي الجديد على المكانة الخاصة لمغاربة العالم الذين يشكلون قوة ورصيدا مهما في مسار تنمية البلاد .

وشددت اللجنة، على أهمية تفعيل الأحكام الدستورية، من أجل تمثيل أفضل لجاليتنا في الخارج من خلال تعزيز مجلس الجالية المغربية .كما تدعو اللجنة إلى التركيز على تنفيذ سياسات متجددة وملائمة لاحتياجات وانتظارات هذه الشريحة المهمة من الشعب المغربي.

وفي هذا الصدد، توصي اللجنة باعتماد مقاربات محفزة تعزز جذب مغاربة العالم ذوي المؤهلات العالية والعاملين في القطاعات المتطورة.

وأوضح تقرير اللجنة أن خصوصية مغاربة العالم تشكل خصوصية باعتبارهم حلقة وصل بين المغرب، وباقي بلدان العالم وفرصة ثمينة يجب استثمارها.

إضافة إلى ذلك تؤكد اللجنة على ضرورة مواصلة المجهودات الرامية إلى تعزيز وتقوية الروابط الثقافية واللامادية مع هذا المكون الأساسي والهام من الشعب المغربي.

الشراكات الدولية للمغرب

يكرس النموذج التنموي الجديد اختيار المغرب الذي لا رجعة فيه في الانفتاح على محيطه الإقليمي والدولي والتزامه الدائم بالدفاع عن القضايا المشتركة ومساهمته في رفع التحديات العالمية .

وفي هذا الصدد، تعيد اللجنة الملكية التأكيد على تشبت المغرب بفضاءات التضامن كما تم تحديدها ضمن تصدير الدستور. خاصة التشبث ببناء الاتحاد المغاربي وكذا الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية.

وتراهن اللجنة على مغرب فاعل في تنمية القارة الأفريقية بالنظر إلى علاقاته التاريخية مع هذا الجزء من العالم. وإلى الطاقات التي يزخر بها على المستوى الاقتصادي والبشري والثقافي.

ويقتضي تفعيل أوراش التحول المقترحة من طرف النموذج التنموي الجديد تعبئة الشراكات الدولية سواء لتعزيز الاستثمارات أو لدعم عملية نقل التكنولوجيا والمهارات في إطار التعاون والشراكات ذات الطبيعة التقنية والاستراتيجية وبمقاربة ترتكز على التنمية المشتركة.