إدريس الأندلسي.. لماذا تمويل كرة القدم “فقط “بأموال الفوسفاط؟

يلعب التمويل المدروس، و المبني على مشاريع دقيقة الأهداف و تدبير يعكس حكامة جيدة ، خطوة كبيرة لدعم التكوين الرياضي ببلادنا. ولكن توقيع اتفاقية بين المكتب الشريف للفوسفاط و الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم و أطراف أخرى يطرح مشكل تمييز رياضة واحدة على كافة الرياضات. و نعرف أن الكل أصبح يعرف أن كرة القدم ذات ثقل شعبي كبير تعززه نتائج خلال السنين الأخيرة. و رغم هذه التراكمات الإيجابية يظل سؤال تراجع النتائج الرياضية ببلادنا محل تساؤل كبير. و لعل هزالة النتائج كان السبب الرئيسي لطلب المعارضة و الأغلبية في البرلمان لعقد جلسة مسائلة للجنة الأولمبية الوطنية و للوزارة الوصية على قطاع الرياضة. يرجع توهج كرة القدم إلى إرادة و تدبير حكيمين و إعتماد على مواهب تكونت خارج الوطن و مجموعة من خريجي أكاديمية محمد السادس لكرة القدم. و هذه الشروط أو الظروف لم تجتمع في صنف رياضي آخر.
وجهت الكثير من الانتقادات لرؤساء الجامعات الرياضية و نعتت فترة توليهم للمسؤولية بالصفرية, و تعزى هذه الوضعية إلى عوامل مختلفة من ضمنها ما يرتبط بالقانون و أخرى بالتمويل و نوعية العلاقات بين مسيري الجامعات و النوادي و حتى مع السلطات. و هناك رؤساء قد يكون استمرارهم نتيجة ” ضغط من الجمعيات” في غياب الوسائل المالية . و لنفترض أن جلسة البرلمان عقدت و تم السماح لرؤساء هذه الجامعات بطرح العوائق التي جعلت ” الصفر” يلخص كل أعمالهم. في البدء وجب مسائلة الحكومة لتقييم عملها الذي يتطلب كثيرا من التقاءية السياسات العمومية في مجالات التكوين و التربية و الرياضة. و يجب كذلك التعامل مع قضية تمويل الرياضة بكثير من الشفافية. و يجب بالأساس وضع نظام ديمقراطي و شفاف لتوزيع موارد المغربية للألعاب و لكافة المؤسسات و المقاولات العمومية التي تساند الأنشطة الرياضية. و هذا سوف يتطلب حتما مراجعة القوانين المنظمة للرياضة و على رأسها القانون 30-09 بالإضافة إلى تنظيم مكثف و شامل للعلاقات التنظيمية بين الدولة و الجمعيات و الجامعات الرياضية. و هنا يجب طرح سؤال التوازنات المالية بكثير من الإرادة و الوعي بأهمية الرياضة ككل و ليس في جزء لا يعني بالأساس إلا كرة القدم و بعدها ألعاب القوى. هناك الكثير من الرياضات التي لا تنتج الأبطال على المدى المتوسط، و يكون عملها مركزا على التكوين القاعدي بوسائل قد لا تسمح لها بالوصول إلى العالمية رغم تميزها قاريا. و لنا في رياضة الملاكمة و الكراطي و المصارعة و غيرها أمثلة حقيقية عن ضرورة ربط الإمكانيات بالنتائج على المدى البعيد. و كثير من هذه الرياضات لا تمارس في إطار جمعيات و لكن في إطار نوادي خاصة مملوكة لخواص لا يمكنهم، في الغالب ضمان التوازن المالي و خصوصا في الأحياء الشعبية حيث يوجد أغلب الممارسين. و يزيد ثقل القدرة على التمويل بحجم التكوينات و تكلفة السفريات و تعويض المؤطرين وطنيا و على صعيد كل المدن و مراكز ممارسة النشاط الرياضي. و هذا لا يعني البتة عدم ربط جزء من فشل الرياضة بضعف مهنية الكثير من رؤساء الجامعات بالإضافة إلى تسلل كثير من المتحزبين إلى التدبير الرياضي و استغلاله لأغراض تضر بالرياضة و بالسياسة.
لا يمكن لأحد أن ينكر ما يحدثه النجاح الرياضة و اعتلاء منصات التتويج من آثار على المواطن في كافة أرجاء الوطن و حتى في بلدان المهجر. و لهذا لا يمكن أن نبني رياضة تربي النشىء و تصنع الأبطال و تصل إلى أعلى المراتب عالميا دون سياسة رياضية مندمجة. نعم البقالي رفع العلم و أستحق ،عن جدارة، وساما ملكيا، و كان بالإمكان أن يكون إلى جانب هذا البطل آخرين لو تم التدبير الرياضي بمهنية عالية على صعيد الجامعات و الحكومة و حتى البرلمان.
ماذا سيقول رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية للبرلمانيين غير ” ليس بالإمكان أحسن مما كان” ، وسيقول الوزير أن الحكومة تضع التمويل اللازم منذ سنوات. و يمكن أن يقول رؤساء الجامعات للبرلمان ” لماذا لم تعقدوا جلسة استماع لنا قبل الألعاب الأولمبية بشهور لتطلعوا على برامجنا و نقط ضعفنا و حاجياتنا “. و لكن الأجدر بالنقاش هو دراسة القطاع في كل جوانبه و هذا ما قام به المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، جزئيا ، قبل أربع سنوات . و يجب أن تضع هذه الدراسة شروط الولوج إلى المسؤوليات الرياضية و تقنين الممارسة الخاصة بكل صنف رياضي تحت إشراف مديرية عامة للرياضة أو مندوبية سامية تعتمد المهنية و التخصص كمقياس اوحد للتأطير و التدبير. هناك دول لا ترهق المتطوعين بقضايا تهم اللوجيستيك و تقنين اللعبة، حيث تضع الأجهزة الخاصة لمرافقتهم و دعمهم. لكل ما سبق، وجب تثمين الاتفاقية المبرمة بين المكتب الشريف للفوسفاط و الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم و العمل على تعميميها على كافة الجامعات مع إعادة النظر في برمجة إستعمال موارد ” الحساب الخصوصي للخزينة” و الذي تموله موارد ” المغربية للألعاب”. و لقد تجاوزت موارد هذا الحساب 4،4 مليار درهم سنة 2023 ، بينما بلغت مصاريفه خلال نفس السنة 676 مليون درهم أي حوالي 15% من حجم الموارد. و يعتبر هذا المستوى من إستعمال الموارد ضعيفا مقارنة مع حجم حاجيات القطاع الرياضي. و لا يمكن أن تظل متابعة عمل الجامعات موسميا و يتم تحجيم عمل، الجيد منها، في عدم وجود إنجازات عالمية. تتطلب هذه الأخيرة سياسة حكومية متناسقة المكونات. أما احراز الميداليات فهو مرتبط، بالإضافة إلى ما سبق ذكره، بكثير من العوامل ترتبط بمستوى و حجم نمو الناتج الداخلي الإجمالي و حجم الإقتصاد الوطني و قوة القدرات المؤسساتية. و لمن أراد إعتماد القراءة الموضوعية وجب ربط ترتيب الدول الإقتصادي بعدد الميداليات المحصل عليها. و لا تشكل الاستثناءات، وخصوصا في مجال جزء من ألعاب القوى الأفريقية ، قاعدة لتغطي على دور الإقتصاد و السياسة في بناء الإنجاز الرياضي في كافة الأصناف.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقبل اقرأ المزيد

تم اكتشاف الإعلانات محظورة

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل ملحق الإعلانات المحظورة الخاص بك من متصفحاتك لموقعنا على الويب.