المجلس الاقتصادي والاجتماعي.. مشروع قانون الإضراب يتسم باللاتوازن وتغليب الطابع الزجري على التشريعي

 

اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن مشروع قانون رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، يتسم في هيكلته باللاتوازن، حيث خصص 22 مادة من أصل 49 لممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص، في حين لم يخصص المشروع سوى 4 مواد لممارسة نفس الحق في القطاع العام والمؤسسات العمومية.

وسجل المجلس في رأيه المتعلق بالقانون التنظيمي للإضراب اطلعت عليه جريدة “المغرب 35”  فيما يتعلق بالطابع الزجري، تغليب البعد الزجري على إطار تشريعي الغاية منه أساسا هي تنظيم حق الإضراب وإحاطته بالضمانات القانونية الضرورية لممارسته، حيث خصصت له 12 مادة من أصل 49، مما يرجح المقاربة التقييدية، ويخلق انطباعا غير إيجابي تجاه المبادرة التشريعية برمتها.
وبعدما سجل رأي المجلس أن  المادة 2 من مشروع القانون التنظيمي تعرف الإضراب على أنه “كل توقف جماعي عن العمل يتم بصفة مدبرة ولمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية المباشرة للأجراء المضربين “.
كشف أن هذا التعريف يطرح إشكالات متعددة، من ضمنها: حصر ممارسة حق الإضراب في فئة الأجراء دون غيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى، بينما يورد الفصل 29 من الدستور ممارسة حق الإضراب في فقرته الثانية في ارتباطها بممارسة حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي في فقرته الأولى)، وبالتالي لا يفصل بين والحريات والحقوق الأساسية وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. تمنع المادة 5 في فقرتها الأخيرة الإضراب الأهداف سياسية دون تحديد أو تعريف لهذه الأهداف ودون تمييز هذا الشكل من الإضراب عن الإضرابات التي قد تكون موجهة ضد بعض اختيارات السياسات العمومية دفاعا عن المصالح المادية والمعنوية للمصريين، ما يزيد من إشكاليات تعريف الإضراب.

وأضاف أن مقتضيات المادة 12 تفيد بمنع كل توقف مدبر عن العمل يتم بالتناوب وبكيفية متتالية بين فئات مهنية معينة أو مختلفة تعمل في المقاولة أو المؤسسة نفسها أو في إحدى المؤسسات التابعة لها، سواء تعلق هذا التوقف بنشاط واحد من أنشطة المقاولة أو المؤسسة أو بعدة أنشطة”، الأمر الذي يطرح إشكالا آخر يتعلق بتدقيق المفاهيم وأسباب المنع. مؤكدا أن حصر المادة 4 من مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 الحق في الإضراب في منظومة العمل المأجور أي “الأشخاص الخاضعين لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل” و “الموظفين والأعوان والمستخدمين لدى إدارات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية ولدى كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام، من شأنه أن يقيد هذا الحق المضمون بموجب الدستور والالتزامات الدولية، كما أنه لا يتناول حق الإضراب بمفهومه الواسع وصيغته العامة في إطار الحريات والحقوق الأساسية.
وتتجلى هذه المقاربة التقييدية لحق الإضراب، يضيف ذات المصدر، في ما ورد في المادة 3 فقرة (ج) بشأن الجهة الداعية للإضراب، والمادة 4 التي تحدد الفئات التي يمكنها ممارسة هذا الحق، كما تتضح في كافة مقتضيات مشروع القانون التي تتناول حصرا العمل المأجور في إطار القطاع الخاص والقطاع العام، دون أن يسمي فئات اجتماعية أخرى كالعمال غير الأجراء، والمستقلين والمهنيين وغيرهم.

واعتبر المجلس “بما أن نص المشروع لا يمنع صراحة الفئات الأخرى من ممارسة الإضراب، ففي حال اعتماده بصيغته الحالية، سيظل وضع هذه الفئات ملتبسا ما بين مقتضيات النص والممارسة في الواقع، مما يترتب عليه وضع لا يحقق الأمن القانوني المنشود أو قد يؤدي إلى تمييز قانوني بين ممارسة الإضراب طبقا لهذا المشروع، وممارسة الإضراب من قبل الفئات المهنية الأخرى غير المذكورة فيه.

وأوصى المجلس بإعادة النظر في تعريف الإضراب، وذلك بمراجعة مقتضيات المشروع ذات الصلة ليجيب عن كل الإشكالات المذكورة سابقا، وعلى رأسها تدارك ضم جميع الفئات المهنية التي تتمتع بحرية الانتماء النقابي طبقا لأحكام الدستور والمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل كالعاملات والعمال المنزليين التجار المهن الحرة…..

بشأن الجهة الداعية إلى الإضراب
سجل رأي المجلس أن مشروع القانون يحصر في مادته الثالثة حق الدعوة إلى الإضراب في:- النقابة الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني في القطاع العام والخاص، – النقابة الأكثر تمثيلا على صعيد المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي المعني، وفي حالة عدم وجودها:
النقابة التي حصلت على أكبر نسبة من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة أو المؤسسة، أغلبية المأجورين في حالة عدم وجود تمثيلية عن النقابة في المقاولة أو المؤسسة المعنية أو المرفق العمومي المعني.
وكشف أنه من خلال مقتضيات المادة 3، تبين أن الدعوة إلى الإضراب تقتصر فقط على النقابة التي تمثل أجراء خاضعين لأحكام القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل والنقابة التي تمثل الموظفين والأعوان والمستخدمين لدى إدارات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية ولدى كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام.
وسجل أن الاقتصار على نقابة العمال كهيئة وحيدة لها الحق في الدعوة إلى الإضراب يحرم فئات اجتماعية وهيئات أخرى كالنقابات المهنية من ممارسة هذا الحق علما أنه حين يكرس العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حرية التنظيم، فهو يجعل العمل النقابي جزءا من العمل الجمعوي ويقر حق التنظيم للجميع إذ تفيد المادة 22 منه بأن الكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه “17.

علاوة على ذلك، تطرح معايير تحديد تمثيلية النقابات في التشريع الوطني في القطاع العام والخاص وعلى الصعيد الوطني والجهوي والمحلي، إشكالية جدية، كما سبق للمجلس أن فصل في الموضوع عند تقديم رأيه بشأن مشروع القانون رقم 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية 18. وبالتالي، فالاحتكام في منظومة الشغل إلى معايير تمثيلية النقابة لتحديد الجهة التي لها الحق في الدعوة إلى الإضراب سيكون مجحفا ما لم تتم مراجعة تلك المعايير بما ينسجم مع قواعد التمثيلية الديمقراطية.
هذا، ومن جهة أخرى، فإن اشتراط حضور ما لا يقل على (3/4) أجراء المقاولة أو المؤسسة واتخاذ قرار الإضراب من قبل الجمع العام بالأغلبية المطلقة طبقا للمادة 16 من المشروع، يعتبر شرطا تعجيزيا، لأن هذا الشرط يصعب تحقيقه في المؤسسات التي تشغل عددا كبيرا من الأجراء وتتوفر على فروع في مدن مختلفة، الأمر الذي لا يتناسب مع توجيه منظمة العمل الدولية التي توصي بخصوص هذا الأمر بأن تضمن التشريعات توفر النصاب والغالبية المطلوبة لاتخاذ قرار الإضراب في حدود معقولة وليس بالمستوى الذي يجعل ممارسة الحق في الإضراب عملا صعبا أو مستحيلا. كما أن التجارب الدولية تبين أن نسبة المشاركة في الإضراب تظل في غالب الأحيان بعيدة عن إجماع الأجراء، وفي عدد من الأحيان تقل النسبة عن 50% من الأجراء.

واقترح المجلس بأن يتم التنصيص، سدا للفراغ التشريعي، على أن لكل المنظمات النقابية والمهنية المؤسسة والمعترف بها قانونيا الحق في الدعوة إلى الإضراب متى توفرت لها التمثيلية. و مراجعة كل الإشكالات المتعلقة بالتمثيلية ومعاييرها في القطاعين العام والخاص، بما يسمح برفع القيود عن ممارسة حق الإضراب والحق في التنظيم ويعكس التمثيلية الحقيقية على مستوى الشرعية والمشروعية.
إحالة كيفيات عقد الجمع العام للأجراء وتحديد نصابه وشروط اقتراعه على اتفاقات واتفاقيات جماعية تعقد بين الأطراف وتأخذ بعين الاعتبار حجم وهيكلة كل مؤسسة على حدة، على أن يحدد القانون احتياطيا حدودا دنيا للنصاب المطلوب

كما اوصى المجلس بإحالة مقتضيات المادة 34 على نص قانوني متوافق حوله التحديد المرافق الحيوية بوضوح ودقة، ما من شأنه أن يحقق المرونة المنشودة في التعديل والتحيين في ظل تسارع تطور البنيات الصناعية والأنماط المهنية الجديدة تحديد الطابع الحيوي للخدمات الأساسية وأهمية الممتلكات والتجهيزات والآلات في أماكن العمل في القطاع الخاص (المادة (20)، والتشجيع على إيجاد أرضية تشاركية بين جميع الأطراف لتحديد الحد الأدنى من الخدمة عن طریق اتفاقيات جماعية أو التزامات تعاقدية، لأن من شأن ذلك أن يأخذ بخصوصيات كل قطاع أو مؤسسة على حدة، ويستثمر في التجارب السابقة؟ تحديد الجهة المسؤولة عن إخطار المرتفقين والمواطنين داخل آجال معقولة بتاريخ ومدة الإضراب وبأي جدولة عملية لتنظيم الحد الأدنى من الخدمة، وذلك مراعاة للصالح العام

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقبل اقرأ المزيد

تم اكتشاف الإعلانات محظورة

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل ملحق الإعلانات المحظورة الخاص بك من متصفحاتك لموقعنا على الويب.