كتاب “الحرب” يكشف كيف بارك زعماء عرب الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة
أصدر الصحافي الأمريكي الاستقصائي، بوب وودورد، كتابا جديدا يحمل عنوان “الحرب”، ضمّنه عشرات التصريحات الصادرة عن مسؤولين أمريكيين، حول الحرب “الصهيونية” على فلسطين، و”تواطؤ” بعض الحكام العرب مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد “حماس”.
وحسب ما جاء في الكتاب، فان الغزوة العسكرية التي قامت بها “حماس” على جيش الاحتلال الاسرائيلي، يوم 07 اكتوبر 2023، كانت مفاجئة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية ونظيرتها الصهيونية، التي لم تتوقع يوما أن تقوم كتائب القسام بتنفيذ مناورة عسكرية عالية الأداء وتطيح بفرقة عسكرية صهيونية كاملة
ومباشرة بعد انطلاق هذه المعركة، سارع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بالتوجه إلى الكيان، لإعلان الدعم الكامل من طرف الولايات المتحدة الأمريكية للاحتلال في مواجهة “حماس”، من خلال فتح مخازن الجيش والدعم اللامتناهي بالذخيرة الحية لصالح الاحتلال.
وعقب التطمينات الأمريكية لنتنياهو، يقول الكاتب الأمريكي بوب وودورد، توجه بلينكن إلى ستة عواصم عربية، حيث أعربت خمسُُ منها عن دعمها الكامل للاحتلال في قتال “حماس”، والتي وصفوها بجماعة الإخوان المسلمين.
زعماء عرب يباركون نتنياهيو
ويحتوي كتاب وودورد على تفاصيل مهمة عن لقاءات وزير الخارجية الأمريكي بلينكن مع الزعماء العرب عقب السابع من أكتوبر 2023، فأصوات الزعماء العرب هي الأكثر بروزًا في الكتاب، ويندهش البعض لرؤيتهم مكشوفين ومتوحدين في الموقف إلى هذه الدرجة، والأسوأ عدم تلويح أي منهم بأي ورقة لإنهاء معاناة الناس في غزة.
في صباح يوم الخميس 12 أكتوبر 2023، هبطت طائرة بلينكن في “إسرائيل”، وذهب مباشرة للقاء نتنياهو في الغرفة الخاصة بالحرب، قال نتنياهو: “نحن بحاجة إلى ثلاثة أشياء: الذخيرة، والذخيرة، والذخيرة”، فرد بلينكن: “نحن نقف معكم، نحن نقف معكم، نحن نقف معكم”.
ثم تحول بلينكن إلى سؤال نتنياهو عن وضع المدنيين في غزة؟ كان رد نتنياهو سريعًا على سؤال بلينكن، إذ قال: “سندفعهم جميعًا إلى خارج غزة نحو مصر”، تفاجأ بلينكن وقال للقادة الإسرائيليين، سأتحدث مع قادة العالم العربي في الأيام القليلة المقبلة وبعدها أعود إليكم.
لم يكمل بلينكن ليلته في تل أبيب، واستقل طائرته إلى الأردن، وفي صباح اليوم التالي 13 أكتوبر 2023، التقى بالملك الأردني عبد الله الثاني، والذي قال لبلينكن: “حذرنا إسرائيل من حماس، حماس هي جماعة الإخوان المسلمين، ويجب على إسرائيل أن تهزم حماس، لكني لا استطيع قول ذلك علنًا”.
بعد بضع ساعات، سافر بلينكن إلى الدوحة للقاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، قال الأمير لبلينكن، “إن قادة حماس في الدوحة لم يعرفوا أي شيء مسبقًا عن هجمات 7 أكتوبر”، وأضاف الأمير، “من الممكن أن يكون السنوار قد فعل ذلك بمفرده”.
قال بلينكن للأمير: “نحن نقدر أهمية وجود قناة مفتوحة للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، ولكن عندما ينتهي هذا الأمر، لا يمكن أن يستمر الوضع كالمعتاد مع المكتب السياسي لحماس”، وفي طريقه إلى طائرته، كان بلينكن منبهرًا من القطريين، فقد وضعوا الأساس لصفقة الرهائن بعد ستة أيام من الحرب.
توقفت طائرة بلينكن في البحرين، وهناك سمع أيضًا نفس الكلام الذي سمعه في الأردن، ثم توجه وفريقه المرهق لقضاء ليلتهم في الرياض، كانت تلك هي الدولة الرابعة التي يزورونها، وفي صباح اليوم التالي 14 أكتوبر ، التقى بلينكن بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود.
قال فيصل لبلينكن: “كان على إسرائيل أن لا تأمن لحماس، وقد حذرنا نتنياهو من ذلك مرارًا، فحماس هي جماعة الإخوان المسلمين”، ثم واصل وزير الخارجية السعودي قوله: “الجماعات الإرهابية لا تحاول القضاء على إسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين، ونحن قلقون من تداعيات ما تقوم به إسرائيل في غزة على أمننا جميعًا، وما سيأتي بعد حماس قد يكون أسوأ، فداعش جاءت بعد القاعدة وهي أسوأ منها”.
سأل بلينكن عن دعم السعودية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب، فأجاب وزير الخارجية: “لن ندفع دولارًا واحدًا لتنظيف فوضى نتنياهو”، بعد ذلك، طار بلينكن إلى أبو ظبي للقاء رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، والذي أصر على عدم إيقاف الحرب حتى استئصال حماس في غزة.
وقال لبلينكن: “يجب القضاء على حماس، لقد حذرنا إسرائيل مرارًا من أن حماس هي جماعة الإخوان المسلمين، يمكننا أن نمنح إسرائيل المساحة والوقت للقضاء على حماس، لكن يجب على إسرائيل أن تساعدنا أيضًا من خلال السماح بدخول المساعدات الإنسانية وإنشاء مناطق آمنة للتأكد من عدم قتل المدنيين، بجانب السيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية”.
بلينكن وبن زايد
في نفس اليوم عاد بلينكن إلى الرياض لأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على الاجتماع، بالنسبة لبلينكن، فمحمد بن سلمان “مجرد طفل مدلل”، وعندما التقى معه في الليل، قال ابن سلمان لبلينكن: “أريد فقط أن تختفي المشكلات التي أحدثها السابع من أكتوبر”، وعندما سأله بلينكن عن التطبيع، أخبره ابن سلمان أن التطبيع لم يمت، لكنه لا يستطيع المضي قدمًا في الوقت الحالي.
وقبل عودته إلى “إسرائيل”، عرج بلينكن على القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كان للسيسي هدفان فقط: الحفاظ على اتفاقية السلام مع “إسرائيل” التي تم التوقيع عليها عام 1979، ورفض تهجير الفلسطينيين إلى مصر.
ثم بعد لقائه بالرئيس المصري، التقى بلينكن وفريقه بوزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل، الذي قدم لبلينكن وفريقه معلومات وخرائط جمعتها المخابرات المصرية عن أنفاق غزة، وقال “إن حماس متجذرة بعمق في غزة ومن الصعب هزيمتهم”.
وقد اعتذر هؤلاء القادة المذكورين حسب صاحب الكتاب لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن عدم قدرتهم في إظهار مواقفهم الكاملة والمعادية لحركة “حماس”، مخافة انتفاضة شعبية قد تطيح بعروشهم.