“نحن علمانيون” لأحمد التوفيق تثير حفيظة السلفيين وتخرجهم من جحورهم
جمال الديابي
أثار التصريح الأخير الذي أدلى به وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية أحمد التوفيق بخصوص علمانية المغاربة، في لقاءله مع وزير الداخلية الفرنسي، زوبعة في صفوف الإسلاميين والسلفيين.
وشنت عدد من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التابعة لشخصيات محسوبةعلى التيار السلفي، حملة ضد تصرح التوفيق، مطالبين بإقالته من منصبه.
وبهذا الصدد قال “طارق حمودي” في تدوينة عبر صفحته، معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية…يقول لوزير الداخلية الفرنسي العلماني: نحن في المغرب علمانيون…فيفتح وزير الداخلية الفرنسي العلماني فمه مستغربا…
لست أدري ما الذي يعنيه استغرابه…
ودليل معالي الوزير: هو أننا في المغرب…كل يفعل ما يريد….
قلت في نفسي: هل يدخل في هذا خطيب الجمعة؟
حينما تحدث الملك الحسن الثاني رحمه الله عن العلمانية قال: بمجرد أن تقول إنك علماني…تكون قد خرجت من الإسلام…!
بعبارة أخرى….يقول معالي الوزير : نحن كفار!
لن أقول إن الوزير تجاوز الحدود هذه المرة…بل سأقول: إنه بتصريحه هذا يزيل الحدود نفسها…
هذه جرأة كبيرة من وزير الأوقاف…يجب أن يجاسب عليها…فقد سبق له أن تجاوز ولاية العهد لولا صرامتها…
عندي سؤال: جرت العادة بلقاء الوزراء المشتركين في الحقيبة الواحدة…ما دخل وزير الداخلية الفرنسي في ملف وزارة الشؤون الإسلامية المغربية؟
أخشى أن أقول: ما بقيت فاهم والو…لأنني في الحقيقة..بديت كنفهام بزاف ديال الأمور دابا…شكرا معالي الوزير على صراحتك.
أيها العم سام….غيِّر عتبة دارك…وإلا فسنطلع على كل أثاث البيت”.
بدوره نشر الداعية اليوتوبر “ياسين العمري” تدوينة على صفحته وكتب قائلا:” نحتاج حملة وطنية قوية عنوانها:
أنا مغربي مسلم ولست علمانيا وأبرأ إلى الله من العلمانية والعلمانيين.”
وكان وزير الأوقاف و الشؤون الاسلامية أحمد التوفيق، قد أوضح في اجتماع مع المستشارين البرلمانيين بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس المستشارين، يوم الأربعاء، قصده من عبارة نحن علمانيون وتفاصيل لقائه بوزير الداخلية الفرنسي. مشيرا إلى أنه عندما قال “نحن علمانيون” للوزير الفرنسي جاء ردا على قول الأخير له “أفهم أن علمانيتنا تثير دهشتكم” ليجيبه بالقول “لا, على الاطلاق”
وذكر الوزير أن العلمانية هي مفهوم فلسفي سياسي له جذور تاريخية، خاصة في تاريخ فرنسا, مشيرا الى أنها تتعلق بأربعة أمور أساسية: الحرية، العقل، الأخلاق أو العمل الصالح، والمعنى، و مضيفا أن فصل الدين عن الدولة يعني أن الدولة ليست معنية بالإجابة على سؤال المعنى، وهو ما يوجد في الدين المسيحي مع المجتمعات الغربية.
وأشار التوفيق إلى أنه أوضح لوزير الداخلية الفرنسي أن المغرب يختلف في هذا السياق بوجود “إمارة المؤمنين” التي تحمي الدين وتستند إلى “البيعة” التي تعني التزام الحاكم بحماية الدين، الأمن، العقل، المال والكرامة, مؤكدا على أن البيعة ليست استبدادًا، وأن للأمة الحق في محاسبة الحاكم إذا أخلَّ بأي من هذه الالتزامات. مشددا على أن قضية الأخلاق والحرية هي مشتركة, إذ في المغرب، لا يوجد إكراه في الدين، ويُسمح لكل فرد بممارسة دينه بحرية, كما أن الدين في المغرب لا يتطلب فرض الصلاة أو غيرها على الآخرين، رغم أن المغاربة متمسكون بدينهم.
وتابع التوفيق أنه أوضح للوزير الفرنسي أن العلمانية تقترح أن العقل يمكن أن يكون بديلاً للإيمان بالله، حيث يرى البعض أن العقل يمكن أن يحدد ما هو الصواب وما هو الخطأ, مشددا على أن جذور كل ما يحدث في العالم متصلة بالأديان، ومضيفا أن مفكرين دينيين طالبوا بإضافة القيم الدينية الغربية إلى دستور الاتحاد الأوروبي، لكن تم رفض ذلك من قبل التيار العلماني. لافتا إلى أن النقاشات السياسية في المغرب، كما في معظم الدول، تدور حول مصالح البلاد، وأن ممثلي الأمة يعتمدون على العقل الذي تربى على القيم الإسلامية في اتخاذ القرارات التي تعود بالنفع على المجتمع, مشددا على أن الأمور الدينية القطعية يتولاها أمير المؤمنين.