85
مصطفى سلمى ..ميزان نزاع الصحراء بين ضرورة الخمول السياسي و نهج السرعة القصوى
من المرجح ان تتجه البوليساريو إلى انتهاج سياسة حذرة في الفترة المقبلة، خاصة مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ذلك أن قادتها يدركون جيدًا أنهم في وضع حرج يحتم عليهم الخمول السياسي وتجنب أي تصعيد قد يدفع الدول الداعمة للمغرب إلى تطوير مواقفها أكثر مما هي عليها الآن.
الأمر يتعلق بتكتيك سياسي هدفه تجاوز المرحلة الحالية، وامتصاص بريق المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب، عبر عامل الوقت. لذلك من المتوقع ان تتوجه الجبهة في السنتين المقبلتين على الاقل إلى نوع من التهدئة غير المعلن كي لا تمنح حجة لواشنطن، صاحبة القلم في مجلس الأمن الدولي، من أجل تطوير موقفها من قضية الصحراء لصالح المملكة المغربية.
و رغم أنها لن تتخلى عن قرار العودة إلى حمل السلاح، الذي هو شرط المغرب للإنخراط في أية مباحثات او مفاوضات، إلا أن الجبهة لن تقدم على ما من شأنه أن “يٌبَيٌَن الضوء” عليها ما لم تكن مضطرة، وتفضل في الوقت الراهن أن ينساها العالم لحين تجاوز هذه المرحلة الحرجة في تاريخها.
في مرحلة الهدوء المنتظر أعتقد ان جهد الجبهة و الجزائر، سيتركز في المدى القريب على معركة المحافظة على مقعد الاتحاد الافريقي، و محاولة إعاقة او في الحد الادنى فرملة مساعي الربط السيادي بين المغرب و موريتانيا عبر إقليم منطقة النزاع.
المغرب طبعا يعي جيدًا أن خصومه في حالة ضعف، ولذلك نراه يسير بسرعة قصوى في اتجاه تكريس سيادته على الصحراء، و تحصين مكاسبه، و مراكمة الاعترافات الدبلوماسية.
و الجزائر بدورها في حاجة إلى إبقاء النزاع في الصحراء، وتصعيد حربها الإعلامية ضد الرباط، تسويقا لنظرية العدو الخارجي التي تمنح نظامها فسحة لتمرير سياساته على المستوى الداخلي.
و إذا لم نشهد تطورات دراماتيكية في السنوات الثلاثة القادمة، تنهي النزاع او تجعل ميزانه يميل بشكل لا رجعة فيه لصالح المغرب، و صدقت “رؤية” الغريمين (الجزائر و المغرب) لسنة 2030، فستواجه المنطقة صعوبات في المستقبل.
التصعيد المتوقع إن لم يستجد جديد من شأنه ان يغير المعادلات الحالية، سيكون في نهاية عهدة ترامب و بمناسبة تنظيم المغرب لبطولة كأس العالم في كرة القدم (بين 2028 و 2030). إذ سترغب الجبهة في استغلال الحدث العالمي للتعريف بقضيتها ولفت الأضواء إليها.