استنكار حقوقي لتضارب المصالح واستغلال النفوذ لتحقيق الامتيازات الخاصة

استنكرت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، تضارب المصالح واستغلال النفوذ لتحقيق الامتيازات الخاصة على حساب المواطنين البسطاء، معربة عن قلقها العميق واستنكارها البالغ تجاه الممارسات غير العادلة التي تُكرّس التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في المملكة المغربية، حيث يشهد الوطن انحرافاً خطيراً في تدبير المشاريع الكبرى والاستثمارات الوطنية، في ظل تضارب المصالح الواضح واستغلال النفوذ من قبل مسؤولين رفيعي المستوى لتحقيق مكاسب شخصية.

وأكدت المنظمة في بيان استنكاري اليوم الاثنين 13 يناير الجاري، أن هذه الممارسات، التي تأتي على حساب المواطن البسيط، تُعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ولقواعد العدالة الاجتماعية التي ينص عليها الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

تضارب المصالح: الجمع بين السلطة والربح

يعد الجمع بين منصب رئيس الحكومة وكونه أمين حزب سياسي وصاحب شركات كبرى مدخلاً واضحاً لتضارب المصالح، حيث أُتيحت فرصٌ فريدة للاستفادة من الامتيازات الاستثنائية، والدعم السخي، والإعفاءات الضريبية لشركات معينة مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر برئيس الحكومة.

1. السيطرة على المشاريع الكبرى:

من خلال منصبه الحكومي، تُمنح الأولوية لشركات بعينها لتنفيذ المشاريع الكبرى، في غياب الشفافية والمساواة في المنافسة. هذه المشاريع، التي تُمول من خزينة الدولة ومن جيوب المواطنين، يتم الاستحواذ عليها لصالح شركات قلة تستفيد من الدعم الحكومي والإعفاء الضريبي، بينما تُقصى المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد المغربي.

2. الإعفاءات الضريبية:

تُمنح الشركات الكبرى إعفاءات ضريبية تصل إلى مستويات غير مبررة، تُمكنها من تحقيق أرباح ضخمة على حساب المال العام، بينما المواطن العادي يُحاصر بضرائب باهظة تُثقل كاهله وتجعل من أبسط حقوقه حلماً بعيد المنال.

الضرائب: أداة لتكريس التفاوت الطبقي

في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون الضرائب أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، أصبحت في المغرب أداة لتكريس الفوارق الطبقية. يُطالب المواطن البسيط، الذي يسعى لشراء منزل صغير أو إنشاء مشروع بسيط لتحسين وضعه المعيشي، بدفع ضرائب تصل إلى 5% من قيمة العقار أو المشروع، بينما تُمنح الشركات الكبرى إعفاءات ضريبية كاملة، وتستفيد من دعم مالي سخي.

هذا التمييز الصارخ يعكس سياسة ضريبية غير عادلة، تجعل من المواطن العادي الحلقة الأضعف، حيث يتم استنزاف موارده المالية المحدودة، في حين تُمنح الشركات الكبرى فرصاً استثنائية تُعفيها من أداء واجباتها تجاه الدولة والمجتمع.

الاختلالات في النظام الضريبي

1. ضرائب مرتفعة على الأفراد:

يُعد النظام الضريبي المغربي من بين الأكثر قسوة في العالم العربي، حيث تفرض الدولة ضرائب مرتفعة على المواطنين ذوي الدخل المحدود، بما في ذلك أولئك الذين يسعون للحصول على سكن بسيط أو بدء مشروع صغير.

2. إعفاءات سخية للشركات الكبرى:

في المقابل، تستفيد الشركات الكبرى من إعفاءات ضريبية سخية تصل إلى حد الإعفاء الكامل، مما يفتح المجال لتكديس الثروات على حساب الخزينة العامة وحقوق المواطنين.

3. ضعف الرقابة والمحاسبة:

يتم تنفيذ هذه السياسات في ظل غياب الرقابة والمحاسبة، مما يفتح المجال أمام الفساد وسوء استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.

الآثار السلبية على المواطن المغربي

إن هذه الممارسات غير العادلة تُنتج مجموعة من الآثار السلبية على المواطن المغربي، أبرزها:

زيادة التفاوت الاجتماعي: حيث تُكرّس السياسات الضريبية الحالية الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

إضعاف الطبقة الوسطى: من خلال فرض ضرائب باهظة تُقلص من قدرتها الشرائية وتُضعف مساهمتها في النمو الاقتصادي.

إعاقة الاستثمار الصغير والمتوسط: بسبب الضرائب المرتفعة والتكاليف الإضافية، مما يُحبط الشباب والمستثمرين الصغار.

تناقض مع ورش الحماية الاجتماعية

بينما تُعلن الحكومة عن إطلاق ورش الحماية الاجتماعية الشاملة التي تهدف إلى تحسين وضعية المواطنين، تتناقض هذه السياسات مع الواقع الذي يشهد تكريساً للتمييز والفوارق الاجتماعية. كيف يمكن الحديث عن الحماية الاجتماعية في ظل نظام ضريبي يُثقل كاهل المواطن البسيط ويمنح امتيازات ضخمة للشركات الكبرى؟

مطالب المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد

إن المنظمة، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، تُ

وطالبت المنظمة في ذات البيان الحكومة والجهات المعنية باتخاذ خطوات عاجلة لإصلاح هذا الوضع غير العادل، وتشمل هذه المطالب:

1. إعادة هيكلة النظام الضريبي:

ضمان عدالة ضريبية تُلزم الشركات الكبرى بدفع نصيبها العادل من الضرائب.

تخفيف العبء الضريبي عن المواطن البسيط والمقاولات الصغرى والمتوسطة.

2. تعزيز الشفافية والمساءلة:

الكشف عن تفاصيل جميع المشاريع الكبرى التي مُنحت لشركات معينة، وضمان وجود منافسة نزيهة وشفافة.

محاسبة المسؤولين عن أي استغلال للنفوذ أو تضارب في المصالح.

3. حماية المستثمرين الصغار:

تقديم دعم مالي وتسهيلات ضريبية للمستثمرين الصغار والشباب الراغبين في إنشاء مشاريع خاصة.

تخفيض الضرائب على شراء المنازل لفائدة المواطنين البسطاء.

4. فتح تحقيق شامل:

التحقيق في الامتيازات الضريبية التي مُنحت لبعض الشركات الكبرى ومدى قانونيتها.

نشر نتائج التحقيقات أمام الرأي العام لتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة.

دعوة إلى التحرك العاجل

إن المنظمة تُحذر من أن استمرار هذه السياسات غير العادلة يُنذر بتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مما يُهدد السلم الاجتماعي ويُعمق فقدان الثقة بين المواطن والدولة.

كما تدعو المنظمة جميع الفاعلين، من حكومة وبرلمان ومنظمات مجتمع مدني، إلى تحمل مسؤولياتهم في حماية حقوق المواطنين، وضمان توزيع عادل للثروات والموارد.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقبل اقرأ المزيد

تم اكتشاف الإعلانات محظورة

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل ملحق الإعلانات المحظورة الخاص بك من متصفحاتك لموقعنا على الويب.