التقدم والاشتراكية يفسر أسباب تصويته بالرفض على قانون الإضراب
أكد فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أنه يُصوِّتُ، اليوم، على غرار موقفه في القراءة الأولى، ضدَّ صيغة مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شُروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب.
وعزا رشيد حموني رئيس الفريق النيابي بمجلس النواب، في كلمة خلال الجلسة التشريعية العمومية اليوم الاربعاء، قراره لعدة أسباب أبرزها محدوديةُ تجاوُبِ الحكومة مع توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها “جعـــــلُ تأطير وضمانُ ممارســة حــق الإضــراب مشــروعاً مُجتمعيــا يتطلب توافقاتٍ بناءة ومتينة”.
وشدد حموني قائلا :”إننا نصوت، مرة أخرى، برفض هذا المشروع، ليس لأننا ضد تأطير حقٍّ كَوني دستوري، حيث ينص الفصل 29 من الدستور على أنَّ “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”؛
ثم إننا نصوت اليوم ضد الصيغة الحالية للمشروع، يضيف رئيس الفريق ليس لأنها لا تتضمن أيَّ إيجابيات، بل لأنَّ تطوير النص الأصلي خلال مسار المصادقة البرلمانية لم يصل إلى درجة ما كنا نطمحُ إليه مِنْ تَجَنُّبٍ لكل المقتضيات والإجراءات التكبيلية التي تجعل من ممارسة حق الإضراب أمراً مُتَعَسِّراً؛
وتابع قائلا: لكن حَسْبُنا أنَّ هذا المشروع سيحتكُّ قريباً بالواقع والممارسة العملية، وحين تتَكَشَّفُ ثغراته، ستكون للبرلمان عودةٌ من أجل الإصلاح والتجويد؛ فبالفعل، اليوم، تُصِرُّ الحكومة على عدمِ إدراجِ ديباجةٍ قوية تؤكد المرجعيات الحقوقية والدستورية لممارسة الإضراب؛ كما نسجل، في هذه الصيغة، استمرارَ ضُعفِ التوزازن بين حق الإضراب وحرية العمل؛ وثِقلَ وتعدد الغرامات؛ ونسجل، أيضاً، استمرار إثقال النص بالمساطر والإجراءات والآجال والجهات الواجب تبليغها، عوض الاقتصار على المبادئ الأساسية، بما يعقِّدُ الدعوة إلى الإضراب والمشاركة فيه.
وفي نفس الوقت، تُصِرُّ الحكومةُ على إبقاء الحرمان التلقائي من الأجر بسبب الإضراب، عوض الاعتماد على بدائل أخرى اقترحناها استلهاماً من التجارب الدولية الفُضلى. كما لم تعمل الحكومة على إقرار عدم تطبيق مبدأ “الأجر مُقابل العمل” إذا ما كان سبب الإضراب هو عدم أداء الأجر من قِبَلِ المشغِّل.
وفوق هذا وذاك، فإنَّ هذه اللحظة الهامة التي نُـــصوِّتُ فيها على مشروع القانون التنظيمي، لا يجب أن تُنسيَنَا أنَّ ممارسة الإضرابِ ليست غايةً في حدِّ ذاتها؛
حيثُ لا تُستعملُ غالباً هذه الوسيلة إلاَّ اضطراراً، في حالات انسداد آفاق حل نزاعاتِ الشغل، وفي حالات الاحتقان الاجتماعي، وفشل الحوار الاجتماعي، كما هو الحال اليوم في ظل هذه الحكومة التي تفاقمت معها البطالة، وارتفعت الأسعار، وأفلست المقاولات، وتنامَى الفساد، وتراجَعت الحقوق والحريات؛
ولا بد من تأكيدنا، في فريق التقدم والاشتراكية، على أنَّ عالَم الشُّغل مثلما يحتاجُ إلى قانونٍ لتأطير الإضراب، فهو محتاجٌ إلى الثقة بين الفاعلين، وإلى التعاقد الاجتماعي؛
كما يحتاج، أيضاً، إلى إصلاحٍ عميق لمدونة الشغل، وإلى إخراج قانون المنظمات النقابية، وإلى المأسسة الحقيقية للحوار الاجتماعي؛ وإلى تقوية جهاز تفتيش الشغل، وإلى آلياتٍ ناجعة لحل نزاعات الشغل.
وفي الأخير، ندعو الحكومة إلى المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية حول حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي، كما أوصى بذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛
كما ندعو الحكومة إلى إلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي، نظراً لِتعارُضِهِ التام مع ممارسة الحرية النقابية والحق في الإضراب.