الكوميديا السوداء.. ‘الحكومة عاد طفات عليها الشمعة’ والبام يستيقظ من سباته ويلتحق بأوركسترا أحزاب الأغلبية منتقدة نفسها بنفسها

“إن المكتب السياسي وهو يستشعر ارتفاع الأسعار والصعوبات الاقتصادية التي تعيشها الكثير من الفئات الاجتماعية، فإنه يدعو الحكومة إلى تكثيف المراقبة والضرب بيد من حديد على بعض الوسطاء والمهنيين المفسدين الذين لايزال يستغلون كل إمكانيات علاقاتهم لافتعال الأزمات والانتفاع من وضع المضاربات“… ليست هذه الفقرة في بلاغ لحزب معارض لحكومة أخنوش، بل إنها وردت في بلاغ المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، الحزب الثاني بعد التجمع الوطني للأحرار في التحالف الحكومي اللذان يدبران رفقة حزب الاستقلال شؤون البلاد لأزيد من ثلاث سنوات..
وليس هذا ما يدعو للاستغراب والتساؤل من الاستيقاظ المتأخر لحزب الجرار من سباته ذي الثلاث سنوات وزيادة فحسب، وانخراطه في اوركسترا أحزاب الأغلبية منتقدة نفسها بنفسها، بل إن متزعم الحكومة هو الآخر ناقشت منسقيته الجهوية بأكادير بحر هذا الأسبوع في ندوة “ارتفاع الأسعار بالمغرب.. الأسباب وسبل تحقيق الاستقرار الاقتصادي”.
ومبرر الاستغراب والتساؤل هو أن أخنوش ووزارءه لطالما رددوا على مسامع المغاربة في البرلمان وفي مهرجاناتهم الخطابية خلال السنوات التي مضت أسطوانة العام زين، وكذبوا التقارير الرسمية حول الظرفية الاقتصادية وشككوا في أرقامها، واعتبروها تشويشا على أدائهم الحكومي الموسوم بـ”الكفاءة والإنجاز” على حد تعبيرهم.
ولطالما انتقدت أحزاب المعارضة سياسة الأذن الصماء التي نهجتها حكومة أخنوش تجاه التنبيهات والانتقادات التي تدق ناقوس الخطر بخصوص الوضعية الاقتصادية الصعبة، التي أرهقت جيوب المغاربة، فهل كان لابد من إقرار ملكي بصعوبة الظرفية الاقتصادية التي أسفرت عن إلغاء أضحية عيد الأضحى حتى تقتنع حكومة الكفاءات بفذاحة سياستها الاقتصادية وتتراجع عن “زيغها” وتعترف بذلك..


النوايا السليمة تفترض ذلك، لكن الأنكى من كل هذا. هو أن يكون وراء هذا الإقرار المتأخر، تاكتيك انتخابي خاصة أن حزب الاستقلال المكون الثالث للتحالف الحكومي، كان قد خرج أمينه العام وزير التجهيز والماء نزار بركة، قبل شهر من اليوم بالضبط، وندد بصعوبة الوضعية حين أدلى بتصريحات غريبة تنتقد غلاء الأسعار بالمغرب خصوصا ما يتعلق بأسعار اللحوم والدجاج، واعتبر أن هذا الغلاء غير معقول وغير منطقي مطالباً المعنيين بتقليص هامش الربح”.

بل إن نزار بركة زاد من حدة انتقاده للحكومة التي يشارك فيه وارتدى قبعة المعارضة خلال إعطائه انطلاقة البرنامج التطوعي لحزبه بمنطقة أولاد فرج إقليم الجديدة يوم 16 فبراير الماضي. وقال:”نتوما عاقلين فعيد الأضحى كنا فتحنا المجال لاستيراد القطيع وعطينا للمستوردين 500 درهم على كل كبش، ولكن المشكل دخلوه ب2000 درهم وباعوه ليكمْ ب4000 درهم“ مؤكداً أن استيراد كيلوغرام من اللحم يكلف المستوردين ما بين 40 درهما و 60 درهما، ويباع للمواطنين ب160 و 120درهم. وقوبل هذا الانتقاد بغضب الحزب الأغلبي واعتبره حملة انتخابية سابقة لأوانها.

هذا الوضع حسب عدد من المراقبين ينذر بتفكك الأغلبية الحكومية وافتقارها للتماسك الحكومي الذي يصب جهده في خدمة مصالح المواطنين، وينذر أيضا بأن مشاركتهم منذورة للاستفادة من الحقائب الوزارية فيما يعرف بـ”الوزيعة الحزبية“ وليس خدمة المواطنين والدفاع عن حقوقهم وحمايتهم من جشع الباطرونا ورجال الأعمال والسماسرة والمضاربين ومن تضارب المصالح أولا، والتغاضي عن تفعيل وسائل الرقابة و آليات التدقيق والمراجعة وأن الأمر محصور فقط على الطبقة الكادحة والفقيرة التي لا حول ولا قوة لها.

نعود إلى بلاغ المكتب السياسي لحزب الجرار الذي دعا “الحكومة إلى إلغاء الإعفاءات الجمركية والضريبية المتخدة لتخفيض أسعار اللحوم التي لم تعطي أكلها”. من ينصت إلى من؟ ومن يدعو من؟ إنها كوميديا سوداء في سياسة هذه الحكومة بامتياز، تقتل القتيل وتذهب في جنازته، كما يقول المثل إخواننا المصريين

وفي القضايا الاجتماعية، يضيف بلاغ الحزب الثاني في الحكومة الذي رفض كل الارقام التي تحدثت عن ارتفاع معدلات البطالة في المغرب لا تلك التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط، ولا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قال إنه “وبعدما علم بمضمون خطة عمل الحكومة في مجال التشغيل بمبلغ 15 مليار درهم إضافية والتي ستواكب مستجدات سوق الشغل في علاقتها مع المتغيرات المناخية. فإن المكتب السياسي يجدد التأكيد على أن ارتفاع البطالة معظلة حقيقية، وأن مجابهة هذا الوضع مسؤولية الجميع”.
وزاد بجرعة من الحماسة وتكرار أنشودة الشباب والتشبيب العزيز على قلب وزيرنا الشاب المهدي بنسعيد الذي يبدو أن الشباب المغربي يعيش حياة في عالم زمردة من خلال شعاراته التي تطرب الجيوب، عفوا القلوب وقال :أن هذه الخطة الجديدة تتطلب انخراطا جماعيا مسؤولا وحقيقيا لجميع الفاعلين، بمقاربة وطنية راقية وبإشراك حقيقي للسلطات العمومية والمنتخبين، لكي نحول هذه الخطة من إجراءات عاجلة لخلق فرص شغل جديدة إلى لحظة وطنية لتأهيل الشباب المغربي وتنمية المناطق الأكثر تضررا والفئات الاجتماعية لاسيما غير المتعلمة التي ظلت مهمشة لعقود. نعم إنها

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. اقبل اقرأ المزيد

تم اكتشاف الإعلانات محظورة

يرجى دعمنا عن طريق تعطيل ملحق الإعلانات المحظورة الخاص بك من متصفحاتك لموقعنا على الويب.