خلف الحكم الصادر في حق رجال الشرطة المتورطين في وفاة الشاب ياسين الشبلي في أحد المخافر بمدينة بنجرير، استياء كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي ولدى الرأي العام الوطني بسبب تساهل القضاء مع الجناة واعتبار القضية جنحية عبر إحالتها على المحكمة الابتدائية عوض قضية جنائية، نظرا لأفعال التعذيب وتمتيعهم بظروف التخفيف.
الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية يوم الأربعاء الماضي طرح الكثير من التساؤلات لدى المغاربة حول توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ونضال الراحل إدريس بنزكري، ويضع السؤال على المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول القطع مع أيام التعذيب والانتهاكات الحقوقية، و المساواة أمام القانون وتطبيق العدالة على الجميع مهما كانت مهامهم، أو مناصبهم خاصة أن رجال الشرطة الثلاث ارتكبوا أخطاء جسيمة في أداء مهامهم، حيث قضت بالحبس النافذ في حق اثنين الأول ثلاث سنوات والثاني سنتين ونصف، والبراءة للثالث.
وقررت هيئة الدفاع الطعن في القرار و القيام بجميع المساطر القانونية اللازمة، رافضة هذا الحكم الذي لم ينصف أسرة الفقيد ويتنافى مع اتفاقية تجريم التعذيب التي وقع عليها المغرب دوليا.
في هذا السباق قال محامي الضحية رشيد أيت بلعربي، “بعد تجاوز صعقة حكم يوم في أمس في قضية المرحوم ياسين الشبلي و اعتبار المحكمة للتعذيب الوحشي حد الموت مجرد عنف ضد شخص أعزل أثناء أداء الوظيفة ، حق لنا أن نتساءل : هل الطريقة التي تم بها التعامل مع المرحوم ياسين الشبلي هي نفسها الطريقة التي يتعامل بها رجال الشرطة مع كل الموقوفين أو المحروسين نظريا؟ “.
واضاف في تدوينة ” بأن القضاء أخلف موعده مع التاريخ و مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان خاصة المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة التي تلتزم بمقتضاه الدول المصادقة على الاتفاقية باتخاذ إجراءات قضائية فعالة لمنع أعمال التعذيب. “.
وكشف ما تعرض له الضحية “تعرض للصفع والركل والرفس أما في زنزانة القهر والتعذيب، وتركت يداه مصفدتان للخلف لمدة تفوق ست ساعات تقيأ خلالها أكثر من مرة، وبعد أن خارت قواه تم نقله إلى المستشفى، وأرجع بعد أقل من 20 دقيقة إلى نفس الزنزانة لتستأنف حصص تعذيبه بشكل آخرء، من خلاله تصليبه في وضعية وقوف على شكل T بباب الزنزانة ويداه ممدودتان واحدة في اتجاه اليمين والثانية في اتجاه الشمال وهما مربوطتان إلى القضيب الثالث من كلتا الجهتين”.
واوضح في تدوينة أنه “بعد عرض المحكمة لأشرطة الفيديو المسجلة بالكاميرات الصدرية لرجال الشرطة الذين أوقفوه، وكذا الأشرطة المسجلة بمقر المنطقة الإقليمية للشرطة ببنجرير خلال الجلسة الفارطة، تركزت المرافعات بالأساس حول التكييف القانوني لمحتوى أشرطة الفيديو المفرغة في محاضر من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي وثقت حصص التعذيب الوحشي والهمجي الذي لم نكن نتصور حدوثه في زمن ما بعد تجربة الإنصاف والمصالحة الأولى، ولا زمن ما بعد دستور 2011”.
وتابع “أن الغرض من هذه التدوينة ليس الإساءة إلى جهاز من أجهزة الدولة المكلف بحفظ الأمن والنظام العامين، بل إننا نعرف جيدا حجم التضحيات التي يقوم بها الرجال والنساء المنتسبون لهذا الجهاز، التي تصل أحيانا حد المغامرة بأرواحهم وسلامتهم من أجل أمن الآخرين، لكن هي صرخة صادقة نابعة من حب هذا الوطن و الغيرة على مؤسساته و سمعته الحقوقية و ذلك من أجل الدفع بمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة إلى أبعد مستوياته و عدم استثناء أحد و ذلك بمحاسبة كل المتورطين في إزهاق روح بريئة”.
من جانبها أعلنت أسرة الضحية ياسين الشبلي، أنها ستعرض القضية على لجنة مناهضة التعذيب بناءً على اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الملحق بها، رافضة بشدة الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية في ابن جرير، وحرمانها من محاكمة عادلة.
وقالت الأسرة إلى أن الحكم جاء بعد أكثر من سنتين ونصف من النضال، وتقديم أدلة دامغة، مثل تسجيلات كاميرات المراقبة التي توضح تعرض ياسين للتعذيب والتكبيل.
واعتبرت أن ما ورد في بلاغ الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، الذي أشار إلى أن “سقوط ياسين المتكرر على الأرضية الصلبة للمخفر كان السبب المباشر لوفاته”، ليس له أي دليل من التسجيلات.
ويبقى السؤال هل يصحح القضاء مسار القضية، وينفذ توصية هيئة الإنصاف والمصالحة وينصف أسرة الضحية ياسين الشبلي المطالبة بالعدالة القضائية المنصفة قبل العدالة الإلهية