على مدار العامين الماضيين، دفعت تداعيات جائحة كورونا معدلات التضخم في اقتصاد أمريكا إلى الارتفاع. وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتحلق بها إلى مستويات قياسية غير مسبوقة على مدار نحو نصف قرن تقريبا.

واعتبر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” جيروم باول أن التزامه بكبح جماح التضخم. الذي وصل لأعلى مستوياته في 40 عاما “غير مشروط”. حتى رغم اعترافه بأن الرفع الحاد لأسعار الفائدة قد يرفع كذلك معدلات البطالة.

وقال باول أمام لجنة مجلس النواب إن “هناك خطرا أن تتسبب تحركات المركزي في ارتفاع البطالة. علما أنها بلغت 3.6 بالمئة خلال شهر مايو الماضي”.

ويحذر خبراء من أن اعتلال أكبر اقتصاد اقتصاد أمريكا سينعكس سلبا على بقية الاقتصادات في العالم. وأن الأزمة الاقتصادية الأميركية تكاد تصل مرحلة الركود التضخمي، كما يذهب البعض من المراقبين إلى التحذير من بلوغ مرحلة الكساد. وهو ما سينسحب بالمحصلة على معظم الدول.

ارتفاع معدلات التضخم

وتعليقا على ارتفاع معدلات التضخم وتأثيرها على الاقتصادات العالمية. قال المستشار والخبير الاقتصادي عامر الشوبكي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “ما يقلق العالم احتمال دخوله مرحلة الركود. حيث نسب توقع حصوله خلال 12 شهرا القادمة مرتفعة حتى لو قورنت بما جرى في ظل جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية في 2008”.

وأضاف الشوبكي: “التوقعات بدخول العالم مرحلة الركود تتراوح بين 45 و50 بالمئة. أي أننا ذاهبون نحو الكساد خلال النصف الثاني من هذا العام وخلال العام المقبل بأكمله”.

وأوضح: “الأسباب الأساسية للركود تتفاقم، ومن أبرزها معدلات التضخم المرتفعة. التي تشير إلى أن مقاربات السياسات المالية والنقدية ليست كافية للتغلب على وحش التضخم، لا سيما في الدول الغربية”.

ومن الأسباب الأخرى التي ذكرها الشوبكي معاناة سلاسل التوريد والإمداد حول العالم من خلل بنيوي فادح. مضيفا: “يسهم ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء الكبير، معطوفا على رفع أسعار الفائدة الذي يضعف النمو الاقتصادي والسيولة في الأسواق بتعاظم الركود الاقتصادي العالمي”.

وعن رأيه في احتمال الوصول إلى مرحلة الكساد الكامل. قال الشوبكي: “الركود سيستمر لفترات طويلة، وهذا ما يحيلنا لأزمة عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وما حدث خلالها من ركود تضخمي مشابه للمرحلة الراهنة، لكن هذا الركود الآن يبدو أكثر خطورة وعمقا ويمكننا مقارنته وبدون مبالغة بفترة الكساد العظيم في عام 1929”.