جمعية ألوان للثقافة والفنون تعرض “بوبريص” احتفاء باليوم العالمي للمسرح 

قدمت جمعية ألوان للثقافة والفنون بشفشاون عرضها لمسرحية “بوبريص” بمدينتي مشرع بلقصيري ومولاي إدريس زرهون يومي 26و27 مارس 2024 تواليا، احتفاء باليوم العالمي للمسرح.

5e22ee77 e0ff 4d4c 87a6 bff33a8da1b0

5e22ee77 e0ff 4d4c 87a6 bff33a8da1b0

وهذا العمل المسرحي، هو من إنتاج الجمعية هذا الموسم بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة- وقدمته في مجموعة من الأحداث المسرحية الوطنية الهامة بالمغرب. ومن اقتباس د.أنس العاقل وأخرجها المسرحي أحمد حمود.

7cff5c4d 9dc8 4f72 be4c 96a6ad37834a

7cff5c4d 9dc8 4f72 be4c 96a6ad37834a

وتجدر الإشارة إلى أنه العمل الثاني الذي تنتجه الفرقة بعد “خالتي هولندا” الذي كتبه وأخرجه د.أنس العاقل. “بوبريص” المقتبس عن مسرحية “الأعمى والمقعد” لدراماسينا بتراجا من تشخيص الممثلين الحسين أغبالو وعثمان السلامي.وفي المحافظة العامة والإنارة ياسين الزاوي، سينوغرافيا أحمد بن ميمون، والإدارة المسرحية وإدارة الإنتاج ياسين البوقمحي.
ويندرج هذا العرض ضمن التجارب الجديدة في الإبداع المسرحي، إذ يراهن على شعرية النص الدرامي، وشاعرية التعبير الجسدي، وأداء الممثل ومجازية الإخراج المسرحي.

وتدور أحداث النص داخل غابة بالليل، حيث يعتلي كسيح ظهر أعمى ليحمله إلى ضريح شيخ لديه بركة إعادة البصر للعميان، ومنح القدرة على الحركة للمُقعدين. إنها ليست تلك القصة التقليدية عن التكافل والتضامن بين كل من الأعمى والكسيح، بل على العكس من ذلك، إنها حكاية الأنانية والاستغلال باسم المصلحة المشتركة. إذ سرعان ما يتخلص الكسيح من الأعمى عبر خنقه حينما يصل إلى الضريح ويتلقى بركة الشيخ مستعيدا قدرته على المشي، لكنه بالمقابل يفقد بصره. إنها الكارما.

bb940dbf 27f3 42b8 b616 b969d1062e4b

bb940dbf 27f3 42b8 b616 b969d1062e4b

ولا عجب في ذلك، لأن كاتب المسرحية دراماسينا بتراجا، وهو راهب بوذي كتب طيلة حياته مسرحية واحدة، أراد أن يبرز من خلالها بشكل مشهدي فلسفة الكارما البوذية. ويطلق لفظ كرما على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها. إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّرا، وأيا كان مصدره، فعل، قول أو مجرد فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق. وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزاؤُه إما الثواب أو العِقاب. لكن الكارما خلال هذا العرض المسرحي لا تتأخر، إذ تتحقق مع نهاية العرض المسرحي.

وأبدع المخرج أحمد حمود في صياغة قصة النص المسرحي بشكل ركحي، حيث يمارس التشكيل من خلال جسد الممثلين، فيصبح الممثل تلك الدمية العليا بتعبير إدوارد كوردون كريج. كما أعطى اقتباس النص الذي أنجزه الدكتور أنس العاقل داخل السياق الثقافي المغربي بلاغة مختلفة عن بلاغة النص الأصلي، إذ تجاوز التعبير عن الكارما كفلسفة، وجعله نصا يعبر عن الأنانية المتضخمة للإنسان المقهور، تلك الأنانية التي تتوارى خلف قناع الضعف الإنساني. إنها أخلاق العبيد بتعبير نيتشه، يقومون باستدرار شفقتك لكنهم سرعان ما يعتلون ظهرك عند أول فرصة، ويصعب أنداك الفكاك منهم.

أما على مستوى السينوغرافيا فقد كانت منسجمة مع طبيعة النص، بساط سيرك ملطخ بالطين، وبعض الأكسسوارات، والإنارة التي تتلاعب بالظلال. كأننا أمام عرض مسرحي بالأبيض والأسود، تتراقص الظلال على الخشبة بين الظهور والتواري كما تتراقص الأنانية داخل دواخل الإنسان المقهور. لكن، ألا يدفعنا العرض إلى التساؤل حول الجدوى من التعاطف مع الإنسان المقهور ما دامت أنانيته يمكنها أن تصل حد القتل؟!!

هذا ما يتبادر إلى ذهن المتفرجين منذ أول وهلة. لكن، عندما ينتهي العرض يكتشف بأن الأنانية التي يبرزها العرض المسرحي هي أنانية المتفرجين الذين يظلون سلبيين رغم قساوة ما يحدث أمامهم. إنها تكشف عن مرحلة في تاريخ الإنسانية أصبحت فيها اللامبالاة سلوكا قويما، واستبدِلت فيها الأخلاق المتعالية بالأخلاق النفعية، إنها نفس وضعية من يتفرج على الكلب الغارق داخل بئر في مسرحية “خبز وكلاب” لكاتبها المسرحي الروماني ماتيي فيزنيك ، أتطعم الشخصيات الكلب الغارق أم تنقذه من الموت؟!! لكنها في نهاية الأمر لا تفعل أي شيء. هكذا، يضع العرض المتفرج أمام أنانيته التي تتوارى خلف قناع التكافل والتضامن، ليبرز تجار المآسي كلما حلت كارثة.