قبل أيام قليلة خرجت دورية لوزارة الداخلية موجهة لولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم والمقاطعات. جاء فيها أن المملكة ستسعى خلال الأيام القادمة إلى خفض استهلاك الطاقة الكهربائية في شبكات الإنارة العمومية من 20 بالمائة إلى 30 بالمائة.

كما ستعمل وزارة الداخلية على العمل على تشغيل الإنارة العمومية بشكل جزئي ابتداء من الساعة 11 مساء. حسب المناطق، على أن يراعى عدم التأثير على السلامة والأمن العام. فضلا عن إلزام الجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة بإيقاف تشغيل الأجهزة في نهاية اليوم. وعدم تركها مزودة بالكهرباء. عدا الأجهزة التي لها طبيعة عمل خاصة.

وتعد هذه الإجراءات المشددة حسب المحلل الاقتصادي إدريس الفينة في تصريحه للأيام24، أنها كانت منتظرة نظرا للوضعية الطاقية المقلقة التي تعرفها المملكة نتيجة للتداعيات أزمة الاسعار الطاقية بالسوق العالمية. فضلا عن الوضعية الاقتصادية الحرجة نتيجة تأخر التساقطات المطرية. وهو ما يفرض على المغرب تخصيص موارد قوية لاستيراد الاحتياجات الطاقية مقابل مداخيل متواضعة.

وأضاف الخبير ، أن الحديث عن إجراءات أكثر صرامة مما اعتمدته وزارة الداخلية اليوم، هو أمر غير مستبعد فالوضعية تتطلب إجراءات دقيقة وفعالة. وتتطلب بحسبه تضامنا مجتمعيا بهدف ترشيد استهلاك الطاقة. مشددا في الوقت ذاته على أن الإنارة العمومية من أكبر مستهلكي الطاقة الكهربائية في بلادنا. وهو ما جعل من أمر ترشيد الاستهلاك في هذا المجال أمرا لا مفر منه.

قرار جد متأخر

من جانبه قال خبير النجاعة الطاقية، فؤاد الكوهن، إن ما جاءت به وزارة الداخلية من قرارات صارمة وقوية من أجل ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية بشبكات الإنارة العمومية هو قرار جد متأخر. نظرا لأن المغرب بمبادرة ملكية عمد إلى اعتماد استراتيجية وطنية للنجاعة الطاقة سنة 2009. وهون ما يوضح التأخر الكبير للحكومات المتعاقبة في تنزيل التوجيهات الملكية من أجل تحقيق ترشيد في استهلاك الطاقة.

واستطرد الكوهن أن الوضعية الحالية التي يعرفها قطاع الطاقة ببلادنا هي جد حرجة. نظرا لاعتماد المغرب على استيراد حاجياتها بشكل شبه كامل من الخارج . وهو ما يزيد من الضغط على الموارد المالية. منبها في الوقت ذاته على أنه رغم تأزم الاوضاع فالمملكة من المستبعد أن تتجه لبيوت المغاربة من أجل ترشيد استهلاك الطاقة وأن الامر سيتوقف عند المرافق العمومية. غير أن ذلك لا يستبعد ضرورة تضامن جميع المغاربة من أجل تحقيق أمن طاقي مغربي ينطلق أساسا من التربية على التحلي بروح الاقتصاد الأسري في الطاقة.