الدارالبيضاء لم تعد مستعدة لأي شيء. هذه هي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها كل متتبع للشأن المحلي البيضاوي. ذات المدينة التي أرادتها الدولة أن تصبح عاصمة للمال والأعمال وخصصت لها رزمة مالية فاقت 3400 مليار سنتيم. بغية إعادة تأهيل بنيتها التحتية ومرافقها الحيوية والترفيهية مع إحداث مشاريع كبرى مهيكلة. حتى يتسنى لها أن تتحول لقاطرة للاستثمار الدولي والإقليمي.

اليوم كل المؤشرات ، تذهب بنا إلى أن المدبرين لم يكونوا في مستوى هذا الطموح. وخانهم الإبداع حتى يتناغموا مع إرادة الدولة. وتفاجئنا الفيفا اليوم بأنها تحذف مركب محمد الخامس من لائحة الملاعب التي ستحتضن الموندياليتو لأنه لا يخضع للمواصفات والمعايير التقنية المعمول بها في مجال كرة القدم عالميا. وهو ما سيحرم المدينة من مداخيل مالية ما أحوج خزينتها الجافة إليها. وسيحرم جمهور الوداد، الفريق المغربي المشارك في هذه التظاهرة، من الاستمتاع بفريقه داخل مدينته…

مركب محمد الخامس، وفي إطار البرنامج التنموي للدارالبيضاء 2015/2020، خصصت له الدولة قيمة مالية بلغت 22 مليار سنتيم. في أفق إعادة تأهيله وإصلاحه لاستقبال التظاهرات الدولية، خرجت تصريحات بشأنه من طرف السلطات وأيضا من طرف مجلس المدينة وشركة التنمية المحلية «الدارالبيضاء للتهيئة». تطمئننا بأنه سيصبح من أرقى الملاعب، ليتفاءل الجميع خيرا… أقفل الملعب لشهور وشهور. ولما افتتح لاحتضان إحدى مباريات المنتخب الوطني ظهرت الكارثة العظمى: مرافق معطلة، مياه متسربة، فوضى في المداخل، أعطاب في البوابات الإليكترونية، افتقاد للجمالية والألوان… وغيرها من المظاهر العشوائية.

ماهي مشكلة هذا الملعب بالضبط؟

في حينه، طالب الناس بالمحاسبة وبدأت أصوات التنديد والاستنكار تتعالى، لكن سيخرج بلاغان. الأول من الشركة المكلفة بالأشغال، أي الدارالبيضاء للتهيئة، لتقول إن الأشغال لم تنته بعد. وبأنها صرفت على الإصلاحات الأولية 13 مليارا، البلاغ الثاني سيأتي من الولاية التي أكدت بدورها أن الأشغال مازالت مستمرة، لكن في الرقم المالي، ستختلف مع الشركة لأن الولاية ستقول إن حجم المصاريف ما زال لم يتعد 11 مليارا؟

بلاغان مليئان بالفجوات لكنهما خفضا من أصوات الاحتجاج، سيقفل الملعب من جديد على أساس الإصلاح. ثم سيفتح لتظهر مشاكل جديدة هذه المرة على مستوى تقنيات فحص التذاكر. أعطاب بالجملة وفوضى في الولوج استأنس بها الجمهور العاشق لفريقيه الرجاء والوداد. كان ذلك خلال الولاية السابقة لمجلس المدينة. ستمر الأيام والأسابيع وخلال هذه الولاية ستبدأ شكايات مواطنين من روائح نتنة صاعدة من الطابق تحت أرضي للمركب. ستلجه عدسات الإعلاميين لتكتشف كوارث أعظم من الكارثة الأولى. متلاشيات مشتتة في كل مكان هناك، وكأنك وسط مرتع كبير للأزبال. المسبح تحول إلى مستنقع عفن اعتلت مياهه الفطريات العفنة وروائح لا قبل للأنوف بها.

أما ملاعب كرة السلة واليد وغيرها، فلم تعد تظهر بفعل الأزبال المتراكمة فوقها،.قديما كان هذا الملعب يضم قاعة للإسعافات الأولية، وأخرى للترويض ومرافق تستوجبها اللعبة. حين تم تفقد المركب بعد هذه المصيبة، وقف المتتبعون على مصيبة أخرى. وهي أن كل القاعات تحت أرضية فوتت لجمعيات وأشخاص، من فوتها؟ وكيف فوتت؟ لا أحد يعلم..

22 مليارا بإمكانها أن توفر ملعبا جديدا؟ لكن رغم أنها خصصت فقط للإصلاح إلا أنها لم تف بالغرض ووضعتنا اليوم في موقف محرج مع الفيفا. لم يفتح أي تحقيق ولم يسأل أحد أين صرفت تلك الأموال. ولم يسأل أحد عمن فوت مرافق الملعب..
إذن هي أموال تطير وتتلاشى بدون أدنى محاسبة أو مراقبة!