أكد تقرير جديد للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، أنه يجب أن يتم التحري بالدقة اللازمة في نقل الأخبار والموضوعية في معالجتها والحياد في التعليق عليها والمسؤولية بالالتزام بأخلاقيات المهنة المتعارف عليها.

وأورد التقرير، أنه يفترض في الصحافي المهني تَلَمُّس أكبر قدر من المصداقية في نشر الخبر الصحيح . دون تبخيس أو تضخيم أو تضليل. خاصة عندما يتعلق الأمر بمعالجة أحداث ووقائع ذات بعد وطني ودولي وتحظى بأكبر قدر من المتابعة والاهتمام. كما هو الشأن في حادث سقوط الطفل ريان في بئر على عمق 32 مترا شهر فبراير 2022 . والتي اكتسبت عملية إنقاذه زخما إعلاميا غير مسبوق.

وتضمن هذا التقرير مجمل الخروقات التي تم رصدها في تغطية الصحف الإلكترونية لفاجعة الطفل ريان. والتي تنوعت بين مخالفة بنود المسؤولية المهنية والمسؤولية إزاء المجتمع:

-المسؤولية المهنية: تناقلت العديد من المواقع الإخبارية بثا حيا بعناوين مختلفة تدعي الوصول إلى الطفل ريان والاقتراب من إخراجه من البئر. وهي أخبار تكررت على مدار الساعة منذ بدء فريق الإنقاذ عملية الحفر حتى لحظة الإعلان عن الوفاة. وبرزت هذه العناوين بكثافة لدى موقعي “شوف تيفي” و”آش واقع”.

وقد ترتب عن هذا السلوك تضارب في المعلومات وخلق لبس لدى الجمهور الذي يتابع تطورات الحادثة وطنيا ودوليا. لأنه قد جرى نقل مباشر لهذه التغطيات على العديد من القنوات الإخبارية العربية. وأبرزها قناة “الجزيرة” و”العربية” و”الغد” و”العربي”.

وأضاف التقرير، أن موقع “الجديد نيوز”، عمد  إلى نشر تسجيل على حسابه في “تويتر” بعنوان “لحظة إخراج الطفل ريان ونقله لتلقي العلاج اللازم”. فيما تبين أن الخبر زائف، وأن التسجيل قديم لا يرتبط بحادثة محاولة إنقاذ الطفل ريان. بل يعود إلى توثيق عملية إنقاذ نفذتها فرق الدفاع المدني العراقية لطفل سقط داخل بئر بعمق 35 متراً في منطقة تازة جنوبي محافظة كركوك، في 31 دجنبر 2021.

كما نشر موقع “سوس بلوس” الإخباري ، وفق المصدر ذاته، صورة يدعي أنها لفريق الإنقاذ المغربي أخذت بواسطة طائرة الدرون. وهو ادعاء غير صحيح. إذ إن الصورة قديمة وتعود إلى توثيق عملية إنقاذ طفل سقط في بئر في إدلب السورية في مارس 2021. ولا علاقة لها بعملية إنقاذ الطفل المغربي ريان نواحي شفشاون.

واعتبرت النقابة ، إن هذه الممارسات السالفة الذكر تتنافى مع محور “المسؤولية المهنية” من نص الميثاق الوطني لأخلاقيات الصحافة. الذي ينص على مبادئ رئيسية وهي: البحث عن الحقيقة من خلال نشر معلومات صحيحة مستقاة بطرق سليمة ومعالجة بشك.  وتجنب الاختلاق والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة أو فبركة الصور أو الفيديوهات، والافتراء والتحايل على المتلقين في الصحافة والمواقع الإلكترونية. و كذا تجنب تزوير المعطيات من خلال التزام المنابر الإعلامية بالنزاهة في الإعلان عن تغطياتها الموجهة لشركائها وللجمهور.

-المسؤولية إزاء المجتمع: تصوير الطفل ريان في قاع البئر بوجهه الدامي، وفي وضعية إنسانية صعبة. مما شكل ضررا بمشاعر عائلته. وقد نقلت عدد من المواقع الإلكترونية هذه الصور وهي: “le360″ و”شوف تيفي” و”أخبارنا” و”الزنقة 20″ و”هبة بريس” و”ماروك ميديا” و”أنتلجينسا”.

وتعد هذه الممارسة، وفق تقرير المجلس الوطني للصحافة، خرقا لمبدأ الحق في الصورة. حيث لكل شخص الحق في تملك صورته وطرق استعمالها من طرف الغير. إلا إذا كانت الصورة المستعملة تدخل في إطار ضرورات الإخبار أو مبررة موضوعيا بمصلحة عامة، أو إذا كان المعني بالأمر شخصية عمومية،أو موافقا على التقاط صورته واستعمالها. لكن هذه الشروط لا تتحقق في حالة الطفل ريان فهو قاصر في وضعية مأساوية.

وأضاف التقرير أيضا، أن محاورة أسرة الطفل وهم في وضعية إنسانية جد صعبة، وملاحقتهم وتصويرهم وهم في حالة من التأثر الشديد وطرح أسئلة عليهم لا تمت للمهنية الصحفية بصلة. وقد أتى هذه الممارسة جل المواقع الإلكترونية التي كانت في موقع الحادث.

‏وحسب نقابة الصحافة، يعد هذا السلوك انتهاكا لمبدأ احترام الكرامة الإنسانية المنصوص عليه بالميثاق الذي يأتي تفصيله: “من واجب الصحافة احترام كرامة الإنسان في كل التغطيات الإخبارية نصا وصورة وصوتا. ولا يجوز استغلال لحظات الضعف الإنساني أو الإعاقة العقلية أو الجسدية لخرق مبدأ احترام الكرامة الإنسانية. كما لا يجوز نقل صور البشاعة أو العنف أو التشوهات الجسدية. ويجب تجنب التقارير التي من شأنها أن تشكل ضررا لمشاعر الضحايا أو ذويهم، وخصوصا في الحوادث والكوارث الطبيعية والجرائم والحروب”.