- تعيش مدينة الداخلة هذه الأيام على أخبار الزوجين الدكتورة نزهة العرش و الدكتور طارق توا المشتغلان في مستشفى المدينة. فقد وجّهت سليمة صعصع المديرة الجهوية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب استدعاءا للطبيبة بالمركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني، نزهة العرش، طبيبة النساء و التوليد، للمثول أمام المجلس التأديبي يوم الخميس المقبل دون ذكر لأسباب الاستدعاء.
لكن المتتبعون للملف يؤكّدون أن السبب هو لقاء جمعها مع وزير الصحة خالد آيت الطالب و اشتكت له بالظروف الصعبة التي يشتغلون فيها و وجّهت له في فيديو متداول على الوسائط الاحتماعية: “لا ندري هل تصل معاناتنا لكم أم لا؟”.
فيديو احتجاج الطبيبة نزهة العرش على وزير الصحة خالد آيت الطالب في مستشفى الداخلة و استدعائها للمجلس التأديبي
وقفة احتجاجية صباح الأحد
لتتسارع الأحداث صباح اليوم الأحد لتعيش مدينة الداخلة وقفة احتجاجية أمام مقر مستشفى الحسن الثاني . الوقفة التي ردّد فيها المشاركون شعارات منها “هادا عار هادا عار الصبيطار في خطر”. وحملوا لافتات مكتوب عليها “كل التضامن مع الأطباء الشرفاء”. تأتي هذه الوقفة، حسب سويلم بوعمود رئيس المرصد الوطني لمُحاربة الرشوة وحماية المال العام بجهة الداخلة وادي الذهب، على خلفية استدعاء طبيبة النساء والتوليد بمستشفى الحسن الثاني بالداخلة نزهة العرش، من قبل المديرية الجهوية للصحة للمثول أمام المجلس التأديبي يوم الخميس المقبل. بناءا على قرار صادر عن لجنة البحث التمهيدي الإقليمية. بالإضافة إلى التنديد بتوقيف زوجها وزميلها في العمل طارق توا رئيس مصلحة جراحة العظام بنفس المؤسسة.
وفي رسالة كان قد وجهها إلى وزير الصحة، قال طارق توا زوج الطبيبة نزهة العرش، بأن ما تعرضت له زوجته “شطط سافر لاستعمال السلطة”. الطبيب بالمستشفى ذاته هو بدوره تم توقيفه عن العمل منذ يناير الماضي بمعيّة طبيبين آخرين بقرار من الوزير خالد آيت الطالب بسبب ما سمّاه ““ارتكاب هفوة خطيرة”. وقال أيت الطالب، حينها في مراسلات للجراحين، إنه قرر توقيفهم عن العمل مع إيقاف رواتبهم باستثناء التعويضات العائلية. وذلك إثر “ممارستكم اللامسؤولة تجاه المرفق العمومي مما يؤثر على السير العادي للمصلحة، وذلك باقتحامكم الغرفة الاستشفائية وإخراج محتوياتها إلى الممرات وتحويلها إلى مكتب. وذلك ليلا بدون إخبار الإدارة مما يشكل مساسا بالممتلكات العمومية وعمل عبثي”.
صراصير في غرفة العمليات
و كان الأطباء الثلاث قد قرّروا التوقّف عن القيام بعدد من العمليات الجراحية في ظل وجود حشرات و صراصير ( سراق الزيت) في غرفة (بلوك) العمليات حسب ما وثّقوه بفيديوهات. خوفا من انتشار التعفنات عند إجراء العمليات للمرضى حسب قولهم.
تدوينة الدكتور طارق توا:
و مباشرة بعد استدعاء زوجته للمرور أمام المجلس التأديبي، خاطب الطبيب الوزير قائلا: لقد “أصبحت زوجتي هدفا لممثليكم لحرب ضروس موجهة ضدي”. مضيفا “بسبب حساسية اختصاصها ومسؤوليتها العائلية، تستنزف صحتها الجسدية والنفسية. لياتي هذا التنمر الإداري يقضي على القليل الذي يمكنها من الصمود”. و أردف “سبق وان استنزفت بعد زيارتكم وطرحها المشاكل اللتي تلاقيها في عملها . وما لاقته من انتقام اداري اضطرها إلى التوقف المرضي عن العمل بعده بسبب انهيار عصبي لمدة ثلاثة أشهر”. وهدّد بالتصعيد مع الجهات المسؤولة قائلا: “اليوم سيدي الوزير أعلمكم أنه بلغ السيل الزبى. ليستعمل مدراؤكم حيلهم بالهجوم على زوجتي فهذا غير مقبول. تم تخطي الخط الأحمر الذي سأضطر معه الى استعمال جميع الوسائل أكانت إعلامية أو سياسية أو نقابية”.
تدوينة فايسبوكية كشفت رواية الزوج
وفي تدوينته على ال “فيسبوك”، قدّم الطبيب توا روايته للواقعة التي تسببت في توقيفه. بحيث أكّد أنّ سبب التوقيف هو إرجاع مكتب للأطباء إلى مكانه. مضيفا أنهم يشتغلون في ظروف مزرية, متهما إدارة المستشفى بـ”تصفية حسابات معه” على حساب زوجته نزهة العرش. و كذا التضييق عليه كلما تحدث عن أوضاع المستشفى. و أوضح بأنّ ” المركب الجراحي في حالة يرثى لها مع تواجد حشرات موثقة بالصور. رغم الكتابات المتعددة نتفاجئ بعدم اتخاد اي إجراءات لحل المشكل. وجدنا نفسنا بين مطرقة معاناة المرضى في مدينة بعيدة كل البعد عن اي مستشفى اخر. وبين سندان المضاعفات الخطيرة التي تطوف بالمرضى.”
الصراع بين الوزارة ، ممثّلة في المديرية الجهوية للصحّة ، و هؤلاء الأطبّاء الذين يطالبون بالاشتغال في ظروف “عادية” يعكس مدى السوء الذي وصلته الخدمات الصحيّة بجهة الداخلة. المدينة المتوسّطة الحجم في جنوب المملكة و التي يراد لها ان تكون قطبا سياحيا تستحق عناية أفضل بمستشفياتها و بمرافقها العمومية. صراع يذهب فيه المواطن ضحيّة بين تعنّت الوزارة و شدّ الحبل من طرف الأطباء الذين ضاقوا درعا بالظروف المزرية التي يشتغلون فيها. و لهذا المسلسل بقية…