حيار تهدد حياة ذوي الاحتياجات الخاصة وعائلاتهم بالضياع ..بعد توقف صندوق التماسك الاجتماعي

خرجت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، التي كثر الحديث حولها خلال الايام القليلة الماضية في الصالونات السياسية المغلقة، كونها ستكون من أوائل المغادرين لسفينة التشكيل الحكومي الذي كثر عليه القيل والقال منذ سنتين وزيادة، (خرجت) لتبشر عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة ببطاقة اعتبرتها “لحظة تاريخية فارقة” في تعامل التشريع الوطني مع هذه الفئة الاجتماعية المهمشة منذ عقود ..

وأكدت الوزيرة حيار، خلال تفاعلها مع أسئلة الصحافيين في ندوة صحفية مشتركة مع الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أول أمس الخميس أن هذه الخطوة تشكل “قفزة نوعية على المستويات الاجتماعية والحقوقية”.

والحال، أنه من حيث منطوق كلام السيدة الوزيرة الوصية على القطاع، فإصدار بطاقة الشخص في وضعية إعاقة بعد مرور أربعين سنة ونيف، هي بالفعل لحظة تاريخية وتضمن سلة خدمات اجتماعية طبية وشبه طبية… لكن من حيث الفعل والممارسة على أرض الواقع، فالبطاقة تبقى هلامية حسب عدد من المتتبعين، وفي حكم الغيب، ما دامت السيدة الوزيرة لم تفصح عن تاريخ ولادتها والعمل بها، بل حتى الإحاطة بالبرنامج التفصيلي للمشروع وبالجدولة الزمنية لمساطر وإجراءات تكوين وتفعيل اللجان المحلية والإقليمية والوطنية التي ستسهر على تقييم الإعاقة على المستوى الوطني بمختلف تصنيفاتها وتعقيداتها وتركيبتها العضوية/الطبية والنفسية والاجتماعية والبيئية…

ففي الوقت الذي تعمل وزارة عواطف حيار على توسيع قاعدة استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من منظومة الحماية الاجتماعية، بهدف نقل الخدمات الاجتماعية الحالية الموجهة لهذه الفئة من المجتمع في إطار صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي إلى منظومة الحماية الاجتماعية. يطرح السؤال المؤرق لعائلات ذوي الاحتياجات الخاصة: هل هو حل عملي أم هروب إلى الأمام سيضع شريحة واسعة من المواطنين أمام صعوبات جديدة ويزيد الثقل على كاهل النظام الصحي؟.

يطرح موضوع نقل الخدمات الاجتماعية الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة لمنظومة الحماية الاجتماعية إشكالا وسط فعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال الإعاقة، والتي عبرت عن تخوفها من الإكراهات التي يمكن أن تواجه ذوي الإعاقة خلال هذه الفترة الانتقالية.

وحسب عدد من الخبراء فصندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي الذي تتجه الحكومة نحو إلغائه في أفق تعميم الحماية الاجتماعية على كافة المواطنين، تم إنشاؤه بشكل مؤقت لتوفير مجموعة من الخدمات من بينها 4 خدمات لذوي الإعاقة. أبرزها دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة واقتناء المعدات التقنية والأجهزة البديلة، والأنشطة المدرة للدخل بالنسبة للاندماج المهني، وخدمة تأهيل المراكز.

وبالإضافة إلى هذا فإن أبرز الإشكالات االتي يجب معالجتها تتعلق بتدبير المرحلة الانتقالية التي مازالت تشهد ارتباكا، حسب المتخخصين ناهيك عن أن كل برنامج دعم اجتماعي، “يجب أن يتوفر على مؤشر اجتماعي أو ما يسمى بـ”العتبة” وهو الأمر الذي لم يتم تفعيله بعد بالنسبة لذوي الإعاقة، كما يجب أن يتوفر السجل الاجتماعي الموحد على صيغة احتساب المستوى الاجتماعي الاقتصادي والإعاقة كمكون أو متغير، علما أن الإعاقة تفقر كيفما كان المستوى الاقتصادي للأسرة”.

من جهة أخرى، يضيف المصادر “لا نتوفر على سجل إلكتروني، أي منظومة معلوماتية تجمع حوالي 3 ملايين من المواطنين والمواطنات في وضعية إعاقة”، كما لم يتم بعد الإفراج عن المرسوم المتعلق ببطاقة الإعاقة التي ستحدد الدرجات وكيفية الاستفادة من الخدمات، إذ مازال هذا المرسوم في الأمانة العامة للحكومة.

وسبق أن أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، بمجلس المستشارين، أن مشروع المرسوم المتعلق بمنح بطاقة شخص في وضعية إعاقة “جاهز وسيعرض على مجلس الحكومة قريبا للمصادقة عليه”.

أما على مستوى تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، فقد عبر المرصد المغربي للتربية الدامجة، في بلاغ، عن استياء الجمعيات العاملة في مجال التكفل بالأشخاص في وضعية الإعاقة من هذه الخطوة، مؤكدا أنها “تفاجأت بقرار حذف برنامج دعم التمدرس المندرج في صندوق دعم الحماية والتماسك الاجتماعي، والذي من شأنه وقف تقديم الخدمات التربوية والتأهيلية لفائدة 30 ألف طفل في وضعية إعاقة، وما يقارب 9 آلاف عامل مهني اجتماعي في مختلف المراكز وقاعات الموارد”.

وانتقد المرصد المغربي للتربية الدامجة “عدم تقديم الوزيرة لأي تصور مستقبلي واضح حول موضوع برنامج دعم التمدرس”، مشيرا إلى أنه لن “يتم تنظيم إعلان دعم مشاريع التمدرس برسم السنة المالية 2024، وهو ما ينذر بتوقيف خدمات المراكز وقاعات الموارد لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة”.

مجمل القول ومختصر الكلام، أن هذه البطاقة العجيبة الغريبة، ستبقى رهينة سياسات عمومية غير دامجة، ولن يتم الإفراج عنها بمقوماتها الأساسية ومرتكزاتها الحقوقية والدستورية، إلا إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية لدى السلطات العليا في البلاد، وإعادة النظر في الموازنة المخصصة للقطاع الاجتماعي عموما والفئات الهشة خصوصا، ومن ضمنها الأشخاص في وضعية إعاقة وأسرهم، مع اعتماد مقاربة تشاركية فعلية لذوي الحقوق تأخذ بالرأي والمشاركة وليس التشاور والتجاهل، لأن أخوف ما تخافه هذه الفئات، هي انتظار أربعة عقود أخرى لتمكينها من حقوقها الكاملة والعادلة وفق ما تنص عليه القوانين الوطنية ذات الصلة والتشريعات الدولية التي صادق عليها المغرب