بالرغم من الخطاب الذي سبق وأن ألقاه جلالة الملك محمد السادس، أمام نواب الأمة، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية العاشرة للبرلمان والذي كان حافلا برسائل صارمة موجهة إلى الإدارة العمومية المغربية، والتي تعاني من المحسوبية والزبونية، وسوء توظيف الكفاءات، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين،حيث شدد جلالته على: “لا تهمّني الحصيلة والأرقام في المنجزات أكثر مما يهمني التأثير المباشر على المواطن”.

فإن مطلب إصلاح الإدارة كان ولا يزال هاجسا لدى المواطن المغربي، الذي لازال يعاني من البيروقراطية التي تعرفها الادارات، وتعقد المساطر، وتأخر الإجراءات الإدارية في عصر أصبحت السرعة و الرقمنة من أهم ركائزه. ولعل أنه من بين أهم الإدارات التي تتجلى فيها جملة من الخروقات، هناك المقاطعات والملحقات الادارية والتي يتردد عليها المواطن المغربي بشكل مستمر قصد استخراج عقود الازدياد، شواهد السكنى، والعديد من الوثائق الإدارية الأخرى..

 وقد عاين موقع”المغرب 35″، خلال جولة ميدانية بالعاصمة الرباط، وبالضبط على مستوى المقاطعة العاشرة أكدال، المعاناة الحقيقية التي يعيشها المواطنون مع هذه الإدارة قصد استخراج وثائقهم، حيث تعرف الملحقة الادارية اكتظاظا كبيرا، يطول معهم انتظار، بمواطنين من الرباط ومدن أخرى فرضت عليهم الظروف القدوم في يوم رمضاني لقضاء مصالحهم.

 فتبادل موقع “المغرب 35″، الدردشة مع بعض المواطنين الذين بدت على محياهم علامات التعب والتذمر، حيث صرحت سيدة أنها تنتظر رسم الولادة لابنها منذ أزيد من ساعتين ونصف، وأخرى تنتظر تحرير شهادة وفاة باللغة الفرنسية لأزيد من 4 ساعات، وشاب مقبل على الزواج، جاء من مدينة مكناس للحصول على نسخة كاملة من رسم ولادته، انتظر بدوره ساعات طوال، وآخرون يشتكون هنا وهناك من طول الانتظار وقلة الموظفين.

فما تعيشه المقاطعة العاشرة بأكدال، هو فقط صورة مصغرة لما تعيشه غالبية الادارات والمصالح الادارية بربوع المملكة.

فالغريب في الأمر أنه حتى وإن أراد المواطنون رفع شكاوى وتظلمات من مثل هذه السلوكيات الغير المسؤولة، التي ينهجها بعض الموظفين في الإدارات، فنادرا ما يجدون مسؤولا داخل المصلحة ينصفهم، فغالبا مايجد المواطنون أنفسهم في مواجهات مباشرة مع موظفين يستغلون مناصبهم سوء استغلال ويرددون لازمة “سير حتى لغدا”.

وهنا يقف كل دي ضمير حي  للإستفسار أمام جرأة هؤلاء الموظفين في ضرب مبادئ تسيير المرافق العامة عرض الحائط، وفي خرق القانون (عيني عينك)، واستفزاز المواطنين البسطاء، الذين يجرهم قدرهم للتعامل مع هذه المصلحة وهم مرغمين على ذلك.

فهذا يجعلنا نتساءل، هل هذه أزمة أدوات تقنية ومادية، أم أزمة كفاءات وعقليات عقيمة؟
أليس ورش الإصلاح الإداري يعدّ من الأوراش الهامة التي ظلت مفتوحة لعقود طويلة، وتعاقبة على تنزيله حكومات متتالية؟
فمن هي الجهات التي تخشى عن مصالحها، وامتيازاتها من تطوير الإدارة المغربية، وإصلاح أعطابها المتعددة..؟

المسؤولية

أين هي مسألة تحديث الإدارة، وتقريبها من المواطن التي يتحدث عنها المسؤولون بمناسبة وبدونها؟

ما هذا العبث..!

فمتى سيشعر المواطن المغربي بالثقة والرضى، علما أن هناك توجيهات سامية لصاحب الجلالة في تخليق الإدارة، وتبسيط الإجراءات الإدارية وخاصة بعد صدور القانون المنظم رقم 19.55، المتعلق بتبسيط المساطر، والإجراءات الإدارية، وتحسين جودة الخدمات للمواطن والمقاولة.

فما بين التمني والرجاء، يظل المواطن المغربي يعاني ويعاني إلى أن تتحقق الأماني، ويصبح القطع مع التسلط والاستبداد.

إلى متى ياوطني..