أدى التراجع القياسي للعملة الأوروبية أمام الدولار الأمريكي لصدمة نفسية لدى عموم الأوروبيين. وإن كان الخبراء والمؤسسات الاقتصادية للتكتل القاري يجاهدون للتقليل من أهميتها. فهل يتعلق الأمر بتراجع ظرفي أم بأزمة بنيوية أعمق؟

تراجعت قيمة العملة الأوروبية الموحدة اليورو أمام نظيرتها الأمريكية إلى أقل من دولار لكل يورو. وذلك لأول مرة منذ عشرين عاما. البنك المركزي الأوروبي حاول التقليل من أهمية هذا التطور مؤكدا أن سياسته « لا تستهدف سعر صرف معين لليورو »،.موضحا في الوقت ذاته متابعة البنك لتأثير سعر اليورو على معدل التضخم.

وتواجه عملة التكتل القاري تقلبات في سعر صرفها بسبب ضغوط هائلة في الأسواق المالية في سياق تداعيات حرب أوكرانيا. إضافة إلى الإجراءات المتحفظة والنسبية لمحاربة التضخم التي تبناها البنك المركزي الأوروبي. تقهقر اليورو تزامن مع تصاعد المخاوف بشأن الوقف التام لصادرات الغاز الروسية إلى أوروبا. بعدما تحدثت مصادر حكومية في عدد من العواصم الأوروبية عن احتمال انقطاع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بشكل تام. وبالتالي، يبدو مصير اليورو يعتمد أكثر من أي وقت مضى، على نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وما إذا كان سيسعى إلى تصعيد الحرب الاقتصادية مع أوروبا.

وضع اقتصادي عادي؟

وبات عدد من الخبراء الألمان يتساءل عما إذا كان اليورو قد تحول إلى عملة رخوة إن لم نقل فاشلة. بل هناك من يذهب إلى حد وصف الأمر كما لو هبط سعر المارك الألماني سابقا إلى نفس قيمة الليرة الإيطالية. قد يكون في هذا التوصيف نوع من المبالغة. إلا أنه يعكس تصاعد قلق الأوساط الاقتصادية والمالية في ألمانيا وأوروبا على حد سواء. غير أن هناك من يرى في الوضعية الحالية تطورا عاديا يعكس تفاعلات الأسواق المالية العالمية مع الاقتصاد الأوروبي. وبهذا الصدد كتب موقع « تسايت أونلاين » الألماني (14 يوليوز 2022) أن انخفاض قيمة اليورو له سبب أساسي هو « كون التضخم في الولايات المتحدة أعلى منه في أوروبا.

ففي الآونة الأخيرة، وصلت نسبته إلى 9.1 في المائة. وهو ما يزيد بنقطة مئوية واحدة عن منطقة العملة الأوروبية. ولهذا السبب عمل البنك المركزي الأمريكي على رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع من البنك المركزي الأوروبي. وهذا يعني أن رؤوس أموال الأوروبيين تتدفق إلى الولايات المتحدة لأن هناك عوائد أعلى بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. و بالتالي تحويل المزيد من اليوروهات إلى دولارات، وهذا هو سبب ارتفاع قيمة الدولار » تقول الصحيفة.