عَرَف برنامج إحداث المراكز الثقافية “دار المغرب” الذي أطلقته وزارة الخارجية سنة 2008، “تعثرات كبيرة”. حيث أنه “من بين 10 مراكز التي كان مزمعا إحداثها إلى حدود 2022 لم ير النور إلا مركز واحد أو مركزين. رغم رصد ميزانيات ضخمة لإحداثها.

وَزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، في جوابه على سؤال كتابي سنة 2022 حول “حصيلة تنفيذ برامج المراكز الثقافية دار المغرب- بالخارج”، أرجع سبب ذلك إلى “صعوبة إحداث مراكز ثقافية مغربية بالخارج. بالنظر لأوليات نفقات الدولة التي لا تستجيب لما يتطلبه احداث وتدبير مراكز ثقافية بالخارج من موارد مالية كبيرة”.

مشروع “دار المغرب في هولندا” نموذجا..

الموضوع يعود للواجهة بعد التدوينة التي نشرها وحيد السانوجي، الممثل و المخرج و الفاعل الثقافي المغربي في هولندا. و التي أثار فيها بأنّه “في سنة 2012  تم الإتصال بي من طرف السيد القنصل العام للقنصلية المغربية بمدينة أمستردام وذالك من أجل التشاور معنا أنا وكاتب مغربي هولندي حول مشروع بناء المركب الثقافي المغربي بهولاندا. وقد كان في هذا الإجتماع  القنصل العام أنداك السيد عبد الرحيم بيوض و سيدة فرنسية و دبلوماسي مغربي . على كل حال تم الحديث معنا وإستشارتنا  عن هذا المشروع و عن الجالية المغربية المزمع إنشاء هذا المشروع الثقافي من أجلها . والتي غالبيتها من شمال المغرب (أمازيغ) والدور الفعال لهذا المركب من  أجل خلق إشعاع ثقافي مغربي في الديار الهولاندية.

و أضاف: “بعد هذا اللقاء واثناء بداية الأوراش في قلب العاصمة الهولاندية بمساحة تتراوح حوالي 3000 متر مكعب مما كلف خزينة الدولة ميزانية كبيرة جدا في شراء الأرض و التعاقد مع مهندس فرنسي و شركة بناء هولاندية. وقد كنت من حين لأخر أذهب مع السيد القنصل العام الى أوراش البناء و كذلك الحديث مع المهندس المعماري الفرنسي حول قاعات العروض المتعددة الاختصاصات.  وذلك لكوني الفنان المغربي الوحيد الحاصل على دبلوم المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي بهولاندا”.

بعد نهاية البناء ومغادرة السيد القنصل عبد الرحيم بيوض بعد نهاية مهامه وتعويضه بالقنصل الجديد السيد طلال الجنان تم الأتصال بي من أجل تقديمي بطلب و سيرتي الذاتية من أجل أن أكون من بين الأطر الفنية و الإدارية في تسيير هاته المعلمة الثقافية كما تم تعيين مدير يحمل حقيبة دبلوماسية من أجل إدارة المركب الثقافي. وعلى سبيل المثال هذا ما جعل دار المغرب بكندا أن تغلق أبوابها في سنواتها الأولى بعد فشل كبير في تسييرها من طرف أشخاص لا يفقهون شيئا في تسيير الفني و الثقافي”.

عشوائية و ارتجال و تماطل..

و يستطرد وحيد السانوجي: “الغريب في الأمر هو أنه بعد نهاية البناء منذ سنة 2014 حوالي 9 سنوات و أبواب هذا المركب الثقافي مغلقة لسبب غير معروف. و الذي كلف ميزانية الدولة ميزانية جد ضخمة. و ليس هناك أي توضيح من طرف السيد سفير صاحب الجلالة السابق السيد البلوقي و لا من طرف السفير الحالي  السيد محمد البصري. و لا من طرف أربعة قناصلة تعاقبوا على قنصلية  أمستردام منذ بناءه.  وليس هناك أدنى استفسار من وزارة الخارجية و وزارة الثقافة ووزارة الجالية عن سبب هذا الإغلاق غير المبرر. في حين أنه جاهز للأشتغال و بجميع المعدات”.

و في نداء مباشر و جّهه الفاعل الثقافي المغربي: “اليوم ونحن كجالية مغربية و كفاعليين ثقافيين بهولاندا نطرح السؤال عن سبب هذا الإغلاق غير المبرر.  لعلنا نجد آذان صاغية. والسؤال اليوم  موجه إلى الديوان الملكي و إلى صاحب الجلالة نصره الله . بإعطاء أوامره السامية من أجل إفتتاح هذا المركب الثقافي. و الذي نحن كجالية مغربية في أمس الحاجة إليه من أجل إحتضان الثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية في هولاندا”.

تقرير المجلس الأعلى للحسابات كان قد فضح المستور بخصوص برنامج “دار المغرب” منذ سنوات

و حسب تقرير لمجلس الأعلى للحسابات الذي صدر سنة 2017، أي حوالي 10 سنوات بعد إطلاق البرنامج.  فإن المشروع عرف نقائص و تجاورات بالجملة. و خصّ مشروع “دار المغرب” في هولندا بالفقرة التالية: “تمت إقامة المركز الثقافي “دار المغرب” بأمستردام في مبنى بمساحة 3.000 متر مربع. اقتنته الوزارة سنة 2011 بمبلغ 24,20 مليون درهم. هذا المبنى كان يضم سابقا أحد أقسام متحف أمستردام لعلم الحيوان التابع لجامعة المدينة.

وقد تم تقدير الكلفة الاجمالية المخصصة للدراسات وأشغال التهيئة والتجهيز في 34 مليون درهم ). حوالي 3,4 مليون

أورو. كما كان من المقرر أن تمتد الأشغال على مدى 20 شهرا. وقد تم الشروع في أشغال تهيئة المركز في سنة

2010 ، فيما بدأ العمل في أشغال الديكور والحرف اليدوية المغربية في يناير 2015 . ليتم الانتهاء من أشغال التهيئة

في ديسمبر 2015 . غير أن إنجاز هذا المشروع أثار الملاحظات التالية:

•ارتفاع الكلفة التقديرية لاقتناء وإنشاء المركز

•نقائص مرتبطة بغياب مسطرة رسمية لإسناد الطلبيات

•احتلال المبنى خلال سنة 2013 من طرف قاطنين غير شرعيين

•تأخر افتتاح المركز رغم انتهاء أشغال الترميم.

و كان المجلس قد أوصى ب “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتشغيل المركز الثقافي “دار المغرب” بأمستردام. و ذلك بتنسيق مع الأطراف المعنية”. الأمر الذي لم يُفعّل لحد الآن كما أشرنا سابقا في هذا المقال.

فشل ذريع للبرنامج.. هل من محاسبة؟

و قد أثار تقرير المجلس الاعلى للحسابات فشل مشاريع فتح مراكز ثقافية في كل من إنجلترا، ألمانيا، الولايات الأمريكية إيطاليا، السنغال. برشلونة و إشبيلية (إسبانيا)، طرابلس، تونس، باريس و مانت لا جولي (فرنسا). كما أشار التقرير إلى ضعف النتائج المحققة في إطار الشراكة التي عقدتها الوزارة مع “دار الثقافة المغربية-الفلمنكية” في بروكسيل و مؤسسة “ثقافات البحر الأبيض المتوسط الثلاثة” في إشبيلية. كما سجل بأن المركز الوحيد الذي يشتغل بطريقة معقولة نسبيا هو “دار المغرب” في منتريال الكندية.  و الذي أعادت تدشينه الأميرة لالة حسناء سنة 2016. بعد  3 سنوات من الإغلاق و التعثر.

دار المغرب

دار المغرب في كندا