تحوّل الحديث عن ارتفاع الأسعار في الأسواق المغربية إلى مساحة للنقاش اليومي في منصات التواصل الاجتماعي وفي النقاشات العامة، خصوصاً أن هذا الارتفاع يمسّ حالياً جلّ السلع الأساسية، ويؤرق تفكير المواطن ويؤثر بشكل مباشر على مستوى المعيشة اليومي للطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

فقبيل حلول شهر رمضان، بدأ عدد من وزراء حكومة أخنوش، في الخروج بتصريحات هنا وهناك حول تموين السوق المغربي والتحكم في أسعار المنتجات الاستهلاكية، خاصة منها المنتجات الأولية التي تشكل قوت المواطن اليومي.

ففي خرجات متعدد لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد محمد صديقي، والتي كان آخرها نهاية الأسبوع الماضي، صرح الوزير أن السوق المغربي سيعرف تزويد ووفرة في المواد الاستهلاكية واستقرار في الأسعار. وعلى نفس النهج، سارت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، وأقرت على هامش انعقاد لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، يوم الثلاثاء، بأن أسعار بعض المنتوجات شهدت في الأيام الأخيرة ارتفاعا، موضحة أنه بعد أسبوع، سيعود الإنتاج إلى الارتفاع وستنخفض الأثمنة من جديد. في خطوة كان يجب العمل عليها قبل حلول شهر رمضان الكريم، لتجنب إرهاق كاهل المواطن المغربي وتشجيع المضاربة في السلع.

وقبلهما خرج العديد من الوزراء وكذا رئيسهم بتبريرات واهية وحلول ترقيعية للحد من هذه الأزمة التي تزداد حدتها يوم بعد يوم. قبل أن يكتذهم زميلهم في الحكومة والمناطق باسمهم مصطفى بايتاس شخصيا، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، حين أكد خلال ندوة صحافية أعقبت التئام المجلس الحكومي لهذا الأسبوع بكون المجهودات التي قامت بها الحكومة من أجل الحد من ارتفاع الأسعار لم تحقق الأهداف المطلوبة، معتبرا أن «مشكلة الأسعار مسألة أعقد بكثير مما نتصور»، وبالتالي فالوزير لخص أن الحكومة عاجزة عن إيجاد حلول واقعية وآنية لمشكل الغلاء.

هذا الفشل الذي أقر به الناطق الرسمي للحكومة، لزم وجوب أخده بعين الاعتبار والتمعن في خباياه. فحكومة عاجزة أمام ملف حساس يهدد السلم الإجتماعي، وجب أن تقدم استقالتها في القريب العاجل لأن طريقة عملها وسياساتها لم تفلح في حل مشاكل المواطنين بل، بالعكس، زادتها تأزما.

فالحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليتها عما آلت اليه الأوضاع لأنها تأخرت في التدخل لوضع حد لهذه الوضعية، واتبعت منهجية غير سليمة، وتركت المواطنين يواجهون مصير غلاء الأسعار عوض نهج مقاربة توقعية وحمائية، كانت على الأقل ستخفف من حدة الأزمة وتأثيراتها المباشرة على المواطنين.

أما كان من الواجب والأولى، التصدي للإرتفاعات بمراقبة سوق المحروقات، والتي كان لها التأثير المباشر على غلاء الأسعار، و الحد من التلاعبات في الأسعار والتحقيق في الأرباح الخيالية التي حققتها شركات المحروقات؟

أما كان من الأجدر على حكومة رجال الأعمال، حسن توظيف الملايير من الدراهم التي صرفت كدعم مباشر لمهنيي قطاع النقل، دون أن يكون لها أثر مباشر على المواطن المغربي؟

أوما كان على هذه الحكومة ذات النظرة الثاقبة “لجيوب المواطن” أن تسعى لإيجاد حل لمشكل لاسمير من أجل قطع دابر المتاجرين بالسلم والأمن الاجتماعي المغربي؟

أم أن الهم الأول والأخير لبعض وزراء هذه الحكومة، هو خدمت مصالحهم ومصالح أوليائهم وبعدهم الطوفان.

فالمغرب رغم تعاقب حكومات عدة بمختلف تلاوينها، لم يعرف قط تسييرا انتهازيا ومتخاذلا مثل ما نعيشه اليوم. سواء من جانب الأغلبية أو حتى من جانب المعارضة، التي تنتظر أحزابها الإعلان عن تعديل حكومي، رمضاني، للظفر بقطعة من كعكة المغرب الجميل وأخد نصيب مما تركه الأولون.

فتعديل حكومي طال انتظاره، أصبح ضرورة حتمية تفرضها الأوضاع الحالية، فعجز في تسيير قطاعات، واستفراد بالقرارات وسبات داخل دوواين الوزارات، سيدخل المغرب في أزمات وصراعات هو في غنا عنها.