رد الباحث والحقوقي أحمد عصيد على تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق بخصوص تحذيره من إقحام تدريس العلوم الإنسانية في المعاهد الدينية. معتبرا أن الوزير متناقض مع نفسه.
وأوضح عصيد في تصريح لجريدة “المغرب 35” اليوم الخميس أن ما صرح به وزير الأوقاف بشأن تدريس العلوم الإنسانية في المعاهد الدينية يتضمن بعض التناقض. فهو من جهة يعتبر أن هذه العلوم “عظيمة الفائدة” وهذا مهم. ويتوافق مع ما دعونا إليه دائما منذ عقود من ضرورة تكوين الفقهاء والأئمة في العلوم الإنسانية. حتى يكون لهم إلمام بواقع مجتمعهم وحقيقة الكثير من الظواهر المحيطة بهم، وحتى يعملوا على تطوير مناهج اشتغالهم
وأضاف عصيد منتقد الوزير والمؤرخ خريج كلية الاداب والعلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس. بالقول “لكن من جهة ثانية أشار وزير الأوقاف إلى أن تدريس العلوم الإنسانية “لاينبغي أن يحجب الحقيقة الكبرى. وهي أن القرآن الكريم هو علم الله لهداية الإنسان بالبيان”. ومعنى ذلك في النهاية أن تدريس العلوم الإنسانية هو لمجرد “الاستئناس” بها لا غير.

تدريس العلوم ينبغي أن يؤدي إلى تغيير بنية العقل من أساسه

وأكد عصيد أن الحقيقة هي أن تدريس العلوم ينبغي أن يؤدي إلى تغيير بنية العقل وأسلوب التفكير من أساسه. وهذا من شأنه أن يحرر الوعي الديني من الخرافة. ويجعل الفقهاء والأئمة يستوعبون جوهر الرسالة الذي هو العلم والعقل والكرامة الإنسانية. وكل ما يتناقض مع هذه الأهداف إنما هو من الأسباب المكرسة للتخلف.
وأشار الباحث عصيد إلى إن العلوم الإنسانية لها منطقها ومناهجها، وتدريسها لرجال الدين ينبغي أن يكون هدفه فتح عقولهم على مناهج العصر ونتائج علومه. حتى يتخلصوا من المناهج العتيقة المتوارثة منذ 12 قرنا. والتي بقيت على حالها لا تتغير ولا تتطور، والتي أدت بذلك إلى هضم حقوق الناس وتشريع قوانين في غاية التخلف و ترويج أفكار لا تساعد على نهضة بلدنا.

وختم عصيد تصريحه قائلا: فما يتم تدريسه في ما يسمى مثلا “علم التفسير” أو “علم الحديث” يتضمن أمورا غريبة يخجل الإنسان من ذكرها. وستساعد العلوم الإنسانية على التخلص من ذلك التراث الفكري الديني الجامد والمليء بالخرافة من أجل فقه جديد ووعي إسلامي متجدد.
وتجدر الإشارة إلى أن أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، كان قد صرح في ندوة نظمتها مؤسسة دار الحديث الحسنية الثلاثاء :“لا ينبغي أن يتم إقحام تدريس العلوم الإنسانية في المعاهد الدينية. من أجل التظاهر بالانفتاح عَلَى العصر، أو يكون ذلك مجرد حيلة سطحية”
وأضاف ، بأنه “إذا كان مسموحا بتدريس العلوم الإنسانية في المعاهد الدينية نظرا لفائدتها العظيمة. فإن ذلك لاينبغي أن يحجب الحقيقة الكبرى وهي أن القرآن الكريم هو علم الله لهداية الإنسان بالبيان”.