سعيد الكحل..ما موقف عملاء إيران بعد إعلان دعمها للبوليساريو؟
نفى قبل أشهر، أحد عملاء إيران وأذنابها بالمغرب المدعو أحمد وايحمان، وجود أي علاقة بين حزب الله وبين عصابة البوليساريو. بل أجزم أن حزب الله وإيران يجهلان وجود البوليساريو؛ وبالتالي فإنه يكذّب كل تصريحات السيد ناصر بوريطة حول الدعم الذي يقدمه حزب الله لانفصالي البوليساريو: “أنا أصدّق حسن نصر الله ولا أصدّق بوريطة.. وحزب الله وإيران ماكيعرفوش أصلا البوليساريو”.
ومعنى هذا أن قيادة إيران لا تعرف عصابة البوليساريو ولا تتواصل معها ولا تدعمها. وإمعانا في الإنكار والنفي وفي اتهام المغرب بالافتراء على إيران وعلى حزب الله بكونه يدرب عناصر البوليساريو، حاجج بالتالي: “لي أصدقاء من حزب الله ومن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعَهْدي بهم أنهم مدافعون عن الوحدة الترابية للمغرب” وأن “بيان حزب الله بخصوص تدريب عناصر جبهة البوليساريو كان مسؤولا وفي محله، ولم يحمل أي مشاحنات ولا انفعال، كما العادة”. لم يكتف وايحمان بالنفي والإنكار، وإنما تحدى وزارة الخارجية المغربية أن تقدم أدلة على دعم إيران وحزب الله للبوليساريو.
حبل الكذب قصير.
مهما تمسك وايحمان وبقية أذناب إيران بنفي أي علاقة بين البوليساريو وبين إيران وحزب الله، فإن حبل الكذب قصير، إذ سرعان ما انكشفت الحقيقة وانفضح أمر الكاذبين الذين يجعلون مصلحة الوطن وأمنه خارج اهتمامهم. فالإنكار لن يصمد أمام الوقائع والقرائن المادية التي تثبت وجود علاقات متعددة، سياسية وعسكرية، بين إيران وبين البوليساريو ومنها:
1 ـ رسالة التعزية التي بعث بها زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي إلى الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، في يناير 2024 إثر مقتل أكثر من 100 شخص في تفجيرين بمدينة كرمان جنوبي إيران، والتي لم يكتف فيها بتقديم عبارات التعزية والمواساة، بل تجاوزها إلى تصنيف المغرب كقوة “شريرة” تشيع القتل وتمارس الظلم والتوسع : “إن ما تعرضتم له من إرهاب وقتل للأبرياء هو ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة ويتعرض له شعبنا في الصحراء الغربية اليوم من قبل أشرار جمعتهم عقيدة القتل والظلم والتوسع، مما يحتم استمرار المقاومة وتقوية أدواتها وتطوير أساليبها”.
2 ـ رسالة تعزية زعيم البوليساريو في مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث سقوط الطائرة، والتي أكد فيها رغبته في تعزيز العلاقات مع إيران: “إننا في الجمهورية الصحراوية، وإذ نجدد خالص التعازي للشقيقة إيران، نؤكد لكم إرادتنا الصادقة في تعزيز العلاقات التي تربط بلدينا، لما يخدم صالح شعبينا وشعوب الأمة الإسلامية، ويعزز أسس السلام العادل والاستقرار الدائم في المنطقة والعالم”.
3 ـ وجود أدلة ومعطيات عن اللقاءات التي جمعت بين عناصر من حزب الله وأخرى من البوليساريو كشف عنها بتفصيل وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة، في حوار لمجلة “جون أفريك” بتاريخ 13/5/2018، “تتضمن حقائق ثابتة ودقيقة، منها مواعيد زيارات مسؤولين كبار في حزب الله إلى الجزائر، وتواريخ وأمكنة الاجتماعات التي عقدوها مع مسؤولي البوليساريو، بالإضافة إلى قائمة بأسماء العملاء المشاركين في هذه الاتصالات”؛ ويتعلق الأمر على الخصوص بحيدر صبحي حديد، المسؤول عن العمليات الخارجية في حزب الله، وعلي موسى دكدوك، المستشار العسكري في التنظيم نفسه، بالإضافة إلى الحاج أبو وائل زلزالي، المسؤول عن التكوين العسكري واللوجستي. وأن بعض الاجتماعات بين البوليساريو وحزب الله تم عقدها في “مكان سري” بالجزائر العاصمة، معروف لدى الأجهزة الجزائرية، ومستأجر من طرف المدعوة “د. ب”، وهي جزائرية متزوجة من أحد كوادر حزب الله، تم تجنيدها كعميلة اتصال تابعة للحزب، خاصة مع البوليساريو. وأن السفارة الإيرانية بالجزائر العاصمة كانت صلة الوصل، التي تربط بين حزب الله والجزائر والبوليساريو من خلال “مستشارها الثقافي حينها “أمير الموسوي، الذي كان دائما هو الشخص الرئيسي والمحوري في محاولات نشر “التشيع” في العديد من البلدان العربية والإفريقية”. معطيات قدمها السيد بوريطة، سنة 2018، لنظيره الإيراني السابق جواد ظريف وتتعلق بأسماء مسؤولين كبار في حزب الله، تنقلوا في عدة مناسبات إلى تندوف منذ مارس 2017 من أجل لقاء المسؤولين في البوليساريو، والإشراف على دورات تدريبية، وإقامة منشآت ومرافق.
4 ـ الدعم العسكري الإيراني للبوليساريو الذي كشف عنه السيد بوريطة في أكثر من مناسبة، ويشمل الأسلحة والصواريخ (سام 6 وسام 9) والطائرات المسيرة، فضلا عن التدريبات العسكرية على حفر الأنفاق وحرب المدن والعصابات.
5 ـ دعم إيران للمشروع الانفصالي للبوليساريو خلال أشغال الدورة الموضوعية للجنة الأممية الرابعة والعشرين، عبر ممثلها الذي أكد على “مسؤولية الأمم المتحدة تجاه شعب الصحراء وحقه في تقرير مصيره”، داعيًا “المجتمع الدولي إلى تكريس جهوده لتمكين الشعب الصحراوي من حقوقه ونيل استقلاله”. وهو الموقف الذي اتخذته إيران من خلال تدخل المستشار الأول للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، محمد رضا سهرايي، في مارس 2021، والذي أكد فيه، بشكل علني، دعم بلاده لجبهة البوليساريو، وأن إيران تقف إلى جانب “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”. بل سمح لنفسه دعوة المغرب إلى “وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والطعن في سلامتها الإقليمية، وأن يفي بالتزاماته تجاه الشعب الصحراوي، ويوقف انتهاكاته لحقوق الإنسان وينفذ قرارات الأمم المتحدة”.
الآن وقد تم الكشف عما يكفي من المعطيات والأدلة عن ضلوع إيران وحزب الله في دعم البوليساريو ومعاداة الوحدة الترابية للمغرب، فهل سيتعظ عملاء إيران وأذنابها، وعلى رأسهم عزيز غالي وأحمد وايحمان الذي سبق وقال “لغاية ما نتأكد نعتبر أن هنالك تسرع في قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.. لغاية الآن، بحسب علاقتنا مع حزب الله ننزهه من هذا الموقف المدعى عليه، وكذلك في إيران”؟ الأكيد أن أمثال عزيز غالي وأعضاء حزب “النهج الديمقراطي” لن يغيروا موقفهم من إيران وحزب الله؛ فجميعهم يلوّكون أطروحة تقرير المصير التي اختفت من تقارير مجلس الأمن منذ 2007، تاريخ تقديم المغرب مقترح الحكم الذاتي الذي بات الصيغة التي تحظى بالجدية والمصداقية لدى أعضاء مجلس الأمن. لهذا لا يمكن أن ننتظر من هؤلاء دعم الوحدة الترابية للمغرب وهم لا يؤمنون بها. فما يجمع عملاء إيران والجزائر والملالي هو عداؤهم للنظام المغربي. ورحم الله الملك الحسن الثاني الذي قال “إذا رأيت صديقك مع عدوّك فاعلم أن الإثنين أعداؤك أحدهم سرّاً والآخر جهراً”.