المعارضة الاتحادية بالغرفة الثانية: مشروع قانون المالية تنقصه الجرأة المالية والسياسية 

عبر فريق المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين عن أمله الكبير. في أن تلتقط الحكومة عددا من الأشارات المضيئة و”هي تعد مشروع القانون المالي لسنة 2024. من أجل تقديم صيغة متطورة لهذا المشروع تقطع مع الاستمرارية التي ميزت السنتين الأولتين من عمر الحكومة الموقرة. لكن مع الأسف الشديد خاب ظننا ونحن نعاين مشروعا جديدا قديما فيه الكثير من الوعود والتعهدات أكثر من الإجراءات والبرامج الواقعية القابلة للتطبيق والاستدامة. مشروع يتسم بمحدودية الأفق الزمني وكأن الحكومة لا يهمها سوى إنجاح ولايتها التي تنتهي سنة 2026؟

وأضاف يوسف ايذي رئيس الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية. في مداخلته خلال المناقشة العامة لمشروع قانون مالية 2024. أنه سيبقى يقظا ومتأهبا لمراقبة مدى استجابة العمل الحكومي وتجاوبه. تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، مع حاجيات الأقاليم الست المتضررة من زلزال الحوز والمقبلة على فصل شتاء غالبا ما يكون قاسيا في هذه المناطق الجبلية.

 

قانون المالية

وشدد ذات المتحدث بالقول :”إننا أمام مشروع قانون مالي مهم لأنه يتزامن مع مرور سنتين من الولاية الحكومية الحالية. وهي مدة كافية مكنت الحكومة باعتراف صريح من أغلبيتها البرلمانية. التي أكدت في تدخل أجد فرقها أن لها”مساحة كافية لمقاربة واقع مؤسسات الدولة. وإكراهات التدبير العمومي. وحقيقة المالية العمومية…وأعطتها الأدوات الدقيقة لمعرفة ما تحتاجه البلاد، وما تقتضيه الظرفية من قرارات عمومية ذات بصمة إصلاحية، بروح مُتجردة و صادقة. وعبر جرأة سياسية تقطع مع الارتهان للمستقبل وتأجيل القرارات التي كلما طال زمن اتخادها زاد استفحال انعكاساتها السلبية. وباتت مستعصية على الإصلاح، وبالتالي التأثير السلبي على مصائر الأجيال المقبلة”. وهذا يعني في تقديرنا أيضا أن الحكومة متملكة بما يكفي لحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية للمغرب. وبالتالي كان عليها أن تبدي مزيدا من الجرأة المالية والسياسية في مشروع القانون المالي الذي نناقشه اليوم، وهو الشيء الذي نتأسف لغيابه.

 

مشروع يقفز على الواقع الاقتصادي والاجتماعي

 

وسجل فريق المعارضة الاتحادية أن الفرضيات الأساسية التي بني عليها المشروع تبدو وكأنها تقفز على الواقع الاقتصادي والاجتماعي المغربي. إن لم نقل تغرق في تفاؤل مفرط يخلق حالة زائفة من الأمل سرعان ما يتحول إلى يأس قاتل. إنها فرضيات تحمل في طياتها أسئلة كبيرة حول صدقيتها وإمكان تحققها بالنظر إلى الظرفية الدولية والوطنية الصعبة كما أشرنا إلى ذلك سابقا.
لقد اتضح جليا ، يضيف ذات المصدر، من خلال حصيلة السنتين الماليتين السابقتين أن معظم توقعات الحكومة بخصوص معدلات النمو والتضخم وعجز الميزانية كانت بعيدة عن الواقع مكرسة الإيقاع البطيء للعمل الحكومي. وهو ما يسمح لنا بالتساؤل هل الحكومة على قدر ضعيف من الإلمام بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية. أم إنها ضحية ثقة زائفة في المستقبل الذي لا تتحكم فيه؟
وأكثر من ذلك فقد سجلنا بكل أسف غياباللانسجام وتباعدا في الأرقام بين الحكومة وبعض المؤسسات كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط بخصوص حقيقة وآفاق الاقتصاد الوطني وتطور مؤشراته.

وسجل في الملاحظة الثانية المتعلقة  بالتحدي الذي يواجه الحكومة. في استدامة وسائل تمويل البرامج الاجتماعية بدون التغول على الطبقة الوسطى التي تجد نفسها امام خطر الانزلاق الى أوضاع اجتماعيه صعبة. علما انها الفئة التي تحقق توازن المجتمع في كل المستويات. وهي التي تحرك الاقتصاد الوطني وتعزز التماسك الاجتماعي من خلال تقوية آليات التضامن التقليدي التي يبدو أن الحكومة ليست على علم بها.

وعلى سبيل المثال. فإن الإجراءات الضريبة التي همت الرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك ومراجعة أسعار الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد والخدمات الأساسية وخاصة السكر والسيارات الاقتصادية ونقل المسافرين وغيرها. بالإضافة إلى الرفع التدريجي لأسعار قنينة الغاز من فئة 12 كيلوغرام ابتداء من أبريل 2024؟ تظهر الحكومة وكأنها تحاول انتشال الطبقة الفقيرة من براثن العوز والخصاص وفي نفس الوقت تدفع بالطبقة الوسطى، صمام أمان أي مجتمع، نحو الهاوية. وفقا لذات المداخلة.

 

ضعف التدابير المواكبة

 

كما سجل بأسف عميق. أن الحكومة في الوقت الذي تتقدم فيه بمشاريع إصلاحية في عدد من القطاعات الحساسة التي تمس أوضاع قطاعات واسعة من المجتمع المغربي. فإنها لم تنجح في مصاحبة هذه المبادرات بما يكفي من التدابير والإجراءات الكفيلة بخلق الأجواء الاجتماعية المناسبة لضمان شروط نجاح هذه المشاريع.
وبدون الإطالة في سرد العديد من الحالات التي تجسد هذا الإخفاق الحكومي. فإننا نكتفي بالإشارة إلى ما يعتمل داخل أسرة التعليم من مشاكل لا تكاد تنتهي. وآخرها وأكثرها خطرا على مستقبل البلاد في مجال حساس هو ما رافق اعتماد المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية. من احتجاجات واسعة شلت القطاع وأدت إلى حرمان ملايين التلاميذ من المتابعة المنتظمة للدراسة. منبها بأن قطاع التعليم في كل مستوياته قطاع استراتيجي لحاضر ومستقبل البلاد وهو القاطرة نحو بناء مجتمع متماسك ومتقدم اقتصاديا وصناعيا وحضاريا. وبالتالي فإنه لا يستحمل الإقدام على مغامرات أو مبادرات ترقيعية غير مدروسة بالعناية اللازمة وغير محاطة بالالتزام والجدية المطلوبة.
وشدد على أن الحرص على الإعمال الفعلي للمقاربة التشاركية مع كافة الفاعلين المعنيين بالإصلاح. هو السبيل الأنجع والطريق المختصر لمباشرة الإصلاحات الضرورية في هكذا قطاعات. وهو النهج الأسلم لبلوغ النتائج المرجوة وتجنيب بلادنا التوتر وحالة الاحتقان ذات المفعول السلبي على الاستقرار والسلم الاجتماعي. الذي بدونه لا يمكن لنا المضي بثبات على درب الإصلاح والتغيير المنشود.

وفي ختام مداخلته، عبر  الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية. عن قلقه وتوجسه من الحلول والوسائل المقترحة، بل إننا نشكك في مدى القدرة على مواصلة تنفيذ الالتزامات والتعهدات الواردة على متن المشروع. وذلك في ظل محدودية الإمكانيات الماليةوقصر النظر وشح الابداع في اقتراح الحلول القابلة للحياة.