اهتزت عمالة إقليم القنيطرة على وقع فضيحة من العيار الثقيل. بعد تسريب تسجيلات صوتية تفضح وجود تلاعبات و «البيع والشراء» في عقود برنامج «أوراش». الذي خصصته الحكومة لتوفير مناصب شغل مؤقتة للعاطلين عن العمل والأشخاص الذين فقدوا مصدر رزقهم بسبب تداعيات جائحة «كورونا». لكن بعض المنتخبين النافذين حولوا البرنامج إلى وسيلة للاغتناء وجمع الأموال.

وأفادت المصادر بأن عامل الإقليم توصل بالتسجيلات الصوتية وأمر الكاتب العام للعمالة بفتح تحقيق. كما أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية توصلت بشكايات من طرف ضحايا تعرضوا لعملية نصب واحتيال في مبالغ مالية من طرف «سماسرة». يشتغلون لصالح عضو نافذ بالمجلس الإقليمي. مقابل الحصول على عقود عمل مؤقتة في إطار برنامج «أوراش».

وأعطى وكيل الملك تعليماته للشرطة القضائية بولاية أمن القنيطرة من أجل إجراء الأبحاث والتحريات بخصوص هذه الشكايات. حيث استمعت الشرطة لبعض الضحايا يوم الجمعة 8 يوليوز الجاري. في الوقت الذي يدعي «السماسرة» أن أعضاء بالمجلس الإقليمي سيوفرون لهم الحماية.

وعود كاذبة بالإدماج في الوظيفة العمومية

وحسب الشكايات التي اطلعت عليها «الأخبار»، فقد تعرض مجموعة من الضحايا للنصب والاحتيال من طرف «سمسار» يشتغل لصالح منتخبين جماعيين وبالمجلس الإقليمي. حيث استفادت جمعية مقربة من منتخب نافذ سبق أن أدين في قضايا الفساد الانتخابي من برنامج «أوراش». وقام رئيس الجمعية باستخلاص مبالغ من الراغبين في الحصول على عقود عمل مؤقتة، وتتراوح هذه المبالغ ما بين 3 آلاف و5 آلاف درهم لكل شخص. وأكدت الشكاية أن الضحايا سلموا المبالغ لرئيس الجمعية بعدما مكنهم من عقود عمل لمدة سنتين بأجور شهرية تصل إلى 2700 درهم. قبل أن يكتشفوا أنهم ذهبوا ضحية عملية نصب واحتيال.

واطلعت «الأخبار» على مجموعة من التسجيلات الصوتية بطلها رئيس جمعية يتحدث باسم عضو نافذ بالمجلس الإقليمي. ويطلب من الراغبين في تقديم ملفاتهم أداء مبالغ مالية سماها «مصاريف الملف». مقابل دراسة هذه الملفات من طرف اللجنة الإقليمية التي تسهر على تنفيذ برنامج «أوراش» بإقليم القنيطرة. كما وعدهم بالإدماج المباشر في الوظيفة العمومية للعمل بالمقاطعات ودور الشباب. علما أن برنامج «أوراش» لا يتضمن الإدماج المباشر للمستفيدين من عقود العمل.

وكشفت المصادر أن انتقاء ملفات الجمعيات المستفيدة من برنامج «أوراش» شابته الكثير من الاختلالات والتلاعبات. حيث تم إقصاء جمعيات مدنية جادة. في حين تم توزيع «الكعكة» بين المنتخبين بالمجالس الجماعية والمجلس الإقليمي. والخطير في الأمر أن جمعيات يترأسها منتخبون أو هم أعضاء فيها استفادت من البرنامج. وتم توزيع عقود العمل على المقربين من هؤلاء المنتخبين. في حين يقوم منتخبون بالمجلس الإقليمي بتحريض الجمعيات على السلطة المحلية. بدعوى أن عامل الإقليم هو الذي يحسم في ملفات الجمعيات المستفيدة بعد إجراء السلطة لأبحاث على أعضاء هذه الجمعيات.

وسيستفيد من البرنامج طيلة مدة تنفيذه خلال سنتي 2022 و2023 ما يقرب من 250 ألف شخص في إطار عقود «أوراش».  تبرمها جمعيات المجتمع المدني، والتعاونيات والمقاولات، عبر ترشيحات وعقود عمل. خاصة الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد- 19، والأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل. وذلك دون اشتراط مؤهلات. ورصدت الحكومة غلافا ماليا لتنزيل البرنامج يقدر بـ 2,25 مليار درهم برسم سنة 2022.

أهداف برنامج “أوراش”

وتهدف الأوراش العامة المؤقتة، الموجهة إلى حوالي 80% من العدد الإجمالي للمستفيدين من البرنامج. إلى الاستجابة لحاجيات المواطنين من بنيات تحتية. كما تتوخى إنجاز أشغال وأنشطة ذات طابع مؤقت تندرج في إطار المنفعة العامة والتنمية المستدامة من قبيل إنجاز مسالك طرقية وترميم المآثر والمنشآت العمومية والتشجير وإعداد المساحات الخضراء ومحاربة التصحر . وزحف الرمال ورقمنة الأرشيف والتنشيط الثقافي والرياضي والتأطير التربوي العرضي.  وستمكن هذه الأوراش من إدماج الفئات المستهدفة في إطار عقود عمل مؤقتة.

وتهدف أوراش دعم الإدماج المستدام، الموجهة إلى حوالي 20% من المستفيدين من البرنامج. إلى تحقيق عدد من الغايات. منها الاستجابة إلى خدمات موجهة للأشخاص والأسر والمجتمع تعرف خصاصا على صعيد بعض المناطق. من قبيل محو الأمية والتعليم الأولي والاعتناء بالأشخاص المسنين والأنشطة الرياضية والثقافية والمطعمة المدرسية والخدمات شبه الطبية، كما تهدف إلى دعم القطاعات والمقاولات المتضررة من تداعيات جائحة كوفيد19. ودعم المقاولات الراغبة في تشغيل الفئات المتضررة أو التي تعاني صعوبات في الإدماج المهني.

محمد اليوبي / اخبار بريس