تتواصل العديد من المنابر الإسبانية في إثارة موضوع انقطاع في إمدادات الغاز الجزائري في اتجاه إسبانيا، والذي يمر عبر ألميريا عن طريق أنبوب Medgaz، مشيرة إلى ضرورة لجوء إسبانيا إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال من السوق العالمية، رغم ثمنه الباهظ، خصوصا مع نشوب الصراع الحالي في أوكرانيا. الحكومة الإسبانية من جهتها، تطمئن، رغم علمها بصعوبة الوضع الحالي.

تيريزا ريبيرا، وزيرة التحول البيئي، اعترفت بأن المشكلة ستأتي من أسواق النفط والغاز الدولية، مع ارتفاع الأسعار بشكل كبير، حيث وصل سعر برميل النفط الخام هذا الأسبوع بالفعل إلى 90 دولار، بزيادة 30 دولار عن تقديرات السلطة التنفيذية، وكل شيء يشير إلى أنه قد يصل إلى 100 دولار قريبًا إذا استمر التوتر العسكري بين روسيا و أوكرانيا.

في مدريد، هناك علامات استفهام ضخمة، حول الخريطة الطاقية في البلاد، والثي تثير العديد من الأسئلة على جميع المستويات. فتسعيرة الكهرباء لم تستقر بعد بسبب أسعار الغاز  (232 يورو ميغاواط في الساعة)، كما يستمر ثمن البنزين في الارتفاع، الأمر الذي يعقد مهام حكومة بيدرو سانشيز، التي لم تستطع خفض سعر فاتورة الكهرباء في البلاد، وهو ما يؤثر أكثر على شعبية حكومة الائتلاف اليساري.

 

قلق تجاه عدم اسقرار الأسعار

لا تزال المعضلة التي تواجه إسبانيا فيما يتعلق بالغاز الطبيعي تكمن ، من ناحية ، في ارتفاع تكلفة سعره، حيث إنه السبب الرئيسي لعدم انخفاض تعريفة الكهرباء. ولكن أيضا في المشكلة الناجمة عن إغلاق خط أنابيب الغاز الجزائري GME الذي قرر النظام الجزائري إغلاقه بعد توتر العلاقات مع المغرب.

التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا يقلق إسبانيا كذلك بشأن تأثير التهديد بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا، كما هو الحال بالنسبة للتأثير الذي يمكن أن يحدثه على الأسعار، سواء في النفط أو في الغاز. فإسبانيا تستقبل من روسيا حوالي 9٪ من الغاز الذي تستهلكه، لذلك في حال استمرار التوتر، ممكن أن ينقص حجم الإمدادات، وبالتالي ازدياد الضغط على الجزائر الذي وصل فيه أنبوب Medgaz إلى طاقته القصوى، ورغم ذلك لم يستطع تعويض الخصاص الذي يعاني منه الجانب الإسباني، وهو ما يبرز ضعف التخطيط الجزائري حين قرر قطع أنبوب GME.

إغلاق GME قد يؤدي لفشل محتمل في طريق الإمداد عبر Medgaz والذي قد يعرض إسبانيا لخطر انقطاع التيار الكهربائي المحتمل.

 

محاولة إخفاء الفشل الجزائري عن طريق تكتم حكومة سانشيز

رغم جميع الخرجات الإعلامية من طرف الجانبين الإسباني أو الجزائري (سانشيز، ألباريس، سونطراك…إلخ) حول عدم وجود قلق جراء إغلاق خط أنابيب الغاز GME، فإن الأرقام والمعطيات تتحدث عن نفسها. المنشأة المغلقة كانت تنقل 8000 مليون متر مكعب، وهو مالم يستطيع أنبوب Medgaz الوصول إليه رغم الرفع من طاقته، لتلجأ إسبانيا لاستيراد الغاز عن طريق السفن. ستحتاج إسبانيا إلى نقل ما يقارب 4000 مليون متر مكعب بواسطة ناقلات الغاز من البلدان الموردة الأخرى.

على الرغم من وصول الغاز إلى إسبانيا من 14 دولة، فالجزائر توفر أكثر من 40٪ من الاستهلاك في البلد الإيبيري، مما يعني أن إسبانيا تعتمد كليًا على الحكومة الجزائرية. الحكومة التي قد تهدد الأمن الطاقي لإسبانيا بمجرد موقفها المعادي للمغرب.

 

البحث عن بديل الغاز الجزائري في الأسواق العالمية

نتيجة لإغلاق التزويد عن طريق GME ، أطلقت شركة Enagás الإسبانية التي تدير القطاع، خطة أمنية لتوجيه جميع الطرق البديلة الموجودة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال. فرضت Enagás عمليات تحكم مستمرة في جميع أنحاء الشبكة وفي محطات إعادة تحويل الغاز للحفاظ على الحد الأقصى من الاحتياطيات وتجنب الأعطاب الفنية المحتملة، معلنة أن “البنية التحتية للغاز في البلاد تشتغل حاليا بأقصى طاقتها”.

الولايات المتحدة هي واحدة من البلدان التي، في الوقت الحالي، تزود بجزء من الغاز الذي تحتاجه إسبانيا لتغطية الخصاص الناجم عن إغلاق جزء من شبكة الإمداد الجزائرية، رغم أن المشكلة التي تواجهها إسبانيا في هذا الصدد، هي بعد المسافة وارتفاع تكاليف الشحن لنقل الغاز المسال.

نيجيريا بنسبة 10.9٪ ، قطر (6.7٪)، فرنسا (4.6٪) ، ترينيداد وتوباغو (3.3٪) والنرويج (2.9٪)، من الدول التي تعتمد عليها كذلك إسباني للتزود بالغاز، وهي نسب قابلة للإرتفاع في ظل إستمرار إغلاق أنبوب GME و استمرار توتر العلاقات بين روسيا و أوكرانيا.