في الوقت الذي لا يزال فيه التوظيف بالتعاقد في قطاع التعليم محلَّ رفض من طرف الأساتذة “المتعاقدين”. تتجه وزارة الداخلية نحو اعتماد هذا النظام للتوظيف في الجماعات الترابية.

و يوجد المرسوم المتعلق بـ”تحديد شروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود بالجماعات الترابية أو مجموعات الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون بين الجماعات” في طور الإنجاز. بحسب الوثائق التي اطلعت عليها هسبريس.

ويبدي أطر و موظفو الجماعات الترابية مخاوف من تداعيات اعتماد التوظيف بالتعاقد في الجماعات الترابية. بداعي أن وضع مفتاح التشغيل في هذه المؤسسات بيد رؤسائها سيؤدي إلى “تفشي المحسوبية و الزبونية. واستغلال التوظيف من أجل الظفر بأصوات الناخبين”.

و ذهب مصدر من المنظمة المغربية لموظفي الجماعات المحلية إلى القول إن اعتماد نظام التوظيف بالتعاقد في الجماعات الترابية. “سيكون له وقع كارثي على القطاع، وسيفتح الباب للمحسوبية والزبونية على نطاق واسع. لأن الجماعات يديرها فاعلون سياسيون”.

وأضاف قائلا: “الموظفون الرسميون يعانون من تحكم رؤساء الجماعات. فما بالك بالموظفين الذين سيشتغلون بالعقدة. والذين يسهل تسريحهم”. مردفا: “سنكون أمام مهزلة عندما نجد موظفا حاملا لشهادة الدكتوراه يتحكم فيه رئيس جماعة أمِّي”.

اجتماع مع النقابات

وعقد مسؤولو وزارة الداخلية اجتماعا مع النقابات الأكثر تمثيلية، أمس الإثنين. في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي حول النظام الأساسي الخاص بموظفي إدارة الجماعات الترابية.

وتقدمت النقابات بملتمس تعديل في المادة 127 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. والمادة 121 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم. والمادة 129 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات.

كما طالبت النقابات، بحسب ما جاء في محضر الاجتماع الذي اطلعت عليه هسبريس، بإلزامية تقديم مشروع النظام الأساسي. بعد التداول بشأنه، وفق خلاصات مداولات اللجنة التقنية الموضوعاتية. مرفوقا بالرزمة الكاملة للنصوص التنظيمية برمّتها، بما فيها المراسيم والقرارات عند استنفاد جميع جولات النقاش والتوافق بشأنها.

وفيما لا تزال النقطة المتعلقة بتحديد شروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود بقطاع الجماعات الترابية أو مجموعات الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون الوطني، في طور الإنجاز. اعتبر محمد النحيلي، رئيس المنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية، التابعة للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن هذا النقاش “سابق لأوانه”.

النحيلي الذي حضر اجتماع اللجنة التقنية الموضوعاتية للحوار الاجتماعي القطاعي. صرح لهسبريس بأن التوظيف بالتعاقد “ينمي الهشاشة، ويخلق مشاكل وتوترات مرتبطة بالتسوية الإدارية والإدماج”.

وفي الوقت الذي تسود فيه مخاوف في صفوف أطر وموظفي الجماعات الترابية من أن تسود المحسوبية والزبونية التوظيفَ بالتعاقد في الجماعات الترابية، اعتبر محمد النحيلي أن التوظيف يكون وفق مقتضيات المرسوم المنظم، وبناء على امتحانات، “ولكن يجب أن يتم تعزيز هذه الإجراءات بإجراءات أخرى لتكريس الشفافية. من قبيل خلق وكالة وطنية لتدبير هذا الشأن”.

الخوف من المحسوبية و الزبونية

في المقابل، تطالب أصوات من داخل قطاع الجماعات الترابية بـ”عدم تحويل التوظيف في الجماعات الترابية إلى شأن يتحكم فيه رؤساء الجماعات، واستغلال التوظيف بالعقدة لأجندات سياسية لصالح من يكون في خانة تسيير وتدبير الشأن العام في كل مرحلة انتخابية”.

وقال مصدر نقابي من القطاع طلب عدم ذكر اسمه: “نرفض أي خطوة تتعلق بفتح مجال التوظيف بالتعاقد في قطاع يعاني بداخله موظفون وموظفات رغم تطوير القوانين، حيث يبقى الفاعل السياسي هو المتحكم في الموظف”، مضيفا أن “التوظيف بالتعاقد سيفتح الباب لتوظيف أقارب رؤساء الجماعات والأشخاص الذين دعموهم في الحملات الانتخابية”.

من جهة ثانية، تراجع عدد الموظفين العاملين في الجماعات المحلية بشكل كبير، من 180 ألف موظف إلى 90 ألفا حاليا. بحسب إفادة محمد النحيلي، مشيرا إلى أن القطاع يُتوقع أن يفقد 30 ألف موظف إضافي في غضون السنوات الخمس المقبلة بسبب إحالتهم على التقاعد.

وأرجع رئيس المنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية سبب فقدان نسبة 50 في المئة من المناصب في الجماعات المحلية، إلى توقيف التوظيف في هذا القطاع، داعيا وزارة الداخلية إلى التفكير في ترشيد مجال عمل الموظفين الجماعيين، وترتيبهم في السلالم الإدارية المناسبة لهم.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن هناك 64 في المئة من المساعدين الإداريين والتقنيين في الجماعات المحلية لديهم شهادات تخول لهم أن يكونوا في مناصب إدارية أعلى، وقال: “يجب أن يتم تعزيز جاذبية القطاع، وتخويله وضعية اعتبارية، من خلال إعادة هيكلة الوضعية الإدارية للموارد البشرية، وإصلاح نظام التعويضات، وهذا لن يتم إلا عبر وضع نظام أساسي يستجيب لتطلعات الموظفين”.