القاسمي يفكك اختلالات الدعم الاجتماعي ويبرز مأساة مآلاته

يعتبر التخوف من التوظيف السياسي للدعم الاجتماعي من أكبر توجسات المتتبعين، فورش الحماية الاجتماعية إنطلق رسميا مع خطاب الملك في افتتاح دورة البرلمان في أكتوبر 2020، ومنذ تلك اللحظة، سواء خلال حكومة العثماني السابقة أو أخنوش الحالية، يربطون  كل تصريحاتهم الخاصة بمدى التقدم في تنزيل المشروع برؤية الملك وتوجيهاته، في إشارة إلى أن المشروع هو برعاية رئيس الدولة وهو في منأى عن أي توظيف سياسي أو انتخابي.

لكن ھذه التصريحات لا تنفي مخاوف الإستغلال السياسي من طرف خطابات التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة،  حيث إعتبرت نائبة الأمين العام للإشتراكي الموحد الدكتورة نبيلة منيب في عدة تصريحات، أن الدعم الاجتماعي غايته إبتزاز الفئات الهشة وتهديدها بسحبه منها إذا شاركت في أية حركات إحتجاجية أو إمتنعت عن التصويت في الاستحقاقات الانتخابية، كما أن بعض المؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان اعتبرت أن تقديم الدعم الاجتماعي من خلال السجل الاجتماعي الموحد؛ ھو محاولة لضمان ولاء خزان بشري، ومحاولة للضبط الاجتماعي من خلال تحويله لسيف ضد من تسول له نفسه الاحتجاج خصوص وأن هذه الآلية تتيح للوكالة الوطنية للسجلات مراجعة التنقيط باستمرار، مما يهدد في أي لحظة التشطيب على بعض الأسر أو الأفراد.

كما أن القانون المنظم للدعم الاجتماعي جاء على المقاس، حيث استبعد مجموعة من الفئات الاجتماعية المعنية بالدعم المباشر، كما أقصى التعويض عن البطالة من الحماية والدعم الاجتماعيين، واقتصر على ذكر الحماية من المخاطر التي لھا علاقة بالشيخوخة وبالطفولة وتحويل تعويضات جزافية لفائدة الأسر التي لا تشملها هذه الحماية، والحماية من مخاطر فقدان الشغل لفائدة الأشخاص الذين يتوفرون عليه. ولم يتحدث البتة على تقديم دعم مادي قار ومحدود للأشخاص الذين لم يتمكنوا من ولوج سوق العمل بمن فيھم  خريجو المعاهد وحاملو الشھادات.

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة، ظرفية اجتماعية اقتصادية صعبة، نتج عنها زيادات متتالية في أسعار مختلف أصناف المنتوجات الغذائية والأساسية والغاز والبنزين، في المقابل بقيت كثلة الأجور تراوح مكانها في معظم القطاعات، ولم تشهد أية زيادات مهمة.

كما أن الدعم الاجتماعي بصيغته الحالية فھو يستھدف الفئات الأكثر هشاشة اجتماعيا في المغرب والتي لا دخل آخر لھا كيفما كان، حيث ستحصل على دعم شهري يتراوح بين 500درهم و1000، و الغاية الأساس من  هذا الدعم ھو ضمان حد أدنى لحياة كريمة اقتصاديا واجتماعيا في الواقع.  وتمويل ھذا البرنامج سيكون أساسا من خلال رفع الدعم التمويلي المخصص لنظام المقاصة وتحويله لهذه الصندوق، بحجة أن نظام المقاصة يعطي الدعم لفئات غير معنية به.

وھذا يفيد أن إعطاء الدعم الاجتماعي للفئات المحتاجة سيؤدي إلى ارتفاع وبنسب عالية أسعار المواد التي كان يدعمها صندوق المقاصة، مما سيجعل أصحاب الحد الأدنى للأجور في مواجھة مع ارتفاع مھول في سعر قنينة الغاز مما سيؤدي إلى إضطراب سلبي لأجرته .

أي أن الدعم الاجتماعي كما هو مقدم في صيغته الحالية، من الممكن أن يحدث تأثيرات اجتماعية سلبية جانبية ستمس أساسا الطبقات المتوسطة والطبقات الأدنى منها بقليل، في حين سيضفي تحسين طفيف على الفئات الأكثر هشاشة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الدعم لا يصل حتى إلى نسبة نصف الحد الأدنى للأجور، وقد يفقد غاياته المرجوة يوما بعد يوم كلما شهدت الأسواق المغربية ارتفاعا جديدا في الأسعار.