عرف بنك القرض العقاري والسياحي، المعروف اختصارا ب “CIH”، تطورات عديدة في السنين الأخيرة، كانت لها نتائج جد متناقضة. فبعد سنة 2014، والتي قام فيها البنك بتغيير هويته البصرية في محاولة منه لإسدل الستار على واحدة من أكثر المراحل “سوداوية” في تاريخ هذه المؤسسة المصرفية الكبيرة بالمغرب. نهج البنك سياسة جديدة بغية استقطاب عدد كبير من الزبناء. فاتبع لأجل ذلك سياسة توسعية بافتتاح عدد من الوكالات البنكية الجديدة وكذا تحديث القديمة منها. كما طور البنك روزنامة من الخدمات البنكية بغية تقريب البنك من المواطن وتسهيل التعاملات والمعاملات البنكية.

لكن الرياح تجري بما لا تشتهي سفينة “CIH”، والتي تعطي الانطباع بأنها قاربت على الغرق.

فسياسة البنك لاستقطاب عدد أكثر من الزبناء لم تواكبها خطة موازية لمسايرة هذه الطفرة، خاصة بالاستثمار في الجانب البشري، وذلك بدعم الوكالات بطاقات شابة متمكنة، تساهم في تلبية حاجيات وطلبات العدد المتزايد من الزبناء. فزيارة قصيرة لوكالة تابعة للقرض العقاري والسياحي، أو فقط المرور أمامها، يوحي لك بكونها قد تعرضت لعملية سطو، إذ سترمق عيناك اكتظاظا غير عادي داخل الوكالة يصل في بعض الأحيان إلى إغلاق باب الوكالة وترك الفائض من الزبناء خارجها، تحت أشعة الشمس، وفي أجواء مشحونة بالصراعات مع مستخدمي ورجال الأمن الخاص بالوكالة.

فبنك “CIH” لا يحترم زبناءه، ويتولى ذلك في عدم ايحترمه وضع سقف محدد لعدد زبناء كل وكالة يتماشى ومساحتها وكذا عدد مستخدميها، فقلة المستخدمين التي يقابلها عدد متزايد من العملاء جعل من الخدمات التي يوفرها البنك تسير من سيء إلى أسوء. كما أن هذا الضغط جعل من الحواسيب الخاصة بالبنك وخوادمه تكون خارج الخدمة في مناسبات عديدة. فعبارة “السيستيم طايح” أصبحت أكثر الجمل تداولا داخل الوكالات التابعة لبنك “CIH” ويمكن استعمالها حتى شعار مناسبا له.

تجاهل مستمر لشكايات الزبناء

فالعارفين بخبايا بنك “CIH”، لا يخفون سياسة التجاهل التي تنهجها إدارة البنك تجاه مشاكل وشكايات الزبناء المباشرة. وهذا التجاهل يطال حتى مستخدمي الوكالات البنكية في تواصلهم مع الإدارات المركزية،  فجد هؤلاء أنفسهم في صراع ومواجهة مباشرة مع العملاء الذين يشتكون سوء الخدمات أو حتى اختفاء أموال من حساباتهم.

خدمة الزبناء في حاجة لمن يخدمها

أما عندما تغلق في وجه العميل كل الأبواب، بما فيها أبواب المسؤولين داخل الوكالة، ويحاول إيجاد الحلول بالتواصل مع مركز خدمة الزبناء، قتلكم متاهة أخرى يجد الزبون نفسه داخلها. فالمتحدث على الجانب الآخر، لا حول له ولا قوة، فكل ما يمكن أن يقدمه للزبون هو تسجيل الشكاية وإعادة رفعها للجهات المختصة، والتي تتجاهلها غالبا ولا تتفاعل معها داخل آجال معقولة.

القراصنة أصبحوا يمسكون بزمام حسابات CIH

القراصنة وجدوا في بنك CIH مرتعا خصبا وسهلا للتغلغل في الحسابات والودائع المالية للزبناء وسلبها دون حسيب أو رقيب.

بنك CIH

فالتفرغ لسياسة استقطاب الزبناء وتوفير عدد كبير من الخدمات، جعلة البنك يغفل أهم أسباب نجاه هذا القطاع، حيث تجاهل التطوير المطرد لخدمات الأمان والأمان. فطفت على السطح خلال السنوات الأخير حوادث عديدة لاختلاسات مالية وقرصنة لحسابات تابعة لبنك “CIH” وكذا بطاقات الأداء التابعة له وكذا اقتطاعات غير مبررة من حسابات الأفراد والشركات إضافة إلى إختلالات خطيرة في التسيير والإدارة.

فلم يستوعب عدد كبير من زبناء البنك بعد قرصنة بطائق ” إي شوبينغ” الخاصة بهم والقيام بعدة معاملات مالية غير قانونية بها. حتى انفجرت فضيحة أكبر همت اختفاء ودائع وأموال من حسابات بعض الزبناء والتي وقف البنك عاجزا عن حمايتهم.

التزايد الكبير لعدد الزبناء سيوازيه ارتفاع متزايد في الشكايات، وتطوير خدمات جديدة وجب توفير آليات وأساليب حماية جد متطورة. توفر الأمن والأمان لحفظ ودائع الزبناء. فالعلاقة بين البنك والعميل هي معاملات مالية. وعدم إحساس العميل بالأمن وفقدان الثقة تجاه البنك ستكون نقطة نهاية للعلاقة بينهما.

فالأبناك سواء على المستوى الوطني أو الدولي تسعى إلى الرقي بخدماتها وتطويرها. و ذلك بغية بناء علاقة الثقة والأمان من عملائها، لكن “CIH” يغرد خارج الحزب.

فسفينة القرض العقاري والسياحي أصبحت ممتلئة بالثقوب وتتجه مسرعة نحو الغرق. لتغرق معها أحلام وأموال العديد من المغاربة.

بنك CIH