بعد مرور سنة كاملة على تداول خبر اعتقاله في شريط فيديو منسوب للشرطة الوطنية الإسبانية، نقلته صحيفة «إلباييس»، وُضع العلبة السوداء والمهندس المفترض لمجزرة حي الرحمة بمدينة سلا . و التي خلّفت ستة قتلى ينتمون لأسرة واحدة بين يدي القضاء المغربي، من أجل فك كل الألغاز والملابسات المرتبطة بهذه الجريمة الخطيرة . والتي دوّخت الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية منذ ارتكابها في فبراير من سنة 2021.

و أكدت مصادر وثيقة الاطلاع  لموقع “الأخبار” و نقلا عنها، فإن السلطات الأمنية المغربية تسلّمت، أخيرا، المتهم الخمسيني من نظيرتها الإسبانية. حيث تم وضعه رهن الحراسة النظرية لصالح البحث الذي أنجزته مصالح الشرطة القضائية التابعة للأمن الإقليمي بسلا. تحت إشراف النيابة العامة المختصة، قبل إحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط. صباح يوم السبت الماضي، وإيداعه السجن، مساء اليوم نفسه من طرف قاضي التحقيق بتهمة ثقيلة. تتعلق بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.  وإضرام النار في مسكن واستعمال أساليب وحشية لتنفيذ الجريمة البشعة في حق الضحايا.

وأكدت مصادر «الأخبار» أن قاضي التحقيق حدّد موعد جلسة التحقيق في 21 من شهر يونيو المقبل. من أجل الغوص بشكل دقيق في تفاصيل وملابسات هذه جريمة حي الرحمة البشعة التي هزت الرأي العام المغربي. وينتظر أن تكشف التحقيقات التفصيلية عن تطورات مثيرة. مرتبطة تحديدا بدوافعها الحقيقية وكيفية ارتكابها وحدود مسؤولية المتهم في تنفيذها. والتأكد من فرضية اعتماده على أشخاص آخرين بالمغرب للإعداد وتنفيذ الجريمة.

تعاون أمني دولي

وكانت السلطات الأمنية الإسبانية نجحت في 25 ماي من سنة 2021، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة لنظيرتها المغربية، في إيقاف المعني.  وهو مهاجر مغربي مزداد سنة 1963 بمدينة مشرع بلقصيري ويشتغل بإحدى شركات الغاز بالديار الإسبانية. وذلك على خلفية الاشتباه في ضلوعه المباشر في مجزرة سلا.  التي انتهت بمقتل ستة أشخاص، وإضرام النار في جثثهم.

وأظهر شريط فيديو منسوب للشرطة الإسبانية ونقلته صحيفة «إلباييس»، تفاصيل عملية الاعتقال التي حسمتها مذكرة بحث دولية صادرة عن الشرطة المغربية. حيث أشارت إلى وجود المشتبه فيه بمدينة سلا قبل ثلاثة أشهر تقريبا، تزامنا مع توقيت وقوع الجريمة.

وضمن تفاصيل إضافية كانت صدرت عن مصادر أمنية إسبانية، فقد مكّن التنسيق مع السلطات الأمنية المغربية من اعتقال مهاجر مغربي متهم بتصفية ستة من أفراد عائلته. بعد مداهمة منزلهم بحي الرحمة وسط مدينة سلا وتصفيتهم. قبل إحراق جثثهم بالكامل من أجل إخفاء معالم الجريمة. ممّا عقّد مهام البحث والتحري.

وأفادت السلطات الإسبانية بأنها كانت توصلت بمذكرة بحث دولية عممتها السلطات الأمنية المغربية لدى مصالح «الأنتربول» في حق المهاجر المغربي، المشتبه فيه الرئيسي المقيم في إسبانيا رفقة عائلته منذ سنة 2002، قادما إليها من مدينة الدار البيضاء. وتضيف المصادر نفسها، استنادا للتحريات الأولية، أن المتهم الذي خضع لتحقيقات تمهيدية لدى شرطة العاصمة مدريد لمدة أشهر، كان قد دخل في نزاع مع أسرته بالمغرب حول الإرث. وتحديدا مع شقيقه الذي تمت تصفيته إلى جانب أولاده وزوجة ابنه. قبل أن يتم اعتقاله من طرف الأمن الإسباني في بلدة Castellón جنوب إسبانيا، بعد عملية رصد دقيقة ساهمت فيها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمغرب.

الجريمة اللّغز

وبالعودة للواقعة، كان حي الرحمة بسلا اهتزّ، في شهر فبراير من سنة 2021، على وقع جريمة بشعة خلفت مقتل ستة أشخاص بينهم امرأة وطفل ورضيع.

وكان بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أكد أن ضباط الشرطة القضائية وخبراء الشرطة العلمية انتقلوا لمسرح الجريمة بحي الرحمة بمدينة سلا. لمباشرة المعاينات المكانية والخبرات التقنية بسبب اندلاع حريق في مشتملات المنزل.

وأوضح البلاغ أنه تم العثور على جثث تحمل آثار جروح ناجمة عن أداة حادة وحروق بالغة بسبب اندلاع النيران. التي يشتبه في كونها ناتجة عن مادة سريعة الاشتعال. حيث بلغ عدد الجثث خمسة، في حين تم نقل شخص سادس من العائلة نفسها للمستشفى بعدما كان في حالة اختناق قبل أن توافيه المنية مباشرة بعد وصوله لغرفة العمليات.

وأضاف بلاغ المديرية أن المعاينات الأولية تشير إلى انعدام أية علامات بارزة للكسر على أبواب ونوافذ المنزل المكون من طابقين. والذي يتوفر على كلبين للحراسة في سطح المنزل. وتم إنجاز عمليات المسح التقني بمسرح الجريمة من طرف تقنيي الشرطة العلمية والتقنية وضباط الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. بغرض تجميع كل العينات البيولوجية والأدلة المادية والإفادات الضرورية. من أجل تحديد ظروف وملابسات وخلفيات ارتكاب هذه الجريمة البشعة. وهو ما تمكنت منه فرق البحث التي حدّدت هوية المشتبه فيه الرئيسي. وتم تحرير مذكرة بحث دولية في حقه، مرفوقة بمعطيات دقيقة ساهمت في إيقافه بمقر إقامته بإسبانيا.