بعد خمسة أشهر على اعتقاله وإيداعه سجن العرجات من طرف النيابة العامة وقاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، حسمت هيئة الحكم بالغرفة الجنحية بنفس المحكمة، مساء الاثنين، ملف القاضي المستشار رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء المتابع بتهمة الارتشاء واستغلال النفوذ، حيث تمت إدانته بستة أشهر حبسا نافذا.

مصادر موثوق بها أكدت لـ «الأخبار» أن جلسات التحقيق والمحاكمة الماراطونية التي خضع لها القاضي المتابع، أنهتها الهيئة القضائية، في وقت متأخر من ليلة أول أمس، بإصدار حكم قضائي ابتدائي يقضي بإدانته بستة أشهر حبسا نافذا، في انتظار حسم المحاكمة المثيرة المرتبطة بنفس الملف التي تجري أطوارها بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث يتابع قضاة ومسؤولون إداريون وسماسرة في وضعية اعتقال بتهم ثقيلة. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء قد أحالت القاضي المستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي كان يشغل مهمة رئيس غرفة بنفس المحكمة، على محكمة الاستئناف بالرباط التي تم تعيينها من طرف محكمة النقض للبت في الملف، حيث تم عرضه على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، قبل إحالته على قاضي التحقيق ملتمسا منه المتابعة في وضعية اعتقال وإيداعه السجن، وقد قرر قاضي التحقيق إيداعه سجن العرجات 2، ومتابعته بتهمة جريمة الارتشاء بطلب وتسلم مبالغ مالية من أجل القيام بعمل من أعمال الوظيفة.

وكانت التحقيقات المنجزة حول قضية السمسرة والنصب التي تفجرت بمحاكم البيضاء، قد أطاحت بالقاضي المتهم وهو من مواليد 1962، حيث كشفت الأبحاث تورطه في قضايا رشوة واستغلال النفوذ وتسلم مبالغ مالية، بناء على تصريحات بعض الموقوفين، والتسجيلات الهاتفية التي فضحت سيناريوهات مشبوهة وصفت بالخطيرة، طالت إحدى القضايا الرائجة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث أكدت سيدة معتقلة ومدانة ابتدائيا بدفعها مبلغ مالي يناهز 50000 درهم مقابل الإفراج عنها استئنافيا، قبل أن تفشل الصفقة التي اتهم القاضي بالمشاركة فيها إلى جانب سمسار، وقد هددت المعنية، نسبة إلى تسجيل صوتي، بفضح المستور، وهو ما تم لاحقا بعد وقوف فرق البحث على تسجيل يؤكد تفاصيل الصفقة المشبوهة التي عصفت برئيس غرفة الجنايات ونقلته صوب سجن العرجات بسلا.

القاضي المستشار الذي توبع في وضعية اعتقال، بعد رفض المحكمة لملتمسات تمتيعه بالسراح المؤقت، يعتبر رابع مسؤول قضائي تسقطه الأبحاث المنجزة حول شبكة «السمسرة بمحاكم البيضاء»، حيث يتابع ثلاثة نواب لوكيل الملك، أحدهم تم إيداعه سجن عكاشة بتهم ثقيلة، فيما يتابع زميلاه في وضعية سراح.

وكانت مدينة الدار البيضاء قد اهتزت، بداية غشت الماضي، على وقع فضيحة مدوية، ويتعلق الأمر بجرائم نصب وتزوير كبيرة ورطت مسؤولين بالدار البيضاء ينتمون لأجهزة القضاء والأمن والداخلية، وكذا موظفين ومستخدمين وتجار وحرفيين، حيث ضمت لائحة أولية للمشتبه فيهم 29 شخصا، جرى عرضهم، على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث تقرر متابعة 25 شخصا منهم في حالة اعتقال، فيما تقررت متابعة الباقي في حالة سراح، وعددهم خمسة أشخاص يتمتعون بالامتياز القضائي، بينهم ثلاثة قضاة، وبعد عرض المتهمين على النيابة العامة المختصة، وقاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تقررت متابعة نائبين لوكيل الملك بالمحكمة الزجرية بعين السبع في حالة سراح، وإيداع القاضي المستشار بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء سجن العرجات، بعد إحالته على محكمة الاستئناف بالرباط، نظرا لتمتعه بامتياز قضائي، وتعذر متابعته بنفس الدائرة القضائية التي تفجرت بها الفضيحة، حيث يشغل منصبا قضائيا كبيرا.

وتابعت المحكمة المتهمين في هذا الملف بتهم ثقيلة، تتعلق بتكوين عصابة إجرامية متخصصة في ارتكاب جنح وجنايات الارتشاء، والتزوير في محاضر رسمية، والوساطة فيها لدى موظفين عموميين مقابل دفع وتلقي مبالغ مالية كبيرة، وكذا استغلال النفوذ، والخيانة الزوجية، والمشاركة والنصب.

م.الأخبار