حرب إسرائيل على غزة تكشف تهافت موضوعية الإعلام الغربي وحالة التيه للإعلام المغربي

اختلط الحابل بالنابل، هذا التوصيف ينطبق إلى بعيد على حال مواطن العربي والمغربي على الخصوص. فيما يتعلق بمتابعة الأخبار وتغطية الإعلام لما يقع في قطاع غزة.

وكشفت الأحداث التي تأتينا أخبارها من فلسطين عن تهافت مقولات “التوازن والتعددية والموضوعية”. التي تؤطر نظريا العمل الصحفي المهني. لعدد من المنابر الإعلامية الدولية “الفرنسية والبريطانية والأمريكية..”. و التي ظلت بالمناسبة إلى حد بعيد رموزا ومدارس يحتذى بها كنماذج إعلامية مرموقة.

 

التعاطي الدرامي والعاطفي للإعلام

 

فبين التعاطي الدرامي والعاطفي لتغطية حرب إسرائيل على غزة. لعدد من وسائل الاعلام الغربية التي حاولت وتحاول تصوير المقاومة الفلسطينية. بأنها الشر الأكبر التي يجب أن تتكالب عليها جميع القوى للقضاء عليه وبث السلام بالصيغة الإسرائيلية في العالم. وبين التباكي ولعب دور الضحية المغلوب على أمرها لدى عدد من وسائل الاعلام العربية المحتشمة. والتي ظلت لصيقة في تغطيتها للاوضاع في فلسطين. بمواقف دولها الرسمية ووجد المواطن العربي نفسه تائها بين صياغة الخبر والتعليق عليه.

وأعادت هذه الاحداث اإلى الذاكرة. ما كان قد وقع في حرب العراق الأولى والثانية ، والتي قال عنها السوسيولوجي الفرنسي جان بودريار إنها لم تقع أصلا. بل إن الاعلام الغربي صاغ روايتها بالشكل الذي يروق للعم سام وزبانيته.

 

انحياز ممنهج للأطروحة الإسرائيلية

واليوم، يتعاطى الإعلام الغربي مع الصراع الفلسطينى الاسرائيلي، حسب عدد من المراقبين، بانحياز ممنهج للأطروحة الإسرائيلية دون إعطاء الفرصة للطرف الفلسطيني للتعبير والرد، وهو ما يعني ضربا في الصميم للنظريات الكاذبة لهذا الغرب بخصوص مفاهيم حرية التعبير والرأي و الرأي الاخر. وأسقطت قوات الاحتلال الصهيوني أوراق التوت عن جزء كبير من وسائل الاعلام الفرنسية، حتى بتنا نتأسف على مرحلة ديغول وشيراك التي تميزت باستقلالية القرار الفرنسي في التعامل مع القضية الفلسطينية.

وتابع أحد المتابعين لحقل الإعلام أن ما نشاهده ونستمع إليه ونقرأه في الإعلام الغربي والفرنسي بشكل خاص هذه الأيام هو هيجان déchaînement لم أر له مثيل منذ أن ابتليت بهذه المهنة . فالإقصاء، ونشر الرأي الأحادي و الكذب و التوجيه هي سمات تعاطي هذا الإعلام مع أحداث هجوم حماس وحصار غزة . وهذا التوجه، يعكس خروج فرنسا عن خط سياسة الجنرال دوكول بخصوص الصراع في الشرق الأوسط.  ويعكس المستوى المتدني لساسة بلاد موليير في عهد ماكرون ولوبين وهلم جرا. تردي في الانتاج الفكرى والادبي تراجع في الحريات سيادة التفاهة..

وشدد متحدث إعلامي على أن الحديث عن تعاطي الإعلام الغربي، بوسائطه الاجتماعية وشبكاته الرقمية ، مع الصراع العربي الاسرائيلي يفترض استحضار مجموعة من العوامل، تهم الإطار الثقافي والسياسي والاقتصادي إقليميا ودوليا. فهذا التعاطي ، في تناوله المباشر للأحداث و الأخبار غالبا ما يكون منحازا نتيجة للضغوطات السياسية والثقافية والاقتصادية حتى يلعب دورا كبيرا في تشكيل وجهة نظر المواطن الغربي حيال هذا الصراع و بالتالي خلق رأي عام منحاز لإسرائيل.

 

الإعلامي العربي إيديولوجي ومخدوم

في المقابل، سجل أحد المراقبين فيما يخص تعاطي الإعلام “العربي” للأحداث في غزة أن لغة قناة الجزيرة مثلا ، إيديولوجية ومخدومة لتوجيه لعامة و لخدمة أغراض الدوحة التي لا تساوي مساحة غزة و لا تاريخ غزة العريق..لكن عندها الأموال والأعمال.. فقط لا غير. قطر ليست نموذجا في الصحافة ، هذا رأيي المال يصنع المعجزات لكنه لا يصنع واشنطن بوسط و لوموند ديبلوماتيك..

وعبر عدد من الصحافيين المغاربة على أنه لم نستطع لحد الآن أن يكون لنا موقف أو رأي خاص موجه للرأي العام المغربي. فنحن نقتات على الجانبين مرة حول الآلة الاعلامية الاسرائيلية المدعومة من طرف وسائل إعلام اروبية وأمريكية او من طرف وسائل أعلامية داعمة لحماس. مشيرا إلى أن الموقف او الرأي بخصوص هذا الصراع المعقد يتبلور من خلال حرية التعبير أولا، ثم التمكن من عناصر التحليل الضرورية التي تستند الى الحقائق التاريخية والمعطيات الجيوسياسية.

وفي سابقة من نوعها سجل الاعلام المغربي حالة من التيه وفقدان البوصلة في تغطية ونشر الاخبار حول ما يقع هناك في الشرق الأوسط، حيث أصبحت المنابر الاعلامية تروج بقصد او عن غير قصد للرواية الغربية وتدين المقاومة الفلسطينية، ومنابر أخرى تتمرس وراء شعارات عاطفية تنحاز الى وجهة النظر الفلسطينية بدون أدنى تمحيص وتدقيق قبل نشر الخبر للقارئ.