أصبحت الألعاب الإلكترونية تستحوذ على عقول الأطفال وملاذهم الوحيد أيضا، وقد انتشرت هذه الألعاب بسرعة فلا يكاد يخلو بيت منها حتى أصبحت جزءا من غرفة الطفل، بل أصبح الآباء والأمهات يصطحبونها معهم أينما ذهبوا ليزيدوا الأطفال إدمانا على مشاهدتها وبالتالي يقع الطفل تحت تأثيرها سواء في سلوكه أو صحته .

هوس الإدمان على الالعاب الإلكترونية

يقول محمد وهو رجل تعليم : ” إن معظم أولياء الأمور لا يدركون مخاطر وتبعات هذه الألعاب خصوصا عندما يصاحب ذلك سوء الاستخدام من قبل الطفل كما أن غياب الرقابة على محلات البيع أدى إلى وجود ألعاب لها آثار صحية وسلوكية سيئة على المستخدم ، ولقد أثبتت الإحصائيات أن آثار هذه الألعاب على صحة وسلوك الطفل تقع ما بين الإدمان على ممارسة هذه الألعاب وبين الإصابات المختلفة لأعضاء الجسم إلى غير ذلك من الآثار الأخرى على شخصية الطفل ، أما الجانب السلوكي للأطفال فيتأثر سلبا بما يشاهده من العاب الفيديو والأقراص المدمجة عبر شاشات التلفزيون والكمبيوتر مما يجعل سلوك الطفل يميل إلى العنف والعدوانية والتقليد وغير ذلك من مظاهر السلوك المكتسب من هذه المشاهدات المتنوعة المثيرة … ” .

وأكد محمد أب لثلاثة أبناء وهو يشتكي حالة أطفاله ممن أصيبوا بهوس اقتناء تلك الألعاب الالكترونية والإدمان عليها : ” لهذه الألعاب تأثير واضح على الأطفال سيما وأنني وجدت بعض المشاكل الصحية والتربوية بين أطفالي بالإضافة إلى أنه من بين تلك خلصت على أن الآثار السلبية الناتجة من الإفراط الشديد بهذه الألعاب الالكترونية تدمع العينين وتسبب ضعف النظر والصداع والدوار وتؤدي كذلك إلى ضعف التحصيل الدراسي إضافة إلى العزلة عن الناس وانتشار السمنة بين الأطفال … “، وأضاف محمد في سرد نماذج بعض الآباء متذمرا : ” كثير من أولياء الأطفال يرون في اقتناء هذه الألعاب الالكترونية بعض الفوائد كوسيلة تحد من خروج الطفل خارج المنزل أو كبديل لأخذ أبنائهم في نزهة ميدانية للحدائق إلى غير ذلك نظرا لأنه منشغل ولديه الكثير من الارتباطات وبالتالي يحرص على توفير كل ما يريده الطفل وما علم هذا الأب بأنه عمل على غرس مبدأ الكسل والخمول في أبنائه وصرفهم عن التحصيل الدراسي وقادهم إلى اكتساب سلوك وحالات مرضية نتيجة التصاقهم الشديد بهذه الألعاب الخطرة … ” قد يقول البعض بأن هذه الألعاب فيها ما ينمي قدرات الطفل العقلية.

أما سعيد وهو أب لطفل له رأي آخر وقال في هذا الصدد : ” من وجهة نظري أرى أن الكثير من الآباء عكس ذلك فهذه الألعاب تعد أكثر ضررا على العقل والإبداع فكيف لا والطفل يبقى ولساعات طويلة مشدود الذهن وربما مفزوع وخائف ومتوتر أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر لمتابعة جملة من الألعاب ذات الثقافة والمرجعية التربوية المستوردة علاوة على ما تسببه هذه الألعاب الإلكترونية من أضرار نتيجة ما تفرزه من إشعاعات وذبذبات على جسم الطفل وما يصاحب ذلك لاحقا من تهيئات وأحلام مفزعة أثناء الليل لبعض الأطفال خصوصا تلك الألعاب والقصص والمشاهد المرعبة المتوفرة في الأقراص المدمجة التي تؤدي أيضا إلى إطلاق العنان لخيال الطفل في أمور متناقضة…” .

 

مراقبة الآباء لأبنائهم ضرورة ملحة

بالتأكيد الطفل لايدرك مخاطر وتبعيات الألعاب الالكترونية ولكن تبقى مسؤولية ذلك على المنزل فمتى أدرك الوالدين العواقب المترتبة على اقتناء بعض الألعاب الالكترونية عبر شاشة التلفزيون ، فإن الأضرار سوف تكون بسيطة ورب الأسرة يملك القرار في إسعاد أسرته من خلال تخصيص وقت لأفراد أسرته للقيام بزيارة الحدائق والمنتزهات والسفر لبعض المدن وغير ذلك من كل أنواع الترفيه المفيد الذي يقلل من إحساس الطفل بالملل.

ويؤكد أحمد وهو فاعل جمعوي في نفس السياق قائلا : ” من الواجب على رب الأسرة أن ينمي في أبنائه حب القراءة والاطلاع وممارسة بعض الهوايات داخل المنزل كالرسم وتعلم الخط وبعض الأشغال اليدوية وكذلك ممارسة الرياضة المنظمة لذا فإن دور الأسرة كبير في توجيه وترشيد وقت للأبناء بحيث يكون محددا ومتفقا عليه بما في ذلك الوقت المخصص للألعاب، ولاشك أن المنزل يعتبر منطقة الدفاع الأولى لكل سلوك أو عادات وافدة ودخيلة على مجتمعنا فمن خلال التربية الصحيحة نستطيع الحفاظ على تقاليدنا وقيمنا والمنزل ممثلا بالوالدين هما خير من يقوم بهذه المهمة الصعبة وانتقاء وسائل الترفيه الأكثر فائدة لأبنائهم … ” .

باحث علم اجتماع له رأي آخر 

من جهة أخرى أكد رضوان وهو باحث في علم الاجتماع ” أن ألعاب الفيديو والكومبيوتر سلاح ذو حدين فكما أن فيها سلبيات فإنها لا تخلو من الإيجابيات فلو كان للألعاب الإلكترونية ضوابط رقابية يحرص على تنفيذها بموجب تراخيص نظامية وبإشراف تربوي لكان لها بعض الإيجابيات، بحيث يستطيع الطفل أن يقضي فيها جزءا من وقت فراغه دون خوف أو قلق عليه ، فيمارس ألعابا شيقة كالألعاب الرياضية وألعاب الذاكرة وتنشيط الفكر، وألعاب التفكير الإبداعي “.

وأضاف المتحدث ذاته ” أن للألعاب الإلكترونية كذلك جوانب إيجابية في تنمية مهارات الدقة والمتابعة والتركيز … ، بحيث أن أساس المشكلة يتمثل في أننا ليست لدينا خطة واضحة ومحددة لكيفية ملء أوقات فراغ أطفالنا مما يحمل الأسرة العبء الأكبر في تلافي أضرار هذه الألعاب ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ” فهي تستطيع أن تحدد للطفل ما يمارسه من هذه الألعاب وما لا يمارسه، فعلى الوالدين أن يختاروا ما يكون مناسبا للطفل في عمره ولا يحتوي على ما يخل بدينه وصحته النفسية، كما أنه لابد من تحديد زمن معين للعب لا يزيد عن ساعة في اليوم، ثم يقضي باقي الوقت في ممارسة الأنشطة اليومية، وألا يكون اللعب بها إلا بعد الانتهاء من الواجبات المدرسية، ولا يكون خلال وجبات الطعام اليومي ، وقد سبق لإحدى الدراسات الدولية أن أظهرت على أن ألعاب الكمبيوتر لها أضرار كبيرة على عقلية الطفل، فقد يتعرض الطفل إلى إعاقة عقلية واجتماعية إذا أصبح مدمنا على ألعاب الكمبيوتر وما شابهها ، وبينت نفس الدراسة أن الطفل الذي يعتاد النمط السريع في تكنولوجيا وألعاب الكمبيوتر قد يواجه صعوبة كبيرة في الاعتياد على الحياة اليومية الطبيعية التي تكون فيها درجة السرعة أقل بكثير مما يعرض الطفل إلى نمط الوحدة والفراغ النفسي سواء في المدرسة أو في المنزل … ” .