علاء ميكري .. أغنية الطفل “جمعة” قصة واقعية غريبة تسائل الضمير الإنساني

لم تكن أغنية “جمعة” التي شغلت بال علاء ميكري لأكثر من 7 سنوات. أغنية عادية، كتبها شاعر ما في لحظة انتشاء وزهو بالكلمات. بل أغنية طبعت مسارا وشقت دروبا مفصلية في حياة سليل عائلة البلوز المغربي.

حكاية أغنية واقعية

هي أغنية من وحي الواقع بألمه المعتصر وبحكاية طفل سوري في عقده الأول من عمره. وجد نفسه بعيدا بآلاف الكيلومترات عن بلاد الشام. يتسول في شوارع الرباط رفقة أمه وأخته اللتان فرتا معه من الحرب والدمار الذي لحق الديار.
يصف علاء ميكري سليل عائلة البلوز المغربي، قصة الأغنية بالغريبة. لما لا وهو الذي التقى بالطفل جمعة ذات صباح سنة 2016 في دروب المدينة القديمة أمام باب المسجد. وسأله عن ما يكون وهو الطفل الذي تبدو سحنته ليست مغربية وعن سبب وجوده هنا. ليجيبه الطفل بكل شجاعة “أنا جمعة ومعي أمي وأختي” نتسول لقمة العيش هروبا من دمار الحرب في سوريا.

 

فأل خير

لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ستنتقل هذه الغرابة الى شق مسار آخر في الحياة المهنية لميكري، وكانت أغنية “جمعة” التي سجلها رفقه أصدقائه من الكوديفوار هنا بالمغرب، فأل خير على سفره خارج المغرب والتوجه الى أمريكا اللاتينية وبالضبط الى الارجنتين. بعدما بعث نسخة من الأغنية في صيغتها الأولى سنة 2019 الى إحدى صديقاته الأرجنتينيات “منتجة” التي كانت تزور المغرب بين الفينة والأخرى وكانت جارته بقصبة الأوداية لتستمع الى الاغنية.

 

السفر إلى الأرجنتين وإسبانيا

أعجبتها أغنية “جمعة” وحكايتها، وتواصلت بدورها مع المشتغلين في مجال الموسيقى بإسبانيا والأرجنتين، وأخبروها بأن يأتي للارجنتين لتسجيل الاغنية إياها.. ليقوم بتسجيل أغنيتي wanna love وsolo lepido adios بالأرجنتين وعاد الى إسبانيا بمدريد وبالضبط باستوديو  music grama لباكو أورطيغا المغني الاسباني الشهير والذي سجل فيهه عدد من المغنيين العالمين المشهور كـ”ستيفي ووندر” و “نينا باستوري” وتيايك دات” و”بعدما قام بميكساج الاغنية لم يرقني ذلك العمل”. يقول علاء.

يتابع علاء، عدت الى الرباط وأعدت تسجيل الاغنية هنا بالمغرب وأرسلت نسخة منها الى الارجنتين، ووضعتها في ألبوم سنة 2020 وقمت بتسجيل كليب لأغنية صوغ أو صولاي، وبعد فوز المنتخب المغربي على المنتخب الاسباني قمت بتسجيل فيديو كليب لأغنية “فاموس مارويكوس” في ظرف زمني وجيز لم يتجاوز  الخمسة أيام لأن المنتخب الوطني كان سيواجه حينها منتخب البرتغال، وفي سنة 2023 توجهت الى السينما واشتغلت مع المخرج المغربي محمد  مروازي في فيلم طويل.

لكن الأحداث الاخيرة، التي وقعت في غزة و ما يقع اليوم للاطفال هناك بفلسطين  أعاد استحضار قصة الطفل “جمعة” في بال علاء ميكري، الذي لم يتردد في استشارة أبيه الفنان والمبدع السي “محمود ميكري” الذي شجعه على تسجيل فيديو كليب للأغنية بالقول :”هذا توقيتها المناسب جدا.”

بحس مرهف ينم عن معدن المغني والفنان علاء ميكري، حكى قصة الطفل جمعة، وكشف عن دور الفن والكلمة واللحن في إيصال الرسالة النبيلة في زمن الندرة والرداءة والتطفل على الميدان،  كما تسائل أغنية جمعة الضمير الإنساني عن ظلم الأطفال والأبرياء في صراعات حروب ليس لهم بها أية علاقة. ويبقى “الطفل جمعة” ومن خلاله كل أطفال العالم الأبرياء تطرح عليه أكثر من علامة استفهام عن مصيره وأين يوجد الآن؟؟

بالموازاة مع كل هذا، يقوم المغني علاء مبكري الذي ترعرع في أحضان الفن والموسيقى بين والغناء، بداية من الأسبوع المقبل بالمشاركة في معرض تشكيلي بمدينة فاس رفقة عدد الفنانين المغاربة والأجانب.