حكمت المحكمة الابتدائية بالرباط قبل أيّام على  الممثل و المخرج السينمائي وحيد السنوجي بحوالي 345 مليون سنتيم ( 350 الف دولار ) لفائدة م.ن. و هو شخص يدعّي أن المدعى عليه  سرق منه “الفكرة العامة” لإنجاز فيلمه الطويل “الطريق إلى الجنة”.

و في استجواب حصري مع وحيد السنوجي، أكّد لنا تفاصيل القضية. و بأّنه تفاجأ بعد المهرجان الوطني للفيلم شهر مارس 2020 باستدعاء من المحكمة من طرف م.ن يدّعي في تفاصيل الدعوى أن السنوجي سرق منه فكرة فيلمه الطويل. و بأنّه حفّظ نصّ سيناريو “تجار الدم” سنة 2017.

فيلم “الطريق إلى الجنة” تم تصويره في 2018 في هولاندا حيث يقيم وحيد السنوجي. و لم يُعرض بعد في قاعات السينما للجمهور الواسع. و يؤكّد مخرج العمل، المشهود له بالكفاءة و المعروف كممثل و مخرج على الصعيد الوطني و الدولي، بأنّ لديه رسائل إلكترونية متبادلة منذ 2014 مع كاتبة هولاندية تشاركت معه في كتابة سيناريو فيلمه السينمائي الطويل الأول. و ستجدون العديد من تفاصيل القضية في الفيديو الحصري الذي سجّلناه مع المخرج وحيد السنوجي و سنعرضه لاحقا.

حملة تضامن واسعة

و كان السنوجي قد نشر فيديو على صفحته الرسمية في الفايسبوك مباشرة بعد النطق بالحكم و هو في حالة نفسية متدهورة.

 

قضية وحيد السنوجي تدخل في باب حقوق الملكية الفكرية. و عند البحث عن المدّعي م.ن في محرّكات البحث على الأنترنيت أو على منصات التواصل الاجتماعي نكاد لا نجد له أثر. و هو غير معروف في الميدان الفنّي لدى المهنيّين. و لم تستطع “lemaroc35” التوصّل لأي معلومات عن حياته أو إنجازاته الفنيّة . باستثناء أنّه كتب ذلك النص المسمى “تجار الدم” . و الذي أكّد كل المطّلعون عليه أنّه لا يحترم أدنى شروط كتابة السيناريوهات و بأّن تقنيات السرد و الحكي فيه “بدائية”. و القارئ لذلك النصّ سيلاحظ بأنّ كاتبه م.ن يرتكب أخطاء لغوية بالجملة ممّا يعكس جليّا مستواه الأدبي المتدني.

أمّا من ناحية الموضوع، فهو الجانب الذي يتطلّب الاستجداء بخبرة عدد من المتخصصين في ميدان الكتابة الفيلمية و أنواع الاقتباس الأدبي و السينمائي. و من المعلوم بأنّ محاكم المملكة تفتقر إلى هذا النوع من الخبرات و التخصّصات للحسم العادل في مثل هذه القضايا المتعلّقة بحقوق الملكية الفكرية للأعمال الفنية. و كشف وحيد السنوجي بأن المحكمة استعانت بخبرة شخص في مدينة أكادير لم يشاهد الفيلم. و استندت إلى رأيه لاستصدار هذا الحكم “المستغرب” من طرف العديد من الفعاليات الفنية و السينمائية.

استنكار عام من طرف المتخصصين

حملة تضامنية واسعة عرفها الميدان الفنّي في المغرب في قضية السنوجي التي تحوّلت تدريجيا إلى قضية رأي عام.

و كان الدكتور لحبيب الناصري ، و هو أستاذ جامعي متخصّص في السينما و السمعي البصري، قد كتب مقالا صحفيا بعد أن شاهد فيلم “الطريق إلى الجنة”إبّان عرضه في أحد المهرجانات. و هو أحد المقالات التي استندت عليها خبرة المحكمة في إصدار حكمها. المثير أنّ الناصري كتب تدوينة يؤكّد فيها ألاّ علاقة نهائيا بين الفيلم و “النص” الذي كتبه م.ن.

الطريق إلى الجنة,وحيد السنوجي

الدكتور أنس العاقل ، و هو روائي و كاتب سيناريو، و أستاذ جامعي متخصص في الدراماتورجيا. أكّد في تدوينة له بأنّه اطّلع على “السيناريو”. و الذي يقول صاحبه بأنّ وحيد السنوجي سرق فكرته العامة و شاهد فيلم “الطريق إلى الجنة”. ليستنتج “بكلّ حياد” حسب قوله بأن لا علاقة نهائيا بين العملين. و بأنّه سبق للكثير من الأفلام أن عالجت تيمة و موضوع الإرهاب. رغم أنّ الإرهاب ليس الموضوع الرئيسي في فيلم السنوجي. و اعتبر الأمر “فضيحة قضائية”. و دعا إلى اعتماد خبراء في المجال في مرحلة الاستئناف.

واستنكر الناقد و المخرج عبد الإله الجوهري، رئيس “اتحاد المؤلفين و المخرجين ” في المغرب. و أكّد بأنّ م.ن “لا يعرف كتابة مشهد واحد من مشاهد الكتابة السيناريستيكية”. و بأنّه لا علاقة بين ذلك “النص” و فيلم السنوجي و لو ب 1%/.

السيّد عبد الصمد المفتاحي، و هو منتج معروف، اشتغل في ميدان الإنتاج التلفزي و السينمائي لأكثر من عشرين سنة. كتب تدوينة افتتحها بالسؤال الاستنكاري: “كيف تربح 350 مليون سنتيم بسرعة البرق من دون كد ولا عناء ؟”. مستنكرا هذا الحكم “العجيب” حسب تعبيره.

الدكتور فؤاد سويبة، و هو إعلامي و مخرج سينمائي، وضّح ما سبق و أكده المتخصصون. بأنّ شبهة “البلاجيا” غائبة نهائيا عن وحيد السنوجي و فيلمه. و بأنّه يجب وضع حدّ لهذا النوع من المدّعين. و أضاف: “لقد أصبت بصدمة بسبب هذا الحكم القضائي…” و أردف “بعد مشاهدتي لفيلم “الطريق إلى الجنّة” ، أؤكّد بأن لا علاقة له بالنص الذي كتبه م.ن”

كما كتب الممثل و البرلماني السابق ياسين أحجام، تدوينة على صفحته الرسمية يتضامن فيها مع وحيد السنوجي. و قال: “شخصيا قرأتُ السيناريو . و شاهدت فيلم وحيد و أجزم أنه لا علاقة بينهما لا من حيث القصة و لا الحوار و الصراع و لا الشخصيات. وحيد إنسان وطني و غيور ، شاب عصامي كفؤ هاجر إلى هولندا، و أعطى صورة طيبة عن بلاده. ما يعيشه الآن هو إساءة و خذلان و مؤامرة. و لذلك فأنا أتضامن بشتى الطرق مع وحيد السنوجي في محنته حتى يبان الحق.”

الطريق إلى الجنة,وحيد السنوجي

و هنا يحقّ لنا طرح الأسئلة التالية:

كيف للمحكمة أن تستند على خبرة شخص أكّد أنّه لم يشاهد الفيلم و بأنّ قراره مبني على مقالات صحفية؟ ألم يكن من الأجدر الإعتماد على خبرة المركز السينمائي المغربي بحكم أنّه الجهة الوصيّة على القطاع؟ و لماذا لم تتمّ الاستعانة بخبراء محلّفين و ذوو مصداقية في الميدان السينمائي في المغرب؟

على أيّ أساس حكمت المحكمة على السنوجي بمبلغ 345 مليون سنتيم تحديدا؟… علما أنه مبلغ ضخم… و السنوجي أنتج فيلمه بماله الخاص و بدعم بسيط من هيئات مختلفة. و لديه حجج بأنّه لم يكسب ولو سنتيما واحدا من مشاركاته المعدودة في المهرجانات…

كلّ المؤشرات تؤكّد أنّ خللا ما وقع في إحدى مراحل القضية… ولهذه القصّة بقيّة خلال مراحل الاستئناف القضائي…