قال النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين، أن انتشار واستعمال وسائل التكنولوجيا  الحديثة، خلال القرن الحالي، أدى إلى تزايد التهديدات التي تمس خصوصية الإنسان وذلك بسبب الانتشار الواسع للمعطيات الشخصية في المجال الرقمي.

وأضاف خلال ندوة عقدت اليوم الثلاثاء، بشراكة مع اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، أنه مع تنامي التقنيات الحديثة وتطورها زادت المخاطر والتهديدات على الخصوصية وأصبح من الضروري محاصرة التقنيات الجديدة في انتهاك المعطيات الشخصية.

وفي هذا الإطار، يوضح المتحدث، اعتمد المغرب عدة قوانين دولية ووطنية تهدف إلى حماية الأشخاص الذاتيين اتجاه المخاطر المرتبطة بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. وهي قوانين وتشريعات جاءت في سياق رد الفعل على ازدياد أعمال جمع وتخزين ونقل وتبادل المعطيات الشخصية عن طريق التقنيات والتكنولوجيا الحديثة.

وأضاف ميارة، أن التركيز المتزايد على حماية خصوصية المعطيات كان له صدى جلي في مداولات ونقاشات الأجهزة الأممية لحقوق الإنسان. ففي عام 2015، أنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية جديدة للمقرر الخاص بشأن الحق في حماية الخصوصية. ومنذ ذلك الحين، يقوم مجلس حقوق الإنسان بانتظام، باعتماد قرارات بشأن الخصوصية في العصر الرقمي على شكل توصيات للدول والشركات.

وفي ذات السياق، يؤكد رئيس مجلس المستشارين في كلمته، بأن المغرب على غرار العديد من الدول الديموقراطية أعطت أهمية خاصة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ومنذ بداية القرن الحالي يبرهن المغرب عن إرادته الثابتة باحترام حقوق الإنسان وحمايتها وذلك من خلال عدد من الاصلاحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية.

وأكد ميارة، أن بلادنا اليوم على إطار دستوري وقانوني ومؤسساتي مهم يتمثل أولا، في الفصل 24 من دستور 2011 الذي ينص على الحق في حماية الحياة الخاصة.ثم ثانيا  القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي بموجبه تم إحداث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي كسلطة إشراف ومراقبة.

مشيرا إلى أن القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي أقر، لأول مرة في بلادنا، جملة من المقتضيات القانونية الهادفة إلى حماية الهوية والحقوق والحريات الفردية والجماعية والحياة الخاصة من كل ما من شأنه أن يمس بها عبر استخدام المعلوميات. ويحدد القانون، من بين عدة أمور أخرى ، الحق في الولوج إلى القواعد التي تتضمن المعطيات الشخصية، والتعرض على بعض عمليات المعالجة، وطلب تصحيح المعطيات الخاطئة أو مسح المعطيات التي انتهت صلاحيتها أو التي تم تحقيق الغاية من معالجتها.

وأبرز ميارة، أن المغرب باعتماده هذا القانون، يعد واحدا من الدول الأولى في شمال أفريقيا والمنطقة العربية والإفريقية التي تتوفر على نظام كامل للحماية، وإحدى الوجهات الآمنة في مجال تداول المعطيات الشخصية دون أن نغفل القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. الذي تضمن أيضا مقتضيات خاصة بحماية الحياة الخاصة، أضيفت إلى مجموعة القانون الجنائي.

وشدد ميارة، إن تحديات العولمة والتحول إلى الرقمنة نتج عنه إنتاج حجم كبير من المعطيات ذات الطابع الشخصي وسهولة في الحصول عليها وتداولها، وفي المقابل تزايد حجم التهديدات والمخاطر التي تترتب على معالجتها وتدبيرها واستخدامها بشكل خاطئ وغير مشروع. مما يضاعف من ثقل مسؤولية رفع تحدي إرساء نظام فعال للحماية من خلال عدة مداخل من بينها فرض إجراءات قانونية صارمة ضد إساءة استخدام المعطيات ذات الطابع  الشخصي، والاعتداء على الخصوصية. كما أنه لا بد من الالتزام بتطبيق ومواكبة أرقى المعاييرفي هذا المجال، حفاظا على إمكانات وفرص الاستفادة مما يمكن أن تقدمه التقنيات الحديثة في معالجة البيانات، سواء على مستوى تطوير الاقتصاد، أو على مستوى التنمية الاجتماعية والثقافية.