بدأت رياح عاصفة التسجيل الصوتي الذي فضح مسؤولة قضائية كبيرة في الإعتدال. وأصبح البعض، عن وعي أو غير وعي، يوجه البوصلة صوب البحث عمّن سرب هذا التسجيل، وهدفه من التسريب. بدل التركيز على جعل هذه الواقعة محطة للوقوف على الشوائب التي يعتل بها  جسم العدالة بالمغرب وتنقيته منها.

وفي هذا السياق يروج بقوة وسط محامي و قضاة الدار البيضاء اسما بارزا قيل إنه هو من يقف وراء تسريب التسجيل الصوتي. لمكالمة هاتفية تدور بين رئيسة غرفة بمحكمة النقض و رئيس غرفة بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء.  و قاض بذات المحكمة. وذلك بعدما اؤْتُمن عليه (التسجيل) من أحد أطراف المكالمة المسربة.

الشخص المشار إليه، حسب مصادر “آشكاين” هو “محام بهيئة الدار البيضاء. سبق له الترافع في ملفات رأي و ملفات اجتماعية و سياسية عدة. من بينها ملف معتقلي حراك الريف و ملفات أخرى مشابهة.  وهو من أشد المناصرين والمدافعين عن استقلالية السلطة القضائية. معروف بانتمائه إلى التنظيمات المعارضة التي تتبنى المرجعية الدينية كمنطلق لمشروعها القومي”.

مصدرنا أكد أن “أحد أطراف المكالمة الهاتفية صديق مقرب لهذا المحامي. و أنه هو من سلمه التسجيل الصوتي من باب الإحتياط”. مضيفا (المصدر) “أنه غير معروف ما إن كان المحامي قد شارك المكالمة مع بعض معارفه الذين شاركوها بدورهم مع آخرين. بهدف التسريب أم بهدف إطلاعهم عما يدور داخل دواليب محكمة الإستئناف بالدار البيضاء أم لتبيان كيف ينظر بعض القضاة إلى المحامين؟”.

مضمون التسجيل الصوتي

التسجيل الصوتي، عبارة عن حوار دار بين رئيسة غرفة لمحكمة النقض ورئيس غرفة الجنايات بمحكمة البيضاء. ومضمون الحوار الذي جرى بينهما يتحدث عن وجود “سماسرة” وعبارات تمس بسمعة بعض المحامين.

وورد في تسجيل ، حديث قاضية بمحكمة النقض إلى هيئة قضائية. بما فيهم رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء. حيث تخبره بملف حدثين بريئين تعرض ذويهم إلى الابتزاز من طرف محامية طلبت منهم مبلغ 25 ألف درهم مقابل التدخل لدى الهيأة القضائية للحصول على براءتهما.

وتشير القاضية المذكورة، أن “المحامية التي اعتبرتها تسيء لسمعة القضاء والقضاة، المعروفة بعملها كوسيط. وعند علمها بأن ملف الحدثين تأجل إلى شتنبر المقبل. أخبرت الأم، أن ذلك بسبب رفضها الأداء بالمبلغ المالي الذي طلبته مقابل حل الملف مع الهيئة القضائية التي تتابع القضية“.

وفي جوابه على كلام القاضية، استنكر رئيس غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ذلك. بقوله “لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم هذا هو المشكل أستاذة كينصبو على الناس بإسمنا”. فتجيبه القاضية بمحكمة النقض “هادشي علاش بغيت نعلمكم أستاذ (غ) باش تردو معاها البال متكونوش لعبة بين يديها حنا مع تطبيق القانون ومع العدالة…”.

اتهاملت بالجملة للمحامين

وردت القاضية أن أم الحدثين امرأة “شلحة ” أي امازيغية “مات راجلها وبقات حاضنة على وليداتها وخدامة في الميناج عند أحد اليهود المغاربة وأنها فقيرة. حيث طلب رئيس غرفة الجنايات باستئنافية الدار البيضاء من القاضية (ن) أن تخبر الأم التي تعرضت للابتزاز من طرف المحامية المعنية. أن تزوره ليفسر لها أنه لا علاقة له ولهيئة القضاة لما طلبته من مال. مضيفا “حنا نعينو ليها محامي في إطار المساعدة القضائية ونتعاونو معاها في سبيل الله. منخليوهاش دير هاذ المحامية لي باغا تنصب عليها…”.

وأضاف رئيس غرفة الجنايات “هاذيك المحامية خطيرة سمسارة وعارفينها مخلوضة ومشبوهة”. مضيفا أنه “كان عندها توقيف لمدة ستة أشهر ومبغاتش تحشم”. مردفا أن “بحال هاذ المحامين كيوسخونا“.

ورد الرئيس على القاضية بأن تخبر أم الحدثين التي تتواصل معها بأن ترفع له طلب تقريب الجلسة”. مردفا رئيس غرفة الجنايات باستئنافية الدار البيضاء قوله ” سأوصل الرسالة للسيد الرئيس الأول ليبلغ نقيب المحامين بالأمر لأن الفلوس ضايرة على ظهرنا وحنا ما فخبارنا والو حشومة“.

وأكدت القاضية أن المحامية المعنية بموضوع الحوار “عندما لا تحصل على ما طلبته من مال. تحضر محامين زملاءها ليطلبوا تأجيل الملف. لتبين للجهة التي طالبتها بالمال أن عدم استجابتهم لطلبها هو ما حال دون حل الملف وتأجيله إلى تاريخ بعيد“.

وقال رئيس غرفة الجنايات في مكالمته “إن 90 في المية ديال المحامين كلهم نصابة وقمارة. راه حنا خدامين وسط العافية .. وبمجرد يطلع عندك محامي يقول لك غير صباح الخير وهو راه داير مع السيد يقوليه أنا دخلت عند القاضي.  حنا موسخينا المحامين خدامين وسط العافية”

المحامون غاضبون من “التسجيل الصوتي”

جدير بالذكر أن التسجيل الصوتي الذي فضح تدخل المسؤولة المشار إليها، كان قد فجر غضبا عارما وسط المحامين . الذين عقدت جمعية هيئاتهم اجتماعا طارئا لتدارس الموضوع و أصدرت بلاغا تنديديا بما جاء في الشريط. كما نظمت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب وقفة احتجاجية وطنية بمقر محكمة الإستئناف بالدار البيضاء.

كما عقدت الجمعية المذكورة لقاءً مع كل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبد النباوي. و رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، مع حضور بعض أعضاء المؤسستين، على خلفية ذات التسجيل. وخلص إلى “التأكيد على متانة و صلابة وقوة العلاقة بين القضاء و المحاماة باعتبارهما مكونين أساسيين لأسرة العدالة. مع إدانة و شجب ما ورد في التسجيل الصوتي المُسرّب من تصريحات منسوبة إلى قضاة ماسّة بنُبل وسمو مهنة المحاماة وقدسية رسالة الدفاع”.