عبد العزيز كوكاس.. غزة قبل الزّطلة

 

“كيف تريدوننا أن نضبط العدسة وعيوننا مليئة بالدموع؟” مصور أمريكي

 

في زمن الإهانة العالمية المعممة، والخذلان العام بسبب ضعف وجبن مواقف الأنظمة السياسية العربية فيما تعرفه غزة من تقتيل يومي همجي وإبادة جماعية. حيث قتل المُحتل الإسرائيلي حتى كتابة هذه السطور ما يقارب 29 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.. يأتينا خبر من القناة 12 الإسرائيلية بأن تجار الحشيش هناك يعانون من مقاطعة نظرائهم المغاربة منذ اندلاع أحداث غزة. ونقل الموقع الإخباري الإسرائيلي “ماكو” عن العديد من تجار المخدرات الإسرائيليين شكواهم من انخفاض هذه التجارة غير الشرعية مع نظرائهم المغارب.ة. وقال أحد التجار الإسرائيليين، وفق المصدر ذاته. إن “تجار الحشيش في المغرب لا يرغبون في بيع المزيد من الحشيش لنا سواء بشكل مباشر أو من خلال وسطاء. لقد قرروا أنهم يقاطعوننا بسبب الحرب.. منذ الحرب، خسرنا الكثير من المال. عشرات الملايين من الشواكل (الشيكل عملة إسرائيل)”.

الحمد لله، على الأقل وجدنا الخير في البزنازا الذين حافظوا لنا على بعض من كرامتنا. فقد سلم الحشيش المغربي من التطبيع، هكذا قاطع الحشاشون المغاربة الوسطاء الإسرائيليين، وشعارهم “غزة قبل الزطلة”. التضامن مع غزة الجريحة وأهاليها خير من بيع ربطة الكيف وميلا الحشيشة وفوائد عائداتها المالية. لقد كّبد البزنازا المغاربة التجار والوسطاء الإسرائيليين خسارة تقدر بالملايين بسبب جرائم إسرائيل في غزة، إذ يباع الكيلوغرام الواحد من الحشيش المغربي في إسرائيل بنحو 80 ألف دولار. ويمكن أن يصل سعره إلى 300 ألف شيكل (8172 دولارا)..

تجارة الحشيش حرام لكن الموقف في قضية التضامن مع غزة حلال. لن تصل النشوة التي يسببها الحشيش المغربي المعروف عالميا بجودته العالية إلى الإسرائيليين. سيحرم معاقرو الزطلة في إسرائيل من الانتشاء ونسيان ما يرتكبه جنودهم ودولتهم من فظائع يومية في غزة. لن يكون لديهم ما “يكوون” به الدماغ لنسيان فظاعات ما يرونه وما يسمعونه بما يحدث في جوارهم اتجاه شعب مجرد من حقه في الوجود والعيش بكرامة على أرضه المغتصبة.

فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقرير لها أن أحداث السابع من أكتوبر. كانت لها آثار بعيدة المدى على الصحة العقلية في إسرائيل، مشيرة إلى دراسة أجراها بشكل مشترك البروفيسور دانا تسور بيتان من جامعة حيفا. ومركز شلفاتا للصحة العقلية، والبروفيسور يوفال نيريا من جامعة كولومبيا، بحثت في التداعيات النفسية لهذه الأحداث التي تسببت في ارتفاع ملحوظ في استهلاك المواد المسببة للإدمان حيث أشار 16% من المشاركين إلى زيادة طفيفة في تعاطي النيكوتين، بينما أشار 10% إلى زيادة في استهلاك الكحول، وأبلغ 5.5% عن زيادة في تعاطي القنب، كان ذلك في الأسابيع الأولى فقط من اندلاع أحداث أكتوبر الماضي، أما اليوم فالنسبة بدون شك قد فاقت كل الحدود، والحاجة للحشيش المغربي أضحت قوية في المجتمع الإسرائيلي، وأمام مقاطعة تجار المخدرات المغاربة لنظرائهم الإسرائيليين بسبب حرب غزة، علينا أن نتصور التداعيات على التوازن النفسي لمعاقري الزطلة هناك، على الأقل لدينا أسلحة طبيعية أجاد استعمالها البزنازا المغاربة بروح قومية غير متوقعة، فلا زال في الحشيش المغربي بعض من الأنفة وذلك أضعف الإيمان..