الخطاب الملكي: لا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية

قال الملك محمد السادس إن القمة الاستثنائية العربية الإسلامية. التي دعت إليها المملكة العربية السعودية الشقيقة، تنعقد  في سياق مشحون بالتوتر واستمرار المواجهات المسلحة التي يعرفها قطاع غزة. وما تخلفه من آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. ومن تخريب ودمار وحصار شامل، في خرق سافر للقوانين الدولية وللقيم الإنسانية.

وأضاف الملك في الخطاب الملكي الذي  تلاه رئيس الحكومة عزيز أخنوش اليوم السبت. أنه  رغم ارتفاع بعض أصوات الحكمة الداعية إلى خفض التصعيد والتهدئة. لا زالت المدافع والصواريخ الإسرائيلية تستهدف المدنيين العزل. من أطفال ونساء وشيوخ، ولم تترك دار عبادة أو مستشفى أو مخيما إلا ودمرته كليا أو جزئيا.

أربع أولويات ملحة

   لقد دعونا، من منطلق التزامنا بالسلام، وبصفتنا رئيسا للجنة القدس. يضيف الخطاب الملكي، إلى صحوة الضمير الإنساني لوقف قتل النفس البشرية التي كرمها الله عز وجل. والتحرك جماعيا، كل من موقعه، لتحقيق أربع أولويات ملحة :
* أولا : الخفض العاجل والملموس للتصعيد ووقف الاعتداءات العسكرية بما يفضي لوقف إطلاق النار. بشكل دائم وقابل للمراقبة.

   * ثانيا: ضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم. وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

   * ثالثا: السماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافية لساكنة غزة.

   * رابعا: إرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية. كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.

    وشدد الخطاب بالقول إننا  أمام أزمة غير مسبوقة، يزيدها تعقيدا تمادي إسرائيل في عدوانها السافر على المدنيين العزل. ويضاعف من حدتها صمت المجتمع الدولي، وتجاهل القوى الفاعلة للكارثة الإنسانية التي تعيشها ساكنة قطاع غزة. لذا، يجب ألا نسمح بترك مستقبل المنطقة ومستقبل أبنائها بين أيدي المزايدين، فمستقبل المنطقة لا يتحمل المزايدات الفارغة، ولا الأجندات الضيقة.

مسلمات بديهية

   كما ينبغي التعامل مع هذه الظرفية الحاسمة، من منطلق المسؤولية التاريخية، التي تحتم علينا الانطلاق من بعض المسلمات البديهية:

   * فلا بديل عن سلام حقيقي في المنطقة، يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، في إطار حل الدولتين؛

   * ولا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛

   * ولا بديل عن تقوية السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن؛

   * ولا بديل عن وضع آليات لأمن إقليمي مستدام، قائم على احترام القانون الدولي والمرجعيات الدولية المتعارف عليها.

   إن تخطي هذه الأزمة وتفادي تكرارها، لن يتحقق إلا بوقف الاعتداءات على القدس الشريف، والقطع مع الاستفزازات التي تجرح مشاعر أكثر من مليار مسلم.

   لذا، كنت دائم الحرص، بصفتي رئيس لجنة القدس، على أن أثير الانتباه إلى خطورة تلك الممارسات والاستفزازات الإسرائيلية، وعواقبها الوخيمة على أمن واستقرار المنطقة برمتها.

   وبالموازاة مع ذلك، نعمل ميدانيا على الأرض، من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف، على حماية المدينة المقدسة، والحفاظ على وضعها التاريخي والقانوني ومقدساتها الدينية.

   وكما جاء في “نداء القدس” الذي وقعنا عليه مع قداسة البابا فرانسيس، فإن من واجب الجميع المحافظة على مدينة القدس الشريف، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل.

    ومخطئ من يظن أن منطق القوة يمكنه تغيير هذا الواقع وتلكم الهوية المتجذرة. وسنتصدى له على الدوام، من منطلق رئاستنا للجنة القدس، وبتنسيق مع أخينا جلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
إننا أمام مرحلة فاصلة، تتطلب من الجميع التحلي بالحزم والمسؤولية، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتقتضي تغليب منطق العقل والحكمة، لإقامة سلام عادل ودائم بالمنطقة، لما فيه أمن واستقرار جميع شعوب المنطقة.