مصطفى المنوزي..ذكرى 2 مارس 1956 المسكوت عنها و نقد مفهوم تصفية الاستعمار
إلى روح عمي علي المنوزي في ذكرى رحيله السنوية العاشرة
وروحي إبراهيم ياسين واحمد بويقبة في أربعينتهما التأبينية
حتى لا نحسم عشوائيا في بعض الأمور ذات الصلة بالتوابث والمبادئ ، يكفي أن نعلق على بعض التصرفات والتصريحات التي نعتبرها مخالفة للظرفية والسياق بأنها مجرد حق اريد به باطل ، دون ان نتنازل مجانا عن حقوق تاريخية كلفت المغاربة حيواتهم وحريتهم ، ودون أن نصنع اقرارا قد يستعمل كسابقة باسم الحق المكتسب ، فحزب الاستقلال التاريخي لما قبل فسخ عقد الحماية لم يزك بعد الحدود المصطنعة ، لأن الاستعمار كان يعتبر الجزائر امتدادا لوحدته الترابية ، ولهذه الغاية التوسعية اقتطع من تراب دول الجوار !!
من هنا فاعتذار حزب الاستقلال ينبغي ان يكون نسبيا وتجاه وحدة موريطانيا وسيادتها فقط لأن القانون الدولي يقر بها في سياق الحقوق المكتسبة باسم الشرعية الدولية ، في حين يبقى الاعتذار الحقيقي مطلقا من حيث وجوب صدوره عن الاستعمار ومهندسي خرائطه التوسعية .
فمتى سيتم الغاء شروط الجزيرة الخضراء ، ليس فقط بتصفية الأجواء السياسية ولكن باستكمال عادل لمقتضيات مطلب التحرير وتصفية تداعيات الاستعمار ؟ ولأن المناسبة شرط ؛ فإنه مطلوب توافق وطني من أجل تصحيح تاريخ فسخ الحماية ومعه ما تم تغليفه ظاهريا وهو في عمقه استعمار .فيوم 18 نونبر هو مطابق لذكرى جلوس محمد الخامس ومبايعته من قبل النخبة بتزكية من الحماية ، ليظل التاريخ الحقيقي لنسخ عقد الحماية هو ثاني مارس بالنسبة للمستعمر الفرنسي ، ثم سابع أبريل بالنسبة للمستعمر الإسباني .
وكلا الاستعمارين ظلا يعرقلان استكمال مطلب التحرر والانعتاق ، ويتواطئان بمعية النظام المغربي ، على امتداد عهد سنوات الرصاص ، لأجل تصفية فلول المقاومة وجيش التحرير ، وإبنائهم وأحفادهم الخلفاء وحاملي المشروع الوطني الديموقراطي والتقدمي ، بمن فيهم من اختاروا الانفصال بدل الصمود بدعم توابث الاتصال ، وبحكم سمعة النظام المغربي وسوء تدبير الملف واحتكاره الفوقي ، صنفت قضيتنا الوطنية التحررية من قبل الحلفاء والأعداء ضمن قضايا تصفية الاستعمار ، مما فاقم من عقدة تجزئة المغرب الكبير .
في حين فشلت الحركات التحررية المغاربية في التحول من طبيعتها الجذرية والعنيفة إلى هيئات حزبية وسياسية سلمية و ديموقراطية . مما يستدعي تقييم كل محاولات العهد الجديد إلى جلب مناصرين حقيقيين لمقترح الحكم الذاتي ، ولعل ما يجري من تطورات متسارعة في الأقاليم الجنوبية قد يتيح فرصة للاستدراك باستكمال تفعيل مقتضيات المصالحة مع الصحراء ومواطنيها ، لأن مقتضيات جبر الضرر الترابي تقتضي إيلاء الأهمية للإنسان اولا قبل الأرض ، دون أن نتجاهل أهمية مساءلة تجربة العهد الجديد مع كل المبادرات الحقوقية وديناميات الحقيقة والإنصاف وما تفرع عنها من حركات مطلبية اتخذت مسميات مختلفة ، في الداخل أو الخارج ، منها من ظل على ” خط الشهيد ” ومنها من قام بمراجعات جوهرية ضد أمر واقع ” الجمهورية العربية ” القسري ، في أفق فك الارتباط بالنزعة البسماركية للجوار والاختيارات اليعقوبية للاستعمار .
مصطفى المنوزي: رئيس منتدى ضمير الذاكرة والسرديات الأمنية